IMLebanon

مهلاً… مهلا… يا سيّد (بقلم طوني أبي نجم)

Hassan-nassrallah2

كتب طوني أبي نجم

لم يعد يخجل الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في ممارسة دور مرشد الجمهورية اللبنانية علناً على الإطلاق، لا بل بات يمارس دور مرشد الجمهوريتين اللبنانية والسورية بما لا يقبل أي شك.

ومع مفهوم المرشد الأعلى للجمهورية يسقط حق الشعب في تقرير المصير وفي ممارسة الديمقراطية وإبداء رأيه. المرشد الأعلى هو من يقرر لأنه هو من يعرف المصلحة العامة وخير المواطنين!

هكذا يجزم السيّد نصرالله في موضوع الانتخابات الرئاسية اللبنانية أن “من يمنع صاحب الحق من الوصول الى حقه معروف”! فالحق برئاسة الجمهورية لا علاقة له بالدستور اللبناني في مفهوم نصرالله ولا بانتخابات رئاسية تجري في مجلس النواب، ولا بحق النواب عمليا في اختيار من يرونه مناسباً لرئاسة البلاد. الحق بالرئاسة يمنحه “المرشد الأعلى للجمهورية اللبنانية” لمن يكون وفياً لـ”المقاومة” ولا يطعنها في ظهرها!

ولذلك فإن نصرالله يطالب اللبنانيين بالقبول بالشخصية التي لها حيثية مسيحية ووطنية في انتخابات الرئاسة. وطبعاً فإن هذه الحيثية لا تحددها استطلاعات الرأي التي تعبّر عن توجهات اللبنانيين، ولا تحددها طبيعة الأحجام الحزبية ولا رأي لبكركي فيها، ولا رأي للكتل النيابية المختلفة في منطق “الحيثية الوطنية”. فـ”الحيثية” المسيحية والوطنية يسبغها المرشد الأعلى على من يراه مناسباً فيؤهله ليكون الرئيس المنتظر!

وكما في الرئاسة كذلك في الملفات الحياتية والتشريع. المرشد الأعلى يدعو النواب الى النزول الى الجلسات النيابية لإقرار السلسلة. ليس مهما أن يرفض المسيحيون التشريع في ظل فراغ موقع رئاسة الجمهورية، لأن مصالح المواطنين أبدا بحسب المرشد. حين تكون مصالح “حزب الله” في خطر لا ضير من حرب في الداخل تقضي على كل شيء، لكن لا أهمية للمصالح المسيحية ضمن الشراكة الوطنية، فهذا يصبح تفصيلاً صغيراً!

ولأن ولاية المرشد الأعلى باتت تشمل الأراضي السورية بعد مشاركة ميليشياته في حماية نظام بشار الأسد، يعلن أيضاً أن الحل هناك يبدأ وينتهي مع الأسد. لا رأي للسوريين في الموضوع ولا لأكثر من 250 ألف ضحية سقطت ولا لملايين النازحين في الداخل والخارج. المرشد الأعلى أفتى وما على السوريين إلا الرضوخ.

صحيح أن ميليشيات المرشد الأعلى ارتكبت في الحرب السورية كل أنواع المجازر إلا أن المرشد لا يؤمن بالحل العسكري في سوريا بل بالحل السياسي، مع أنه مستعد ليفني صاحب أي رأي سياسي مخالف لرأي بشار الأسد…

ولذلك هو أكد أن الانتخابات السورية حصلت بنزاهة تاريخية، وعلى الديمقراطيات العريقة أن تتعلم من الديمقراطية السورية. وكان على وشك أن يقسم بأن “حزب الله” لم يتعاطَ لا من قريب ولا من بعيد في إجبار قسم من النازحين السوريين في لبنان على الذهاب للاقتراع لبشار الأسدفي السفارة في اليرزة. لا ليس الحزب من كان يجري الإحصاءات حولهم وليس هو من أمّن وسائل النقل وليس هو من هددهم في لقمة عيشهم في لبنان. صودف أنهم كانوا يحملون أعلام “حزب الله” وحركة “امل”، فالمنظمون ربما ظنوا خطأ أنهم يأخذون الشباب الى مهرجان لـ”حزب الله”!

لكن مهلاً… مهلا يا سيّد،

نحن لا نزال في لبنان الذي دفعنا ثمناً لحريته وحريتنا فيه آلاف الشهداء.

نحن في لبنان القديسين، لبنان البطاركة الأبطال، لبنان الذي نزل في 14 آذار 2005 ليقول لك أنت تحديداً: كلا وألف كلا.

نحن في لبنان الذي لا يخضع لو مارست كل أنواع الاغتيال والإرهاب.

نحن في لبنان الذي لا يقبل لا مرشداً أعلى ولا ولياً فقيها ولا يخضع لغير خالقه.

نحن في لبنان الحرية وحب الحياة الذي يتغلب على ثقافة الموت مهما فعلت ميليشياتك.

وكن على يقين يا سيّد حسن أنه إذا الشعب السوري الذي عانى الأمرين من ديكتاتورية وإجرام حليفك بشار الأسد انتفض ويستمر بانتفاضته رغم التضحيات الجسام ولا يقبل بالعودة الى السجن البعثي الكبير، فإن اللبنانيين الذين تعمّدوا بالحرية في مواجهة كل المحتلين عبر التاريخ وآخرهم كانوا آل الأسد، لن يكونوا أقل شأنا في مواجهتك ومواجهة مشاريعك وميليشياتك مهما بلغت التضحيات.

وتأكد أننا لن نقبل في وطن الأرز لا حرساً ثورياً ولا مرشداُ أعلى ولا ولياً فقيهاً، فهنا ترفرف أرزة عمّدناها بالدم لكي تبقى خضراء أبداً ولن تصبح صفراء ما دام فينا عرق ينبض!