IMLebanon

ها هي “داعش” في بيروت يا سيّد… هل تعلم؟! (بقلم رولا حداد)

da3esh-iraq

 

بقلم رولا حداد

في 17 حزيران 2014 عنونت صحيفة “السفير” صدر صفحتها الأولى: “نصرالله: لولانا.. لوصلت “داعش” إلى بيروت”.

كلام الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله أتى في لقاء عقده مع قادة “كشافة المهدي” في 15 حزيران 2014، لمناسبة الخامس عشر من شعبان عبر الشاشات في الجنوب والبقاع وبيروت. وقال حرفيا “لو اننا لم نتدخل في سوريا في الوقت المناسب وفي الطريقة والكيفية المناسبتين… لكانت داعش الآن في بيروت”.

وتشاء الوقائع بعد 3 أيام فقط على نشر الكلام أعلاه أن تكذّب السيّد نصرالله. فها هي “داعش” في بيروت، وها هي تنفذ تفجيراً انتحارياً على حاجز ضهر البيدر، وها هي القوى الأمنية تستنفر من أقصى الشمال الى البقاع والجبل وبيروت من أجل مواجهة “داعش”!

ماذا يعني ذلك؟ هل يعني أن السيّد نصرالله كذب على اللبنانيين؟ حاشى أن نتهمه بذلك، فليس من شيمنا أن نتهمه بالكذب ومن المفروض أن لا يكون الكذب من شيمه. إنما هذا يعني على الأقل أن نتوقع من نصرالله إطلالة جديدة مع عبارته الشهيرة “لو كنتُ أعلم”!

فنصرالله قد يكون ظنّ أنه بإرساله المقاتلين الى سوريا للدفاع عن نظام بشار الأسد إنما يحمي لبنان واللبنانيين من “داعش” التي خلقها وأوجدها وشجعها نظام الأسد الذي أخرج معظم قادتها من سجونها، تماماً كما فعل مع شاكر العبسي الذي أرسله الى لبنان لإنشاء تنظيم “فتح- الإسلام”!

ونصرالله ظنّ على ما يبدو أنه بقتاله في القصير ومن ثم في قرى وبلدات القلمون السوري إنما يكون جنّب لبنان واللبنانيين الإنتحاريين والعمليات الانتحارية والسيارات المفخخة، وهذا ما شجّعه على التبجّح بأن قتاله في سوريا منع “داعش” من الوصول الى بيروت!

ونصرالله ظنّ على ما يبدو أن استعمال بشار الأسد لـ”داعش” قد يبقى قيد السيطرة، وبالتالي فقد تنجح المتاجرة بهذا التنظيم الإرهابي واستعماله غبّ الطلب في خدمة نظام البعث السوري عبر تخويف السوريين واللبنانيين والمجتمع الدولي منه.

لكنّ رهانات نصرالله سقطت دفعة واحدة تماماً كما يتساقط مقاتلوه في رنكوس وريف دمشق في سوريا هذه الأيام… ولا من يسأل!

ها هي “داعش” في بيروت يا سيّد!

ومن سقط على حاجز ضهر البيدر هو عنصر في قوى الأمن الداخلي، إحدى المؤسسات الأمنية الشرعية، وليس مقاتلاً في “حزب الله”. وهو سقط لأن “حزب الله” قرّر أن يقاتل في سوريا والعراق ويغرق لبنان في أتون معارك إقليمية لا ناقة له فيها ولا جمل!

والسياحة في لبنان ربما تكون انتحرت الجمعة بعد وعود بصيف يعوّض بعضاً من خسائر لا تحصى منذ 3 سنوات وحتى اليوم بسبب انغماس “حزب الله” الإقليمي. فهل يجرؤ بعد السوّاح على القدوم الى لبنان في الصيف وفي شهر رمضان وفي عيد الفطر؟

لماذا نشعر أننا نستعيد سيناريو الـ2006 منقحاً فقط لناحية تغيير العدو؟ فبعد الوعود بصيف حافل يومها اختار “حزب الله” أن ينفرد بقرار الحرب فشنّ عملية 12 تموز الشهيرة. واليوم، وفي حين ينتظر اللبنانيون الصيف الواعد بعد شحّ امتد لـ3 سنوات، ها هم مرّة جديدة متروكون لقدرهم فقط لأن “حزب الله” ينفّذ أوامر الولي الفقيه بالقتال على مساحة المنطقة من سوريا الى العراق!

كنّا نظنّ أن نصرالله طمأننا بحديثه الذي نقلته مجتزأً “السفير” عندما قال ذلك “لا يعني ذلك ان الوضع عاد الى طبيعته مئة في المئة”، فإذا بنا نجد أنفسنا وكأننا عدنا الى نقطة الصفر!

لكنّ نصرالله وفي ما لم يُنشر قال: “شو ما بينطلب منّا رح نعمل، وحيث يجب أن نكون سنكون”. وطبعاً من يطلب منهم ليس اللبنانيين أو مصالح لبنان، من يطلب منهم هو الولي الفقيه، مرشد الثورة الإسلامية السيد على خامنئي فقط!

وأضاف نصرالله: “أنا أقسم بالله أنه إذا ظهر الإمام المهدي الآن، له هنا في لبنان آلاف المستعدين للشهادة بين يديه. ونحن مستعدون أن نقدم شهداء في العراق خمس مرات على قد ما قدمنا بسوريا فداء للمقدسات لأنهم أهم بكثير”.

طيّب ماذا عنّا نحن اللبنانيين الآخرين الذين لا نؤمن بظهور المهدي ولا نريد أن نقدّم الشهداء بسبب الحرب في العراق؟ ماذا عنّا؟

وماذا لو أخطأت في حساباتك هذه؟ ماذا لو أخطأت كما أخطأت في حساباتك أن “داعش” لن تصل الى بيروت؟ هل ستقول لنا مجدداً كما قلت في الـ2006: “لو كنتُ أعلم!”