IMLebanon

“حزب الله” يعيش أسوأ أيامه على الإطلاق! (بقلم طوني أبي نجم)

hezbollah-new-1

 

منذ نشأته لم يمرّ “حزب الله” في ظرف أصعب من الذي يمرّ به حالياً. حتى في عزّ حرب تموز 2006 لم يشعر بما يشعر به اليوم. صحيح أنه بعد مرور حوالى 20 يوماً على الحرب آنذاك عانى من مشاكل جمّة على الصعيدين العسكري واللوجستي، إضافة الى الضغط الشعبي لبيئته الحاضنة بفعل حجم الدمار والخسائر التي منيت بها، لكنّ المشاعر بقيت يومها أكبر: فالحزب يدافع عن وطنه ضد العدو الإسرائيلي ويحقق معادلات جديدة في الصراع العربي الإسرائيلي تحت عنوان “حيفا مقابل بيروت”. وصحيح أن الحرب يومها لو استمرت لأيام اكثر بعد 14 آب 2006، أو ربما لأسابيع أكثر لكان الحزب في وضع لا يُحسد عليه على الإطلاق، لكنّ هذا لم يحدث بفعل أن التدخل العربي والدولي لوقف الحرب الدائرة يومها كان أكبر من اي إرادة لاستمرار الحرب.

لكن الوضع اليوم مختلف بشكل كامل. فـ”حزب الله” الذي انخرط في القتال في سوريا الى جانب نظام بشار الأسد بشكل علني منذ أكثر من عامين بات يدرك أنه يخوض حرب استنزاف من دون أي أفق، ومن دون أي نية لوقفها في السنوات المقبلة، وهو يتكبّد فيها خسائر كبيرة جداً في الأرواح وعلى الصعيد المادي أيضاً. لا بل ويدرك مسؤولو الحزب أن شعارهم القتال في سوريا لمنع وصول التكفيريين الى لبنان سقط مع الفشل الذريع في القلمون، بعد اتباع الثوار السوريين الأسلوب الذي يعرفه “حزب الله” جيدا وأتقنه في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان: حرب العصابات والكمائن. مع فارق أساسي وهو أن “حزب الله” بات هو قوة الاحتلال في القلمون حيث يتعاطف الأهالي مع الثوار الذين ينصبون الكمائن للحزب ويخوضون حرب عصابات في مواجهته ما يكبّده خسائر بشرية هائلة!

وفي موازاة خسائر الحزب في القلمون بات يدرك أن مدنه وقراه في مناطق البقاع الشمالي لم تعد آمنة على الإطلاق ويتخوّف من أن تنتقل المعارك الى قلب بيئته التي كان ادعى أنه يحميها بقتاله في سوريا دفاعاً عن بشار الأسد، فإذا به يغرقها بمئات الجثث وآلاف الجرحى العائدين من أتون المعارك السورية!

وفي الوقت نفسه برهن “حزب الله” أنه يقاتل سياسياً لإبقاء جبهة الجنوب اللبناني هادئة رغم الاعتداءات الإسرائيلية التي أعقبت إطلاق عدد من الصواريخ من الجنوب في اتجاه الأراضي المحتلة. فهو من جهة مضطر للتنصل من أي مسؤولية عن إطلاق الصواريخ وربما إدانتها أيضا، ومن جهة أخرى عاجز عن القيام بأي ردّ فعل على الإعتداءات الإسرائيلية رغم التبجح السابق لأمينه العام السيد حسن نصرالله بأن إسرائيل لم تعد تستطيع أن تقصف كيفما تريد وساعة تريد. فها إسرائيل تقصف قرى في قضاء صور من دون أي رد فعل للحزب العاجز عن فتح أكثر من جبهة في وقت واحد.

وكأنه لا يكفي الحزب كل ذلك حتى يجد نفسه مضطراً الى إرسال مجموعات الى العراق لتدريب مقاتلي المالكي هناك والإشراف الميداني على عدد من المعارك، ما يزيد من خسائره المتراكمة.

والأسوأ في كل ذلك أن تلك المعارك التي يخوضها الحزب تبقى من دون أي أفق زمني في ظل عدم اهتمام دولي واضح بإنهاء الجرح السوري المفتوح في المدى المنظور، وفي ظل انقلاب المعادلات في العراق ضد المصالح الإيرانية وبالتالي يبقى باب الخسائر مفتوحاً على الأسوأ في بيئة لم تعد تحتمل المزيد. كما أن كل رهانات الحزب ومن ورائه إيران على نتائج المفاوضات النووية مع الغرب سقطت مع الفشل في التوصل الى أي اتفاق!

ويبقى السؤال: الى متى يستطيع الحزب أن يستمرّ في خوض الحروب المفتوحة بالوكالة عن إيران؟ وألا يشعر القيمون عليه أنهم يقودون عملية انتحار جماعية من دون أي أفق؟

الثابتة الوحيدة هي أن “حزب الله” يعيش أسوأ أيامه على الإطلاق!