IMLebanon

سمير جعجع في مواجهة “الخونة والصعاليك”! (بقلم طوني أبي نجم)

samir-geagea-new

 

من تابع احتفال “القوات اللبنانية” بتدشين مجسّم الزنزانة في معراب تحت عنوان “زنزانة الحكيم… زنزانة الحريّة” أدرك بما لا يقبل أي شك أن سمير جعجع ليس من صنف الرجال الذي يتنكّر لماضيه ومسيرته فيطوي الصفحة، ونقطة على السطر.

من تابع تعابير وجه “الحكيم” خلال الاحتفال تأكد أن هذا الرجل سامح لكنه لم ينسَ أبداً. ومن استمع الى كلمته تيقّن أن جعجع عندما يقرّر المواجهة يذهب الى النهاية، من دون أي تردّد.

لهذا السبب حضّر كلمة مقتضبة في حال أرادوا أن يعدموه كما قال، وفيها أن “حافظ الأسد أكبر كاذب ومجرم في التاريخ وأنكم (أي سجانيه أدوات النظام السوري في لبنان) جبناء وصعاليك”. هي ليست جملة عابرة، بل قرار بالمواجهة باللحم الحي حتى الاستشهاد ومن دون تردد. والمفارقة أن سمير جعجع تحضّر نفسياً لكنهم، هم السجانون ومن ورائهم، لم يجرؤوا!

في المواجهة التي خاضها “الحكيم” في معتقله لم يرُق له أن ينقلوه قبل 7 أشهر من إطلاق سراحه الى زنزانة فوق الأرض. فضّل لو بقي تحت الأرض. كان يرفض المواجهة السهلة لا بل كان يريد أن ينتصر عليهم بأقسى شروط المواجهة.

والمفارقة تكمن في أنه لم يشتكِ أو “يضعف” أمام شيء باستثناء حين كان يسمع أصوات تعذيب رفاقه، قال: “هذا أمر يفوق القدرة على الاحتمال”، وكأنه كان يتمنى في سرّه لو كانوا يقومون بتعذيبه هو عوضاً عنهم.

تأثر جعجع كثيرا بكلمة كلارا رفيق سعادة. أدرك كم أنّ التزام رفيقه في الأسر رفيق سعادة انعكس معاناة وعذاب لعائلته التي فقدته 11 عاما. وشرد “الحكيم” للحظات يتخيّل آلاف المناضلين والمناضلات الذين عاشوا تجربة كلارا القاسية، فلمعت الدموع في عينيه لكنه شكر ربّه على القوة التي منحها للشباب ليصمدوا ويثبتوا في الإيمان ويبقوا على التزامهم بالقضية.

ولعلّ ما مدّ القواتيين بالثبات والقوة في مرحلة الحلّ والاضطهاد والمعتقل أن سمير جعجع كان لهم مثالاً وقدوة في المواجهة رغم قساوتها، فلم يخن ولم يتخاذل ولم يهرب وقال “يسواني ما يسوى الشباب”.

هذا لا يمنع أن في السياسة ثمة من يسأل اليوم هل سمير جعجع على حق بأن “أفضل ما يمكن أن نفعله هو ألا نفعل شيئا غير الصمود”؟ وهل الوقت هو لمصلحة لبنان والقضية؟ هذا كلام في السياسة قابل للنقاش، وهو نقاش يجري حتما داخل أروقة 14 آذار كما حتى داخل “القوات اللبنانية”. والنقاش بمجرّد وجوده أمر حيوي جداً في مواجهة معسكرات إلهية وشمولية!

يبقى أن تجربة سمير جعجع في المعتقل لم تكن سهلة على الإطلاق. ليس بسبب الزنزانة وظروف الاعتقال، وليس طبعا بسبب عدد سنوات الاعتقال الطوال، إنما بسبب طبيعة المواجهة التي خاضها بين إيمانه بالحق وبين حقدهم الذي تخطى كل الحدود، بين إرادته بالصمود مهما بلغت التضحيات وبين سعيهم الى كسره بأي ثمن، بين رهانه على الله ومنطق التاريخ وأحقية قضيته وبين رهانهم على شيطان الاحتلال وفائض الكراهية. والمواجهة كانت أولاً وأخيراً بين جعجع المؤمن بقضيته وبين مرتزقة مأجورين وعملاء لسلطة الاحتلال السوري، أسماهم جعجع “جبناء وخونة وصعاليك”. والتاريخ يسجّل أن الصعاليك والخونة لم ينتصروا ولو لمرّة على أصحاب الأرض وأبناء القضية.