IMLebanon

حذارِ أن تصبح الثورة السورية في موقع المعتدي (بقلم رولا حداد)

Syria-Revolution3

 

كتبت رولا حداد:

أيّدنا الثورة السورية منذ اليوم الأول انطلاقاً من حق الشعوب في تقرير المصير، وانطلاقاً من حق كل شعب بالحرية، حرية المعتقد وحرية التعبير وحرية التظاهر وحرية العمل السياسي.

لا أحد يمكنه أن ينكر كل الجرائم التي ارتكبها نظام آل الأسد بحق الشعب السوري منذ وصول الرئيس الراحل حافظ الأسد الى سدّة الحكم في دمشق، وصولا الى كل ما ارتكبه نجله بشار وصولا الى يومنا هذا.

كما أن أحداً لا يمكنه أن ينكر أن الشعب اللبناني دفع ثمنا موازياً، إن لم نقل أكبر من الثمن الذي دفعه السوريون أنفسهم، بسبب جرائم النظام الأسدي في لبنان الذي احتلّه ونكّل بأبنائه من كل الطوائف من دون استثناء، من المسيحيين وجرائمه بحقهم واغتيال رئيسين للجمهورية (بشير الجميّل ورينيه معوّض)، الى السنّة وتنكيلهم بهم واغتيال أكبر زعمائهم من دون استثناء (مثل رفيق الحريري ورفاقه والمفتي حسن خالد والنائب ناظم القادري والشيخ صبحي الصالح إضافة الى الجرائم الجماعية كما في التبانة في طرابلس وغيرها…) الى الشيعة عبر التآمر لتغييب أكبر إمام، الإمام موسى الصدر كمقدمة لتسليمهم الى إيران، الى الدروز فقتلت زعيمهم الأكبر ومعلمهم كمال جنبلاط…

لكل ذلك، ولأسباب كثيرة لا تُحصى، كان بديهياً أن نقف كلبنانيين الى جانب أي ثورة ضد نظام آل الأسد في سوريا بعد أن أخرجناهم من الباب العريض من لبنان في 26 نيسان 2005. ولكن أن تنقلب الثورة السورية على اللبنانيين لأن قسماً منهم يرفضونها ولا يؤيدونها، وأن يخطف سوريون جنوداً لبنانيين وان يعدموا عددا منهم، وأن يهاجموا الجيش اللبناني، وان ينتقدوا اللبنانيين رغم كل ما قدموه لهم… فهذه آخر الدنيا!

إن هذا الموضوع يشبه الى حد كبير كأن يقف جميع اللبنانيين ضد الثورة السورية لأن الجيش السوري في لبنان بكل ضباطه وعناصره من مختلف انتماءاتهم مارسوا أسوأ الممارسات بحق اللبنانيين فنكلوا بهم وعذبوهم، وسرقوا خيرات لبنان وفرضوا “خوّاتهم” عليهم. وكأنه كان يجب على اللبنانيين أن ينكّلوا بجميع السوريين النازحين الى لبنان انتقاماً من ممارسات “الجيش العربي السوري” في لبنان!

أن يوجّه الائتلاف الوطني السوري رسالة الى مجلس الأمن فيها تجنّي على الجيش اللبناني لأنها تنتقد أفعالاً قام بها الجيش من دون أن تضعها في سياقها وذكر مسبّباتها لناحية ممارسات المجموعات السورية المسلّحة، فذلك يعطي انطباعاً سيئاً عن ائتلاف وهو لا يزال في الأنبوب السياسي!

وأن يقوم إعلامي سوري مرموق عبر قناة “الجزيرة” بمهاجمة “إنجازات” الجيش اللبناني من دون أن يخبرنا عن “إنجازات” الجيش العربي السوري في الجولان المحتل أو في لواء الإسكندرون السليب، باستثناء إنجازاته في دك المدن اللبنانية والسورية على حدّ سواء بالحديد والنار، وإنجازاته في معتقلاته حيث مارس وحشية تفوق الوحشية النازية…

هذا كله حتى لا نتحدث عن “إنجازات” المجموعات الإرهابية في قطع الرؤوس وفرض نمط حياة الجاهلية في القرن الواحد والعشرين!

على الثورة السورية أن تعود الى إشراقتها التي بدأت معها، رغم كل إجرام بشار الأسد، وذلك حتى تحافظ على أملها بالحياة ولا تسقط بين فكي الديكتاتورية والإرهاب. وعلى هذه الثورة أن تدرك أنها لن تستطيع أن تبحث لها في لبنان عن جائزة ترضية ولا أن تظن ولا للحظة أنها يمكنها أن تتصرّف مع لبنان واللبنانيين بمختلف انتماءاتهم من موقع الثأر والانتقام عمّا اقترفه ويقترفه بشار الأسد بحقها، ولو كان للأسد شركاء لبنانيون!