IMLebanon

ردًا على جان عزيز حول موقف عون ومواقف ريفي و”الأخبار”! (بقلم طوني أبي نجم)

michel-Aoun-Achraf-RIfi

 

كتب طوني أبي نجم:

قرأت مقال جان عزيز في “الأخبار” في عددها بتاريخ الثلثاء 4 تشرين الثاني 2014 بعنوان “عن موقف عون ومواقف ريفي و”الأخبار”. وبصراحة لم يستفزني دفاعه عن العماد ميشال عون، لكنني أكتب رداً منعاً لأي محاولة لتضليل الرأي العام.

في دفاعه عن عون يعرض عزيز للأسباب الآتية، أوردها مع الردّ على كل سبب:

ـ أولاً: “انسجام عون مع موقفه السابق قبل أكثر من 17 شهراً، هي مدة التمديد الأخير، المفتوح غداً على ملحق يستكمل الأشهر الثمانية والأربعين”.

الرد: غريب منطق “انسجام عون مع مواقفه السابقة”، ويا ليته ينسجم مع مواقفه السابقة بين العامين 1988 و2005 من النظام السوري و”حزب الله” والسيادة اللبنانية وغيرها من العناوين التي جسّدها في أبهى حللها في شهادته أمام الكونغرس الأميركي في العام 2003. فالانسجام مع المواقف لا يكون استنسابياً وانتقائيا وبذاكرة جدّ ضعيفة.

ـ ثانياً: “تشبث عون، إيمانياً أو دعائياً، لا همّ ولا فرق عملياً، بمفاهيم حرية الناس وتكوين السلطة الشعبية السليمة وتداولها بالاختيار الحر”.

الردّ: هنا حتى جان عزيز اعتبر أن تشبّث عون بمفاهيم حرية الناس “دعائي”، والفرق شاسع جدًا بين أن يكون الأمر إيمانياً أو دعائياً والفرق كبير عملياً!

ـ ثالثاً: “مصلحة عون الطبيعية، والمشروعة وطنياً أيضاً، بالدفع إلى محاولة إسقاط مشروع التمديد. علّ الانتخابات النيابية تعود نافذة سارية وممكنة، خصوصاً بعدما ظهر أن الجيش قادر على استئصال “داعش” لبنان في ساعات. فكيف بضمان سلامة انتخابات يريدها كل اللبنانيين تعبيراً عن سلمهم وأمانهم وسيادتهم واستقلالهم؟‍! وكيف وأن انتخابات كهذه، قد تنتج مجلساً نيابياً جديداً، ورئيساً جديداً للجمهورية في الوقت نفسه. على قاعدة ما أعلنه البطريرك الراعي مراراً وتكراراً، في الاجتماعات المغلقة كما علناً: أن من يثبت تمتّعه بالأكثرية الشعبية المسيحية، يجب أن يكون هو الرئيس المستحق. وأن غبطته سيكون جاهزاً مستنفراً لخوض معركته تلك، ولرفع الصوت والعصا معاً في وجه كل من يخالف تلك القاعدة، واتهامهم جهراً بأنهم ينسفون الميثاق ويقتلون الوطن”.

الردّ: طالما أن الجيش قادرٌ على استئصال “داعش” لبنان في ساعات فلماذا إذا تبرير قتال “حزب الله” في سوريا والتهويل على اللبنانيين أنه لولا قتال الحزب في سوريا لكانت “داعش” وصلت الى جونيه؟ وطالما تؤمن أن الجيش قوي لماذا تبرير استمرار وجود سلاح “حزب الله” في المطلق ايضاً؟ أما ما أعلنه البطريرك الماروني مراراً وتكراراً وصولاً الى تهديده بـ”بقّ البحصة ورفع العصا” ضد الذين يقاطعون جلسات انتخاب رئيس الجمهورية، فهو مطالبة جميع النواب بالمشاركة في جلسات انتخاب الرئيس. وأيضاً كيف رفض ميشال عون خوض الانتخابات في الـ2013 على أساس قانون الـ1960 ويقبل اليوم بها على أساس القانون إياه؟ إن طروحات ميشال عون كلها من دون استثناء ما هي إلا مناورات تحاول أن تهدف الى إيصاله الى قصر بعبدا. وما الدليل إلا دعوة حليفه السيد حسن نصرالله قوى “14 آذار” قبيل انتخابات الـ2009 الى إجراء الانتخاب “ومن يفز بالأكثرية فليشكل الحكومة ويحكم”، وعندما فازت قوى “14 آذار” تم منعها بفائض القوة من تشكيل الحكومة. فمن يضمن اليوم مشاركة عون و”حزب الله” في أي جلسة انتخابات رئاسية تعقب انتخابات نيابية مفترضة إن لم يؤكد “الجنرال” حسم نتائجها لمصلحته مسبقاً؟

ـ رابعاً: “من أسباب عون للمقاطعة أيضاً، وللذهاب بعد المقاطعة إلى الطعن أمام المجلس الدستوري، ومع الطعن ربما إلى رفض توقيع وزرائه مرسوم إصدار قانون التمديد في “مجلس الوزراء الرئاسي”… من أسبابه في كل ذلك، حقه لا بل واجبه، في أن يسقط مسرحية الميثاقية المصلتة سيفاً فوق رقاب المسيحيين وحدهم. فمقاطعة الحريري للانتخابات تسقط ميثاقيتها فوراً. أما مقاطعة عون للتمديد فمسألة فيها ألف إنّ… حق لعون غداً، بل واجبه، أن ينسف هذه المعادلة المعتورة. فإما أن تكون ميثاقية المسيحيين معقودة لأكثريتهم الشعبية المحسومة، خصوصاً وقد رفضت بكركي تغطية التمديد. وإما أن تسقط ذريعة الميثاقية عن الجميع، وفي شتى الحالات، إلا ما نص عليه الدستور حرفياً وحصراً”…

الرد: موضوع “الميثاقية” يصح حين يكون أي طرف سياسي في أي طائفة يحتكر التمثيل الشعبي في هذه الطائفة أو يمثل الأكثرية المطلقة من هذه الطائفة كما هي الحال مع الثنائي الشيعي داخل الطائفة الشيعية، وكما هي الحال مع تيار المستقبل في الطائفة السنيّة ومع النائب وليد جنبلاط في الطائفة الدرزية. أما لدى المسيحيين فالوضع مختلف تماماً لن لا أحد يحتكر تمثيل المسيحيين المجبولين بالتنوّع. لا بل إن ميشال عون تحديداً يعاني من إشكالية واضحة داخل ما يسمّيه تكتله من خلال “انشقاق” كتلة نواب “المردة” في كل استحقاق وهم سيصوّتون لمصلحة التمديد، إضافة الى كتلة وحدة الجبل، وبالتالي فإن عون لا يمكنه ولا بأي شكل ادعاء تمثيل أكثرية المسيحيين إذا اعتبرنا عمليا أن أكثرية المسيحيين في زغرتا وبشري والكورة والبترون وزحلة وبيروت والشوف وعاليه ستصوّت الى جانب التمديد إضافة الى أقل بقليل من نصف المسيحيين في عكار وجبيل وكسروان والمتن وبعبدا وجزين (بحسب نتائج انتخابات الـ2009). وبالتالي فإن ادعاء سقوط الميثاقية عن التمديد بفعل رفض عون له هو في غير محله على الإطلاق.

في هذا الإطار، وبين هلالين أخطأ سمير جعجع عملياً، إنما ليس في تأييده للتمديد، إنما في غرقه في المزايدات الشعبوية في مواجهة ميشال عون، هذه المزايدات التي تشكل الملعب الأحب الى قلب من ادعى يوماً “هزّ المسمار السوري” و”تكسير رأس حافظ الأسد” وشنّ “حرب تحرير” مزعومة في شعبوية لم يعرف تاريخ المسيحيين في لبنان مثيلاً لها!

خطأ سمير جعجع أنه انجرّ في الآونة الأخيرة الى ملعب المزايدات مع عون من القانون الأرثوذكسي الى موضوع التمديد، وكان يجب على “الحكيم” أن يعقد المؤتمر الصحافي الذي عقده الثلثاء 4 تشرين الثاني قبل 3 أشهر ربما أو أكثر ليحمّل عون كما كل اطراف الحكومة مسؤولية عدم السعي الفعلي الى إتمام الانتخابات في موعدها الدستوري، سيما وأن الوزراء العونيين هم الذين عطلوا تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات!

وبين هلالين أيضاً، لم أفهم موقف حزب “الكتائب اللبنانية” الذي أيّد التمديد الأول في الـ2013 بوجود رئيس للجمهورية ووجود “الكتائب” خارج الحكومة يومها، ومن ثم يدّعي الوقوف موقفاً مبدئياً ضد التمديد في غياب رئيس للجمهورية وفي ظل مشاركة الحزب في حكومة لم تقم بالحد الأدنى من الخطوات اللازمة لإتمام الانتخابات!

وأخيراً، لم يتوانَ جان عزيز في مهاجمة اللواء أشرف ريفي مختبئاً خلف جمهور جريدة “الأخبار” مع العلم أن ريفي انتقد إدارة “الأخبار” ومن يشغّلها ومن ورائها ولم يتنازل جمهورها، تماما كما يميّز ريفي بين جمهور “حزب الله” وقيادته التي يدعوها يومياً الى الانسحاب من سوريا. لذلك فإنّ وضع ريفي في مواجهة جمهور “8 آذار” مناورة احتيال سخيفة لن تمرّ على أحد. فهذه الجريدة التي اعتذرت من مرافق وزير العدل لم تعتذر من ريفي شخصيًا الذي هاجمته بعنوان “خدمة ريفي للتوصيل” وتبيّن أنها ارتكبت خطيئة متعمّدة في إطار سياستها الفتنوية المعتادة، لا بل أصرت في اعتذارها المرفوض على تكرار التحريض على ريفي مستحضرة ملف شهود الزور المضحك ـ المبكي والذي تناسته “الأخبار” طوال 3 سنوات من عمر الحكومة الميقاتية يوم كان وزير العدل برتقالياً بامتياز!

وفي الخلاصة فإنّ جان عزيز، وإن أتقن حبك جمل إنشائية إلا أنه لم يتمكن من مغادرة مربّع ديماغوجيته المفروضة عليه في البلاط العوني بموجب عقود العمل والملح التي يتمتع بها… جملة وحيدة أدرجها منقوصة في خاتمة مقالته تستحق التوقّف عندها في وصفه مقاربة ميشال عون لموضوع التمديد عندما قال: “لا مبدئية تُخرج من الجغرافيا، ولا براغماتية تشطب من التاريخ”، وكان يجب أن تكون: “لا مبدئية تُخرج من الجغرافيا، ولا براغماتية تشطب من التاريخ بل ديماغوجية مفرطة تطيح بما تبقى من الحضور والشراكة المسيحية في السلطة منذ الـ1988 وحتى اليوم ودائماً وأبداً تحت شعار اللهاث خلف سراب كرسي بعبدا!