IMLebanon

سيناريوهات ما بعد التمديد (بقلم رولا حداد)

parlement-libanais

كتبت رولا حداد

انتهت همروجة التمديد للمجلس النيابي كما كان متوقعاً قبل أشهر طويلة، لا بل ربما كما كان مرسوماً منذ التمديد الأول، وذلك للحفاظ على ستاتيكو قائم لا مصلحة لأحد بالعبث به في انتظار اتضاح الصورة الإقليمية.

ولا أظنّ أن أحداً على الساحة السياسية في لبنان من السذاجة بمكان أن يتصوّر أن أي انتخابات تجري غداً قد تقلب موازين القوى بفعل توازنات داخلية وإقليمية دقيقة جداً. لا بل إن فريق 8 آذار الذي راهن بكل ما لديه على تغيير المعادلة داخلياً في انتخابات الـ2009 أصيب بنكسة كبيرة، وهذا ما دفع “حزب الله” تحديداً الى العقلنة في السعي الى التمديد وعدم الانجرار وراء طموحات العماد ميشال عون وأحلامه بأكثرية توصله الى قصر بعبدا في حين أن أقصى ما بات يتمناه طلابه هو تعطيل الانتخابات الطالبية في الجامعات لعدم كشف عورته الشعبية.

ويمكن القول إن أداء عون في موضوع التمديد أخرجه من المعادلات السياسية في ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية. فهو وإن كانت حظوظه معدومة منذ اللحظة الأولى بفعل التوازنات الداخلية والإقليمية، سواء في مقلب حلفائه أم في مقلب خصومه محلياً وخارجياً، إلا أنه خسر أيضاً الورقة الأخيرة التي كان بإمكانه أن يلعبها كناخب مسيحي أوّل.

وفي هذا الإطار، أدرك “حزب الله” أن لا مجال للاختباء خلف عون في الموضوع الرئاسي بعد اليوم بفعل سقوط أوراق عون حتى داخل فريق 8 آذار، وهو ما عبّر عنه الرئيس نبيه بري بشكل فاقع جداً يشي بمرحلة جديدة من التعاطي مع رئيس تكتل “الإصلاح والتغيير”.

في المقابل، نجح الدكتور سمير جعجع في إعادة تموضعه في موضوع التمديد مؤمّناً الميثاقية المسيحية المطلوبة، ما أبقى على دوره إن لم يكن كناخب أوّل فكطرف يتمتع بحق الفيتو على أي مرشح لا يرتاح إليه، وبذلك أبقى معراب ممرّاً أساسياً لأي مرشح رئاسي جدي.

ما تقدّم لا يعني أن الانتخابات الرئاسية حاصلة غداً، لا بل إن المؤشرات الفعلية لا تشي بقرب تبدّل المشهد السياسي الداخلي في انتظار ما ستؤول إليه صورة المنطقة، وذلك بعد التطورات المفاجئة على خط الانتخابات الأميركية. فسيطرة الجمهوريين الكاسحة في الانتخابات الأميركية النصفية، والتي لم يكن يتوقعها الجمهوريون أنفسهم، بدّلت المشهد بشكل كامل. والرئيس الأميركي باراك أوباما لم يعد قادراً على التقدّم ولو خطوة واحدة على مسار المفاوضات النووية مع إيران، لا بل إن تشدّد الجمهوريين حيال هذا الملف يفسّر الأجواء المتشائمة المخيّمة على الجولة الأخيرة من المفاوضات التي انطلقت قبل أيام. والمعادلات الأميركية الجديدة أراحت حلفاء الولايات المتحدة التقليديين في الخليج العربي، ما سيجعلهم أكثر حزما ازاء التمادي الإيراني في المنطقة. وبالتالي فإن أكثر المتفائلين يتمنى الإبقاء على الستاتيكو الحالي خوفاً من سيناريوهات أشد سوءًا.

في الخلاصة، يجب علينا كلبنانيين التأقلم مع المرحلة الانتقالية الحالية التي يبدو أنها ستطول، ما لم يبادر “حزب الله” الى فتح نقاش جدي سواء بشكل مباشر أو عبر الرئيس نبيه بري حول مرشح توافقي جدّي يعيد الاعتبار الى المؤسسات الدستورية، ويحمي لبنان بالحد الأدنى المطلوب من زلازل المنطقة التي لا يبدو أنها ستستثني أحداً. فهل يشكل الحوار المرتقب بين تيار المستقبل وحزب الله بداية للنقاش الجدي انطلاقاً من الموضوع الرئاسي؟ ممكن طبعاً، لكنّ الثابتة الوحيدة هو أن عون أضاع فرصة أن يكون الحوار حول الرئيس العتيد مسيحياً بامتياز من خلال إصراره على سياسة “أنا او لا أحد”!