IMLebanon

جديد “حزب الله” (بقلم أيمن جزيني)

hezbollah1

 

كتب أيمن جزيني

ليس من الفطنة أن يواكب “حزب الله” جلسات الحوار مع “تيار المستقبل” في اعلان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم “ليكن معلوماً لدى الجميع أننا سنكون وحيث يجب ان نكون ونحن ندرك تماماً ما نفعله ومن نواجه”، فهو حمل لبنان ما لا طاقة له به، وأدخله في مماحكات داخلية من أبسط نتائجها بقاء “الحوار” في مربع المراوحة، ومن دون استبعاد التأثير سلباً وسلفاً على الحوار بين “القوات اللبنانية” وبين “التيار الوطني الحر”.

تصريح قاسم يجب أن يُؤخذ على محمل الجد، وهو جدّد ماض لم يغب عن اللبنانيين. كان “حزب الله” في ما مضى يطل مواربة على قضايا الإقليم والدول. الآن نزع عن وجهه القناع وتصدى لكل القضايا التي أعلنت إيران مباشرة وصراحة اهتمامها بها خصوصاً الحدود السورية ـ الإسرائيلية، علماً أنه في السابق كان يحيد عن تبنّيه علناً وجوده في الجولان. وكان أمر التحييد هذا يقع في باب حسن الفطنة، على قاعدة: لا تضخم قائمة جبهاتك، ولا توسع حروبك.

في السابق كان “حزب الله” يعلن انه مستعد للتفاهم والتحالف مع كل الدول والفئات والقوى السياسية والشعبية المؤيدة للمهمة التي أناطها بنفسه حصراً: تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي. الآن كل شيء تغير. صار يفترض لنفسه أدواراً قد تطيح بالبلد الهش. ذلك أنه ما أطل قيادي من هذه المنظمة، إلا ونجح في استطالة لائحة الأعداء وتقليص لائحة الأصدقاء والمترددين من الداخل والخارج. خطابه المستند الى قوة صاروخية تباهى بها السيد نصر الله أصبحت هي من يحدد مصالح لبنان الديبلوماسية والسياسية والاقتصادية.

جديد “الحزب” بات واضحاً لشدة ما تكرر قولاً وممارسة. فهو ينظر إلى شركائه بعين المزدري والمحتقر لرؤيتهم ومصالحهم. فهو يسعى إلى هيمنة لا رادع لها على البلد. وكل المطلوب من اللبنانيين جهوزيتهم لـ “إقتصاد المقاومة” بعد الخسارة المبينة لكل العلاقات العربية والدولية، اللهم إلا مع آل الأسد ونظام ولاية الفقيه في إيران.

والمثير في سلوك الحزب انه لم يدع باباً مع الخارج إلا وأقفله، من دون أن يقيس نسبة الخسارة الصافية التي تحل باللبنانيين جميعهم من دون استثناء. كل هذا وملهمته إيران تتضرع لله العلي القدير ليمنّ عليها برضى الديبلوماسية الدولية.

يفهم اللبنانيون يقينًا أنّ إسرائيل عدوتهم، ويفهمون أيضّا أن اميركا قد تكون عدوتهم، لكنهم لا يفهمون كيف يمكنهم تحمل التماس على جبهة الجولان المقفلة منذ اكثر من اربعة عقود؟ وكيف يمكن لهم معاداة البحرين وسائر دول الخليج أو ان يقودوا العالم كله؟ وكيف يمكنهم الصمود، في ما لو ناصبت هذه الدول العداء لبلاد “ثورة الأرز” الموقوفة؟

لم يحدث في تاريخ البلد أن خرجت فئة منه لخوض حروب آخرين. ذلك أن لبنان يكاد يكون البلد الوحيد في العالم الذي لم يكن لديه أي طموح توسعي أو رغبة بدور ما في بلد آخر.