IMLebanon

وتغيّرت المعادلات في المنطقة (بقلم رولا حداد)

arab-flag

لم يكن أكثر المتفائلين بين الجماهير في الدول العربية يأمل بأن تحسم الدول العربية أمرها بقيادة المملكة العربية السعودية وتتصرّف عسكرياً في اليمن.

قبل 26 آذار كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية تراهن كالعادة على التخاذل والتردد العربيين. جرّبت طهران الدول العربية مراراً، بدءًا بالعراق الذي استباحته بشكل كامل وأشبعته ممارسات مذهبية من خلال الموالين لها على رأس الحكومة العراقية، مرورا بسوريا حيث استباح الإيرانيون وميليشياتهم وحرسهم الثوري دماء السوريين، ومرورا بلبنان حيث انهم متهمون باغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عبر “حزب الله” الى سلسلة اغتيالات أخرى كما نفذوا عبر الحزب نفسه انقلاب 7 أيار 2008 وانقلبوا لاحقا على اتفاق الدوحة قبل أن يحاولوا أن يسيطروا على الحكومة وفشلوا بعد 3 سنوات، وصولا الى الانقلاب العسكري الشامل الذي نفذوه في اليمن عبر الحوثيين في محاولة لاستكمال بسط سيطرتهم على 4 عواصم عربية!

لكن ما بعد 26 آذار لا يمكن أن يكون كما قبله، واستطاعت السعودية بقيادة الدول العربية المشاركة في عملية “عاصفة الحزم” أن تفرض تغييراً شاملاً في المعادلات الإقليمية سيُبنى من الآن وصاعداً على قواعد مختلفة، وأهمها:

ـ تطبيق عربي فعلي لمبدأ “العين بالعين والسنّ بالسنّ والسلاح بالسلاح… والبادي أظلم”. فلم يعد باستطاعة إيران تحريك الحرس الثوري وميليشياتها في الدول العربية كما تشاء، الحوثيين في اليمن و”أبو الفضل العباس” وقوات الحشد الشعبي في العراق و”حزب الله” في لبنان وخارج لبنان، من دون أن تلقى ردّا عربياً عسكرياً مباشراً. وها إن الدول العربية تعلن عن إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة لمواجهة التحديات التي تواجه أمن الدول العربية، إضافة الى إعلان المسؤولين العسكريين عن عملية “عاصفة الحزم” أن هذه العملية لن تتوقف قبل استسلام الحوثيين وتسليم أسلحتهم الى الشرعية اليمنية. وبالتالي، بالنسبة الى الدول العربية موضوع اليمن محسوم ولن تجري أي مساومة مع الحوثيين ولا أي مفاوضات، والمطلوب الاستسلام وتسليم السلاح قبل أي خطوة أخرى. وبالتالي خسر الرهان الإيراني في اليمن بشكل كامل وسقط حلم الوصول الى مضيق “باب المندب”.

ـ ما حصل في اليمن سينطبق تدريجياً على التعاطي مع مختلف الملفات العربية. وبالتالي فإن سعي إيران الى الهيمنة على الدول العربية سيفشل، وحلم إقامة الامبراطورية الإيرانية سيسقط الى غير رجعة. والتعاطي العربي بقيادة المملكة العربية السعودية مع الملفات العربية الساخنة، وتحديدا في العراق وسوريا ولبنان سيختلف بشكل كبير. وفي مؤشر واضح لنمط التعاطي فإن عملية “عاصفة الحزم” لن تنتهي سريعاً بل سيتم استكمالها حتى تحقيق أهدافها كاملة.

وبالتالي، فإن إيران ستجد نفسها مضطرة الى تقديم تنازلات في أكثر من ملف وستعود الى طاولة الحوار مع المملكة العربية السعودية على قاعدة الاستجابة للمطالب العربية. وهذا يعني بشكل أساسي حل الملف السوري بدءًا بخروج الرئيس بشار الأسد من السلطة، وتسهيل الانتخابات الرئاسية في لبنان وتراجع “حزب الله”، إضافة الى إعادة الشراكة الفعلية في العراق بعيداً عن الممارسات المذهبية التي طبعت المرحلة الماضية.

إن إيران باتت اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما: إما خيار الانتحار في حال قررت الذهاب الى مواجهة عسكرية مع الدول العربية مجتمعة، وإما خيار التعاون مع الدول العربية وذلك عبر تقديم تنازلات موجعة في أكثر من ملف. فإلى أي خيار ستلجأ طهران؟