IMLebanon

نقاش هادئ في خطاب نصرالله (بقلم رولا حداد)

hezbollah-nasralla

 

لا أستطيع إلا أن أكّن احتراماً كبيراً للأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله على الصعيد الشخصي، نظراً لموقعه الديني بالدرجة الأولى، ونظراً الى ما يمثله من حيثية لدى شريحة من اللبنانيين لا يمكن تجاهلها على الإطلاق.

ولكن، وفي المقابل، هذا الموقع الديني للسيد نصرالله إضافة الى ما يمثله شعبياً يحتّمان عليه من دون أدنى شك أن يحترم عقول اللبنانيين في كل إطلالاته الإعلامية ومقارباته للملفات الداخلية والإقليمية المعقدة والمتشابكة. وهذا للأسف ما لم يحصل في إطلالات نصرالله الثلاثة الأخيرة في أقل من أسبوعين، والتي خصصها للملف اليمني بعد انطلاق عملية “عاصفة الحزم”.

وكوننا نتعاطى مع ملف إقليمي، فإن أبسط الأمور تكمن في إجراء مقارنة بين تعاطي نصرالله مع الملف اليمني وتعاطيه مع الملف السوري.

نصرالله سأل في إطلالته الأخيرة هل فوّضت الشعوب العربية السعودية للتدخّل عسكرياً في اليمن؟ وهذا السؤال على الصعيد النظري مشروع، ولو أنه أغفل أن التدخل العسكري السعودي لم يكن تدخلاً أحادياً، بل أتى بتنسيق عربي شمل 10 دول عربية تشارك في “عاصفة الحزم” التي انطلقت بناء على طلب رسمي من الرئيس اليمني الشرعي عبد هادي منصور ربه الى جامعة الدول العربية. وبالتالي فإن ثمة حدّاً كافياً من الشرعية اليمنية والعربية لتغطية العملية العسكرية.

في المقابل فإن السؤال المشروع الذي لم يجب عنه نصرالله يوماً هو من فوّضه للذهاب الى سوريا والمشاركة في القتال الى جانب نظام بشار الأسد ضد الشعب السوري؟ هل حصل على تفويض من اللبنانيين؟ أم من الحكومة اللبنانية؟ أم من جامعة الدول العربية أم من مجلس الأمن؟ وكيف يحق لنصرالله وحزبه أن يعتبرا أن ثمة تهديداً إرهابياً فرض عليهم القيام بقتال استباقي في الداخل السوري، مع العلم أن الثورة السورية بدأت سلمية بالكامل وحجج نصرالله ليست مقنعة على الإطلاق، ولا يحق للمملكة العربية السعودية ودول الخليج العربية ومصر أن تعتبر أن ثمة تهديداً إيرانياً عبر الحوثيين في اليمن ليس فقط لاستقرار دولة عربية عضو في جامعة الدول العربية، بل أيضاً ثمة تهديد للمضائق، وخصوصا “باب المندب”، وهو ما يشكل خطاً أحمر لا يمكن المساومة عليه.

السيد نصرالله سأل أيضاً هل يجوز أن تُشنّ “عاصفة الحزم” من أجل إعادة الرئيس عبد هادي منصور ربه الى السلطة في اليمن؟ أولم يكن الأجدى بنصرالله أن يسأل هل يُعقل أن يشارك في قتل أكثر من 300 ألف سوري وفي تهجير الملايين من أجل إبقاء الرئيس يشار الأسد في السلطة؟!

أيضاً يعتبر نصرالله أن السعودية تقوم بقتل المسلمين في اليمن، وأن هذا لا يجوز. وفي الوقائع أن أرقام القتلى في اليمن بحسب مصادر الحوثيين لم تبلغ الـ3000 قتيل حتى اليوم. في المقابل فإن القتلى في سوريا منذ انطلاق الثورة في آذار 2011 تخطى الـ300 ألف قتيل على الأقل إضافة الى مئات الآلاف من المصابين والمخفيين وملايين النازحين خارج وداخل سوريا. فهل هؤلاء في أكثريتهم الساحقة من المسلمين أم من غير المسلمين؟ وكيف يشارك نصرالله بقتلهم؟ وهل ثمة من لم يشاهد أفلام تقطيع أوصال السوريين ودفنهم أحياء بعد الطلب إليهم أن يعلنوا أن “لا إله إلا بشار”؟ وهل يقبل الدين الإسلامي بقصف المدنيين بالأسلحة الكيماوية وبالبراميل المتفجرة؟ وماذا عن قتل الأطفال واغتصاب النساء وغيرها من الجرائم التي مارسها شبيحة بشار الأسد؟ ماذا عن حمزة الخطيب واكثر من 10 آلاف ضحية في التظاهرات السلمية قبل عسكرة الثورة؟

لن أطيل في نقاش خطاب السيد حسن نصرالله الحافل بتناقضات لا تنتهي، ولكن ما سبق يشكل نموذجاً بسيطاً عن محاولاته استغباء عقول اللبنانيين والعرب خدمة للمشروع الايراني في المنطقة. فرجاءً يا سيّد أظهر لنا بعض الاحترام لعقولنا فنكون لك من الشاكرين!