IMLebanon

مرشّح واحد ينافس سامي على الرئاسة وقدامى “الكتائب” يحضرون لمؤتمر معارض

sami-gemayel

كتبت رلى ابراهيم في صحيفة “الأخبار” أن  الصحافي بيار عطالله خرق مشهد انتخابات رئاسة حزب الكتائب عبر اعلان ترشحه ضد النائب سامي الجميل، فيما يحضر كتائبيون عتيقون لعقد مؤتمر معارض بالتوازي مع المؤتمر العام ينقض حق سامي برئاسة الحزب وتحويل النظام من ديمقراطي الى ديكتاتوري يشرعن “التوريث”

لم يكد الرئيس أمين الجميل يعلن عدم ترشحه لرئاسة حزب الكتائب حتى بادر الأمين العام ميشال خوري، سريعا، الى نشر ديمقراطية النظام المناهض في مادته السابعة “للظلم والاستبداد والطغيان والاقطاعية”، عبر الدعوة والالحاح على الكتائبيين بتقديم ترشحهم لمن يرغب ويرى في نفسه صفات القائد. غير أن فائض الديمقراطية ومساواة كل الكتائبيين ببعضهم لم تفض الى طابور كتائبيين يحتشدون لتقديم ترشيحاتهم. واقتصر المشهد على مرشح واحد يدعى بيار عطالله، فيما لم يتقدم النائب سامي الجميل بطلب ترشحه رسميا حتى الساعة.

لا حظوظ فعليا لصحافي عتيق في جريدة “النهار”، وكتائبي منذ العام 1977، بمنافسة ابن رئيس حزب “الله والوطن والعائلة” ومندوبيه. الا أن عطاالله أراد بهذا الترشح التأكيد على نقطتين، كما يقول في حديثه الى صحيفة “الأخبار”: أولاها “تسجيل موقف لدى كل الذين يدّعون أن لا ديمقراطية في حزب الكتائب من حزبيين ولاحزبيين”؛ وثانيتها، “حقي الطبيعي بالترشح ضد سامي اذ املك من المؤهلات بقدر ما يملك”. وفعليا ربما يكون عطاالله مؤهلا أكثر من الجميل الابن في شغل منصب الرئاسة نظرا لتدرجه في الحزب بصورة طبيعية منذ بداية مشواره الكتائبي في مصلحة الطلاب في ثانوية الأشرفية، ثم رئيساً لخلية كلية الأداب في الجامعة الأميركية في بيروت (العام 1982)، ليصبح بعدها رئيس خلية في الأشرفية. غير أن اللافت هنا أن عطاالله علّق كتائبيته على أعتاب اتفاق الطائف، ليصبح عونيا مؤيدا لخيار قائد الجيش آنذاك ميشال عون، ويتابع مناهضته للوجود السوري أكان من خلال مقالاته أو المشاركة في النشاطات الحزبية، الى حين احتجازه وسجنه في أواخر العام 1996. يومها أنقذته عضويته في “مراسلون بلا حدود” من قرار ظني يمهد لاعتقال طويل، ونفي الى فرنسا حيث تابع نشاطه السياسي من خلال عضويته في جمعية حقوق الانسان والحق الانساني، جمعية “سوليد”، والمقالات الدورية في “النهار”. وهو، بالمناسبة، صاحب فكرة المنشور الذي كان يرسله عون من فرنسا الى العونيين في لبنان، وواحد من الذين واكبوا عون في الطائرة التي أقلته الى بيروت عام 2005. انتهت مفاعيل “عونيته” عام 2008 حين “دبّ الحنين الى الكتائب” مع عودة النائب سامي الجميل، ليعود الى استئناف نشاطه الحزبي عبر رئاسة اقليم مرجعيون حاصبيا.

وبغض النظر عما اذا كان هذا الترشح يشرعن رئاسة سامي للحزب عبر عملية انتخابية “صورية” تساهم بفوزه على عطاالله وتنقض مبدأ التوريث، الا أن الأخير يملك من الشجاعة قدراً يفتقده باقي الحزبيين ممن يعتاشون على النقد بديمقراطية الكتائب سرّا، ويتقدمون صفوف المهنئين برئاسة سامي علنا. فعليا، سيتسلم سامي الجميل الرئاسة وسط قبول كلّي من هؤلاء، اذ بعزوفهم عن الترشح والتزامهم الصمت المطلق خوفا أو حفاظا على رؤوسهم، يصبح الحديث عن وراثة او انتخاب وجهة نظر فقط لا واقعا قسريا.

وفي هذا السياق، يحضر بعض الكتائبيين العتيقين لمؤتمر معارض يعقد بالتزامن مع المؤتمر الكتائبي، سيضمّ رؤساء مصالح ورؤساء أقاليم سابقين ومسؤولين سابقين في المكتب السياسي اضافة الى شباب معارضين من مختلف المناطق “لطريقة تداول السلطة وتحويل نظام الحزب من ديمقراطي الى ديكتاتوري بحت”، على ما يقول احد المنظمين. وهو ليس لقاء لمرة واحدة بل “متكرر ومنظم وستكون له آراء سياسية، ويسعى لمنافسة الحزب الى حين تحقيق الاهداف عبر انشاء وحدات في الاقاليم والاقسام تباعا”.

ويعتمد خطه السياسي على خط الكتائب التاريخي المذكور في وثائق مؤتمرات الحزب المتعاقبة ومشاريعه الرسمية، “لا خط الكتائب اليوم الذي حاد عن هذه المبادىء”. ويوضح أحد أصدقاء بشير الجميل، قائد ثكنة الأشرفية السابق الكتائبي ميشال جبور، أن اللقاء سيضم أسماء كبيرة من كل الأقاليم وهدفه “الطعن برئاسة سامي واظهار استنسابية أمين في تطبيق النظام. فالحدث اليوم ليس مناطقياً كتوريث النائب وليد جنبلاط الرئاسة لنجله تيمور، بل هو يتعلق بتوريث حزب وطني مرّ فيه أهم رجالات لبنان بعد أن تمّ تأسيسه بفضل الشهداء والأيتام والأرامل”. لا يشك جبور للحظة في فوز سامي بالرئاسة، لا لشعبيته قط، بل لأنه “تم تعيين مندوبين للتصويت له فتحول الى حزب من الضباط من دون عسكر. وقد آثر أمين ابعاد الكبار أمثال ادمون رزق وجوزيف الهاشم ومنير الحاج وخليل نادر وجورج قسيس وأنا وغيرنا الكثير تسهيلا لانطلاقة سامي”. ويختم جبور بالاشارة الى “أننا لن نسمح أن يدار الحزب بالناضور والهيليكوبتر. نحن كتائبيون لأن الكتائب حزب وكيان دافع عن لبنان ضد من سعى لأخذه وخرج منه رجال أمثال الياس ربابة ولويس بو شرف وأنطوان جزار وأنطوان معربس”. يسأل: “وينو هيدا الحزب اليوم ومع مين ومين معو؟ كان الحزب أغنى من الوقف الماروني، في كل ضيعة كنا نملك بيتا وأراضي ومؤسسات كلها تمّ بيعها. وين راحت العقارات، وهل انعمل من هالمصاري حزب؟ كل ذلك لم يكن سوى هدر من أجل بناء مجد باطل”.

في المؤتمر الكتائبي الذي سيعقد على مدى ثلاثة أيام (12 و13 و14 حزيران)، ينتخب الكتائبيون رئيس جديد للحزب ونائب رئيس ومكتب سياسي وغيره من المناصب. كما سيتخلل المؤتمر كلمة للنائب سامي الجميل تكون بمثابة خريطة طريق لعمله في ولايته المقبلة وخطاب سياسي يتحدث فيه عن رؤيته الخاصة في ما خص مجمل الأمور من تحالفات وطموحات. ويقول أحد الكتائبيين أن الجميل سيستعيض عن الفدرالية بطرح فكرة موازية لها تحت مسمى آخر سيدعى “المناطقية” نظرا الى استحالة تحقيق فرز ديمغرافي في الأقضية. والمناطقية عبارة عن “مجالس محلية تنشأ في الأقضية بصلاحيات واسعة لتعزيز وجود الكتل الديمغرافية من دون فرز”. وأخيرا، قام الكتائب بتوزيع استمارة على الحزبيين تتضمن أسئلة في الشق الاداري أبرزها المعايير التي يجب اعتمادها لتعيين رئيس القسم ورئيس الاقليم ورئيس المصلحة ورئيس الخلية؛ وما الذي يجذب العنصر الشاب الى الالتزام بالكتائب والانخراط في الخلية أو القسم. أما في الشق السياسي فقد تضمنت الاستمارة أسئلة حول رأي القاعدة في تموضع الحزب السياسي والامور التي يجب تطويرها في الخطاب السياسي للحزب، والتحركات التي يجب القيام بها تجاه الامور التالية: رئاسة الجمهورية وتدخل حزب الله في سوريا، العراق واليمن، والمجموعات التكفيرية. وسيتطرق الجميل خلال المؤتمر الى هذه الاستمارة مفندا نتائجها وواعدا بالسير وفق آراء الحزبيين، في مسعى لافراح الكتائبيين واشراكهم في القرار ربما في محاولة للقفز فوق تهمة “التوريث” ونشر الديمقراطية عوضا عن ذلك. وفي ما خص منصب ناب رئيس حزب الكتائب، يشير بعض المقربين من الشيخ سامي أن الأخير عرض على رئيس حزب القوات اللبنانية السابق فؤاد أبو ناضر تسلم هذا المنصب، من دون أن يحسم أبو ناضر قراره بعد أو من دون ان يسربه الى الملأ. على المقلب الآخر، يبدو أن النائب نديم الجميل استسلم لتفوق ابن عمه عليه سياسيا وحزبيا حيث اضطر الى اجراء مصالحة شكلية ونشر صورة له ولسامي مبتسمين ومتعانقين، كونه لم يتمكن من استمالة حتى مندوبي دائرة نيابته أي الأشرفية والرميل والصيفي لصالحه. علما أن نديم نفسه كان قبيل أسبوعين يستفيض بالحديث عن “الوراثة السياسية” على محطة الـ “أم تي في”، لينتقل بعدها بأسبوع الى أحضان ابن الرئيس أو الرئيس المقبل.

عشية اعلانه عدم نيته الترشح لرئاسة حزب الكتائب مجددا، تنحى الرئيس أمين الجميل وسط صمت مريب من الكتائبيين الذين لم يبادر ولو واحد منه الى التمسك به ومطالبته بالبقاء أو حتى سؤاله عن سبب تنحيه. وحده المستشار السياسي للرئيس ساسين ساسين لقطها “عالطاير” لافتاً الى أن الجميل “يريد أن يتفرّغ لإهتمامات أخرى، فهو نائب الرئيس العالمي للحزب الديمقراطي المسيحي ، ورئيس منطقة حوض البحر المتوسط في الحزب “. لا تسألوا عن طبيعة هذا المنصب وعمله ووزنه، اذ لن يأخذ بحسب ساسين من درب الكتائب كون أمين الجميل “أكثر من رئيس وسيتخذ صفة المستشار الأعلى للقيادة الجديدة وتوجيهاته ستكون ملهمة لها”، أي بمثابة الولي الفقيه لحزب الكتائب. وأحدا لا يعلم بطبيعة الحال، ان كان الجميل سيترك القيادة السياسية لنجله كليا أو اذا ما كانت الأمور ستبقى على ما هي عليه: أمين الجميل يتخذ القرارات المصيرية السياسية ويوجهها بحنكته وخضرمته، وسامي الجميل يتابع الأمور التفصيلية الصغيرة كما في السابق أم تصدر كل هذه القرارات الكبيرة والصغيرة عن لسان سامي ولكن بإلهام من “المستشار الأعلى”. غير أن العارفين بقدرات الأب والابن يجزمون بعدم قدرة الأخير على تولي مسؤوليات كبيرة تتعلق بقرارات مصيرية لافتقاده الى التكتيك السياسي الجدّي وهو ما لا يؤهله بالجلوس على طاولة حوار مثلا تضم رئيس الحكومة الى رئيس مجلس النواب الى رئيس تكتل التغيير والاصلاح الى رئيس حزب القوات اللبنانية وقيادات الأحزاب الأخرى. والأمر سيان في ما خص التحالفات عشية الانتخابات النيابية المقبلة أو توزيع الحصص خلال تشكيل حكومة جديدة. وثمة من يشبه وضع الجميل الابن بوضع الوريث الجنبلاطي، اذ ستكون الرئاسة شكليا باسم تيمور فيما قيادة الدفة ستبقى بيد النائب وليد جنبلاط الى أن يقضي الله أمرا كان معمولا به.