IMLebanon

الأسهم الصينية تترنح وسط مخاوف من كارثة وشيكة

ChinaStat

جوش نوبل

على الأقل هذه المرة تجد حكومة الصين نفسها تظهر بمظهر العاجز. لقد قذفت بكين بكل شيء تقريبا من أجل إيقاف انهيار سوق الأسهم الذي بدأ منذ ثلاثة أسابيع ولا يزال متواصلا، الذي يخشى كثيرون أن يتحول إلى انهيار شامل. ببساطة، لم تنجح تلك الجهود.

بالأمس، انخفض مؤشر شنغهاي المركب مرة أخرى بنسبة 5.8 في المائة، ما جعل الانخفاض يصل إلى 28 في المائة منذ 12 حزيران (يونيو) الماضي. على مدى أيام التداول الـ 15 الماضية، اختفى أكثر من ثلاثة تريليونات دولار من قيمة الشركات الصينية المدرجة – أكثر من قيمة أسواق الأسهم الإسبانية والروسية والإيطالية والسويدية والهولندية مجتمعة.

وتزايدت التحذيرات من كارثة وشيكة بعدما ارتفعت قيمة سوقي شنغهاي وشينزين إلى أكثر من الضعف على مدى الشهور الـ 12 الماضية، وهو اندفاع كانت تحركه كميات ضخمة من الأموال المقترضة لشراء الأسهم.

لكن الانتشار المتزايد للتمويل الهامشي يلوح الآن في الأفق كمصدر للهشاشة في السوق، بينما يضطر مزيد من المستثمرين إلى خفض خسائرهم وبيع أسهمهم في سوق تندر فيها أعداد المشترين. لذلك ظهر الإحساس الواضح بالاستعجال في جهود بكين لإيقاف حالة المد المتزايدة، لكن دون جدوى على مدى الأسبوع الماضي.

يقول إيروين سانفت، المحلل المختص بالأسهم الصينية في بنك ماكواري “هذه هي المرة الأولى التي نشهد فيها حقا مشكلة خطيرة، مع الدعم المباشر وغير المباشر للسوق”.

واكتسبت تدابير السياسة النقدية زخما الأسبوع الماضي، عندما خفض بنك الشعب الصيني أسعار الفائدة وخفض مقدار رأس المال الذي يجب أن تحتفظ به المصارف التجارية في البنك المركزي.

لكن الأمر الذي فاجأ كثيرين هو فشل دعم البنك المركزي النشط في تحقيق النتائج المرجوة. وانخفضت الأسهم بشكل حاد في بداية هذا الأسبوع، لذلك تم الكشف عن مزيد من التدابير – مثل مشاريع خطط للسماح لصناديق المعاشات التقاعدية في الدولة بشراء الأسهم، وخفض رسوم التداول.

جنبا إلى جنب مع التخفيف الجزئي لقوانين التعامل على المكشوف، فشلت تلك الجهود في السيطرة على موجات البيع، وزادت من التقلب. وبالأمس، أطلقت الجهة المنظمة تحقيقا فيما إذا كان الباعة على المكشوف قد احتكروا السوق، وقالت “إنها قد تبطئ وتيرة الإدراجات الجديدة في الوقت الذي دخلت فيه بورصة شنغهاي في منطقة السوق الهابطة”.

السؤال الكبير هنا هو ما إذا كانت سوق الأسهم في الصين تتعرض بشكل حاسم للانهيار.

ويعتقد كثيرون أنها كذلك. مثلا، خفض بنك مورجان ستانلي الأسبوع الماضي هدفه لأسهم شنغهاي لعام 2015، قائلا “إن دورة السوق وصلت إلى ذروتها”. ويتوقع بانك أوف أمريكا ميريل لينتش أن يغلق مؤشر شنغهاي المركب هذه السنة عند نحو 3600 نقطة، منخفضا عن ذروته في حزيران (يونيو) التي وصلت إلى 5166 نقطة.

والخوف هو أن شعبية هامش التمويل للشراء على المكشوف – كثير منها خارج السجلات الرسمية وبالتالي غير مرئي للجهة المنظمة – أصبحت قوة سلبية قوية.

يقول جيري ألفونسو، من شينوان هونيان للأوراق المالية، في ملاحظة له “بعد مثل هذا التصحيح الحاد، من المحتمل أن يتلقى مزيد ومزيد من المستثمرين دعوات لتسديد ما عليهم من الهوامش ونتيجة لذلك قد يكونون مضطرين لتصفية مقتنياتهم”.

ولا يزال المتفائلون يشيرون إلى الحكومة، ويعتقدون أن بقاء السوق مرتفعة أمر مضمون من قبل الدولة. وحتى عندما حذر محللون من فقاعة سوق تضخمية، خففت السلطات من القواعد من أجل السماح للمستثمرين بفتح حسابات تصل إلى 20 حساب تداول. وفي أيار (مايو) تم إنشاء 12 مليون حساب جديد، وكان حجم التداول في شنغهاي أعلى خمس مرات من الحجم في بورصة نيويورك.

وبسبب ثقتهم بدعم الدولة، حوّل المستثمرون السيولة إلى الأجزاء الأخطر والأكثر إثارة في السوق، مثل أسهم الشركات ذات الرسملة الصغيرة، كالرعاية الصحية والتكنولوجيا. ومثل هذا التفاؤل والإيمان بدعم السياسات يتعرض الآن لامتحان شديد.

إيرين تشاو، كبيرة المحللين الاستراتيجيين لمنطقة الصين لدى بنك يوليوس باير، تصف الانخفاض الحالي بأنه “نزع فتيل الفقاعة” التي تتطلب إعادة النظر بصورة جادة من قبل كثير من المستثمرين الذين يتعرضون لتراجع السوق لأول مرة.

وتقول “لقد شاركوا في الاندفاع دون تفكير في المخاطر والأساسيات. الآن، أدركوا أخيرا المخاطر، وقد لا يعودون مرة أخرى”.

إن الترسانة الدفاعية للصين لم تصبح فارغة بعد، ويتوقع كثيرون مزيدا من دعم السياسات فيما لو استمر البيع. وهذا قد يشمل مزيدا من عمليات شراء الأسهم مباشرة.

وتمتلك بكين سجلا في شراء الأسهم في الشركات الكبرى لتعزيز مؤشر شنغهاي خلال أوقات الشدة. وقد ارتفعت أسهم بترو تشاينا، أكبر الشركات المدرجة، بنسبة 12 في المائة الأسبوع الماضي. وأظهرت بيانات صدرت من قبل “إي بي إف آر” أمس الأول تدفقات بقيمة خمسة مليارات دولار الأسبوع الماضي إلى صناديق الأموال الصينية المدرجة في البورصة، بوصفها دليلا آخر على التدخل الحكومي المحتمل.

ويمكن أن تتوقف الاكتتابات العامة الأولية، كما حدث في الفترة 2012-2013، بينما يمكن أن تخفض وزارة المالية رسوم الدمغة على التداولات. ويقول محللون “إن التدابير الأوسع نطاقا، مثل مزيد من التخفيف من قبل بنك الشعب الصيني، هي أمور لا يمكن استبعادها”.

يقول ديفيد كوي، المختص الاستراتيجي لمنطقة الصين في بانك أوف أمريكا ميريل لينتش “أعتقد أن الحكومة لا تزال تمتلك العزيمة والأدوات اللازمة لوقف هذه الهزيمة. الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة. ما لم يتغير المزاج العام، ربما تضطر الحكومة لأن تصبح مشتري الملاذ الأخير”.