IMLebanon

“حزب الله” لا ينزعج من تصعيد عون

aoun-nasrallah

كتب وليد شقير في صحيفة “الحياة”:

يترقب الوسط السياسي التحركات في الشارع التي هدد بها رئيس “تكتل التغيير والإصلاح” النيابي العماد ميشال عون الأسبوع المقبل، احتجاجاً على تمرير رئيس الحكومة تمام سلام قرار صرف مبلغ 21 مليون دولار أميركي لدعم فارق كلفة تصدير المنتجات الزراعية عبر البحر أو الجو، تجنباً لتلف الإنتاج الزراعي بحكم إقفال طريق التصدير البري عبر سورية، على ر غم اعتراض وزراء التكتل وتضامن وزيري “حزب الله” معهم خلال جلسة الخميس الماضي، بحجة عدم بحث أي بند قبل البت في تعيين قائد جديد للجيش.

وهو تحرك ينوي العماد عون القيام به، لا سيما بعد دعوة سلام الى انعقاد مجلس الوزراء الخميس المقبل، تمسكاً بصلاحياته الدستورية في هذا الخصوص، معتبراً أن ما قام به في الجلسة الماضية من إصرار على تمرير قرار دعم تصدير المنتجات الزراعية، وضع حداً لتعطيل مؤسسة مجلس الوزراء، وأن هذه الخطوة دستورية طالما أن 18 وزيراً من أصل 24 وافقوا عليها.

وتقول مصادر وزارية متضامنة مع سلام إنه بسلوكه في الجلسة الماضية وضع حداً لتحكم فئة واحدة بقرارات الحكومة ولربط البلد بمسألة واحدة يصر عليها فريق واحد دون غيره، ولوقف المكايدة في معالجة الحكومة قضايا تمس حياة الناس اليومية. وتقول مصادر تكتل عون، إن دعوته المسيحيين الى النزول الى الشارع في كلمة له أول من أمس، جدية، وإن خطوات على هذا الصعيد يتم التحضير لها من “التيار الوطني الحر”.

لكن المصادر الوزارية وأخرى سياسية توقفت أمام تصريح نائب الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم، عن “أننا حريصون على استمرار الحكومة”، في اليوم نفسه الذي كرر فيه العماد عون دعوة المسيحيين الى التهيؤ للنزول الى الشارع، وأشارت المصادر الى أن اتفاقاً كان جرى بين العماد عون والأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله حين التقيا في الأول من أيار (مايو) الماضي، إذ أبلغ الأول الثاني إصراره على أولوية تعيين قائد للجيش على أي مسألة أخرى وعلى نيته القيام بتحرك في الشارع إذا لم يستجب لطلبه، وأنه ذاهب في الاعتراض الشعبي الى النهاية، فأيد نصرالله مطلبه ووعده بدعم موقفه سياسياً وفي مجلس الوزراء، لكنه أبلغه بصراحة الحرص على بقاء حكومة الرئيس سلام وعدم المسّ بها، وأن الحزب لا يمكنه في هذه الظروف الذهاب الى إطاحتها، وهو ما انعكس قراراً من العماد عون بعدم الانسحاب من الحكومة مقابل اندفاعه نحو تحريك الشارع.

وتقول المصادر إن “حزب الله” لن يساهم في تحركات عون الاحتجاجية في الشارع على رغم عدم اعتراضه على قيام “التيار الحر” بها، مقابل التزام الجنرال عدم الانسحاب من الحكومة.

“حزب الله” لا يتدخل

وتفيد المصادر السياسية بأن لا نية لدى الحزب لبذل جهد مع عون كي يبدل من أولوياته أو تحركه في الشارع وأن ممثلي الحزب في الحوار مع تيار “المستقبل” أبلغوا ممثلي الأخير في الجلسة 14 الخميس الماضي، أن عليهم السعي الى إيجاد مخرج لمطلب عون في شأن قيادة الجيش، مرددين تضامن الحزب معه والحرص على استقرار الحكومة في الوقت ذاته.

وفي حين تبقي قيادة “التيار الحر” خطوات التجييش التي ستقوم بها على الصعيد الشعبي طي الكتمان، وتسأل أوساط عدة عن قدرة مناصري عون على إبقاء تحركهم المرتقب قائماً فترة طويلة، تقول مصادر سياسية إن شعورين يتنازعان الوسط المسيحي عموماً والعوني خصوصاً: الأول يعتقد أنه مقابل تضامن الجنرال والتيار مع تدخل “حزب الله” في سورية، أخذ يسأله عما يحصل عليه المسيحيون في المقابل ولماذا لا يذهب الحزب الى التضامن مع ما يعتبرونه حقوق المسيحيين في قيادة الجيش حتى النهاية. وبالتالي يتساءل من يطرحون هذا السؤال، الى أين سنذهب نحن في التصعيد ضد الحكومة طالما الحزب لا يشارك فيه، وطالما أن رئيس البرلمان نبيه بري متضامن مع موقف سلام وقوى 14 آذار في الإصرار على اجتماع الحكومة؟ أما الشعور الثاني فيرى أن على المسيحيين أن يتقبلوا حدود الدعم الذي يلقاه تحرك عون من الحزب، نظراً الى أن الأخير يخوض معركة مصيرية في سورية يعطيها الأولوية، وأن الحزب بحربه هذه يحمي المسيحيين من التطرف التكفيري فضلاً عن أن على المسيحين أن يراهنوا على نجاح الحزب وإيران في صمودهما في سورية، خصوصاً أن الاتفاق الوشيك على النووي سيقوي موقع الأخيرة الإقليمي، لأنه سيعقب الاتفاق على النووي تحوّل إقليمي كبير، أولى نتائجه، وفق ما سبق للرئيس الأميركي باراك أوباما أن أبلغه إلى مرشد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي في رسالته الشهيرة إليه في شهر تشرين الثاني 2014، والتي أكد له فيها أن الاتفاق على النووي سيسمح بشراكة مع طهران في محاربة تنظيم “داعش”، ما يعني أن واشنطن ستعطي الأولوية لهذه المهمة لا لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. وهذا سيجعل من طهران رابحة في سورية، ما ينعكس إيجاباً على حلفائها في لبنان وعلى ترشح العماد عون للرئاسة.

وتقول المصادر السياسية إن محيط العماد عون لا يتوجس كثيراً من عدم اشتراك الحزب في تحركه الاعتراضي في الشارع، نظراً الى انحيازه الى الشعور الثاني الذي يراهن على ما بعد الاتفاق على النووي.

وتقول المصادر السياسية نفسها إن “حزب الله” ليس منزعجاً من تصعيد عون إذا كان منضبطاً تحت سقف بقاء الحكومة، وإنه غير متضرر منه لأسباب عدة، بينها أنه ضمنياً مع بقاء قائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي في منصبه وأن تحرك عون لن يؤدي إلى تغييره، وأن العلاقة بين عون وتيار “المستقبل” تتراجع، بدليل حملات وسائل الإعلام العونية المتصاعدة ضد فريق آل الحريري، فضلاً عن تصريحات بعض نواب تكتل التغيير، وهذا يغني الحزب عن مواصلة الرد على اتهامات “المستقبل” إياه بتعطيل البلاد وإطالة أمد الشغور الرئاسي واستمرار تورطه في سورية، في وقت يواصل حواره الثنائي معه برعاية الرئيس بري.

إلا أن هذه المصادر تسجل انزعاجاً عند الرئيس بري من بلوغ تصعيد عون مرحلة الحديث عن الفيديرالية، في سياق اعتراضه على هدر حقوق المسيحيين، وتتحدث عن حرج تسببه الدعوة الى الفيديرالية لدى الحزب، لم يصل الى حد مفاتحة عون في أسباب سلوكه هذا التوجه. كما يرصد بعض القوى السياسية ما إذا كان حديث عون عن الفيديرالية يلقى صدى ضمنياً لدى “القوات اللبنانية” بعد أن تضمن إعلان النيات بينها وبين “التيار الوطني الحر” فقرة تدعو الى لامركزية إدارية ومالية.

وفي كل الأحوال، فإن المصادر السياسية نفسها تترقب مدى التصعيد الذي سيلجأ إليه عون في الشارع ومدى تأثيره على الوضع الاقتصادي.