IMLebanon

أرضية الحكومة الإلكترونيّة جاهزة منذ أواخر التسعينات

e-government
سلوى بعلبكي

يكثر الحديث هذه الفترة عن الحكومة الالكترونية وايجابياتها. ولكن يخفى على بال كثيرين أن لبنان وضع الارضية لهذه الحكومة في أواخر التسعينات ليكون من اولى الدول العربية والعالمية التي خطت خطوات متقدمة في هذا المجال. ولكن يبدو أن القرار السياسي الذي غالبا ما يكون عائقاً أمام الكثير من المشاريع التطويرية، وقف عائقاً هذه المرة أمام هذا المشروع ليعيد عقارب ساعة هذه الحكومة الى الصفر.

بدأ التصور والتخطيط للحكومة الالكترونية منذ أواخر التسعينات في عهد حكومة الرئيس رفيق الحريري، اذ كان ثمة تصميم لتطوير البلاد تكنولوجياً. فعيّن لهذه الغاية المهندس ريمون خوري في ايلول 1998 كمستشار أول لوزير التنمية الادارية بشارة مرهج في شؤون تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ومنذ ذلك التاريخ، بدأ العمل الفعلي لتحضير البنية التحتية لهذه الحكومة بحيث تم وضع تصور للتحديث، علماً أنه كانت لدى وزارة الاصلاح الاداري آنذاك وحدتان: الاولى للتعاون الفني، والثانية للتطوير الاداري. وهاتان الوحدتان عملتا معاً على تعديل النصوص وتبسيط الاجراءات ووضع مؤشرات الانتاج للحكومة في موازاة العمل على دعم هذا التوجه بواسطة المكننة.
التقت “النهار” المهندس خوري الذي يشغل حالياً منصب نائب الرئيس التنفيذي في شركة “بوز ألن هاملتون”، فأشار الى أن فريق عمل وزارة التنمية الادارية آنذاك وضع استراتيجية للحكومة الالكترونية وهي موجودة حالياً على موقع “دولتي”، ووافق مجلس الوزراء عليها في العام 2002. هذه الاستراتيجية تركز على 3 أطر اساسية:
-الاطار البيئي (التدريب، التشريع والتوعية للحكومة الالكترونية). الاهم في هذا الشق هو التوقيع الالكتروني، إذ كان لبنان من أولى الدول الذي وضع المسودة ايام الوزير ناصر السعيدي في عام 2000، ووضعت على جدول اعمال مجلس الوزراء وتم الموافقة عليها وتحولت الى مجلس النواب بحيث لا تزال قابعة في ادراجه حتى اليوم.
– الجهوزية أو البنى التحتية للحكومة الالكترونية. إذ تم وضع تصور شامل لكل الشبكات الالكترونية ضمن الدوائر، وأجريت جردة كاملة لمتطلبات الحكومة في هذا المجال. وتم شراء للتجهيزات وبعض الانظمة اضافة الى قواعد البيانات، وأبرمت الحكومة اتفاقا مع “مايكروسوفت” و”اوراكل” للحصول على ارخص التكاليف للبرامج والتطبيقات.
– كيفية توفير الخدمة (الكترونية او جوالة). ولكن قنوات التواصل بين الحكومة الالكترونية والمجتمع تغيرت، لذا هناك حاجة لإعادة النظر في هذا الجانب.
إذاً الارضية الأساسية للحكومة الالكترونية جاهزة، ولكن التكنولوجيا في تطور مستمر، لذلك فإن البنية التحتية في حاجة الى تحديث. ويشير خوري الى أن العائق هو التشبيك بين الدوائر الحكومية (الربط) وتحديث التجهيزات، مؤكداً أن الاستمارات التي أعدت لم تعدل. كان من مهمات كل فريق ان يذهب الى كل الوزارات دورياً ليتأكد اذا ما كان هناك تعديل للاستمارة.
ماذا عن الكلفة؟ الكلفة آنذاك لإستراتيجية الحكومة الالكترونية كانت في حدود الـ 650 مليون دولار، وهي في معظمها من الجهات المانحة، ولكن الحكومة عجزت عن صرف الاموال وفق شروط المانحين خصوصا حيال الاصلاحات الادارية المطلوبة، فتم صرف القروض على أمور بيئية.
ورغم ان لبنان خسر فرصة بعدم تمكنه من اعتماد الحكومة الالكترونية، إلا أن خوري يعتبر أن ثمة أملاً في إعادة تجديد الدفع في اتجاهها بمشاركة مدروسة مع القطاع الخاص، إذ لا يمكن تصور الايجابيات الكثيرة في حال تم اعتمادها. من هذه الايجابيات ما هو ملموس ومنها ما هو غير ملموس. ولكن الاهم برأي خوري، ان مردود هذه الحكومة هو على صعيد تطوير المجتمع، وتوفير الكلفة التي يتكبدها المواطن من جراء ذهابه الى وزارات الدولة لإنجاز معاملاته بدل انجازها من منزله أو من هاتفه الخليوي. فضلا عن توفيرها فرص عمل للقطاع الخاص الذي لديه طاقات بشرية يفيد منها دول الخارج. كذلك المردود الاقتصادي لناحية البيئة في التخفيف من تلوّث عوادم السيارات. وتمتد ايجابيات الحكومة الالكترونية الى مؤسسة كهرباء لبنان، إذ يتوافر اليوم حلول ذكية لساعات الكهرباء في المنازل، فبدل ارسال جابي الى المنزل يمكن قراءة العداد الكترونياً من مركز المؤسسة على نحو دقيق.
ومن ضمن التسهيلات التي تقع في اطار الحكومة الالكترونية، يشير خوري الى البوابة الالكترونية على المطار التي تستخدم عبر بطاقة الكترونية تخصص لرجال الأعمال الذين يسافرون دورياً وعلى نحو متكرر، تخوّلهم الدخول الى لبنان من دون الحاجة الى المرور عبر الامن العام. وقد طالبنا بإنجاز هذه الخدمة في عام 2001-2002، ولكن تمّ رفضها لإعتبارات تتعلق بالمخيمات الفلسطينية… والمفارقة أنه يعمل بهذا النظام في الامارات العربية المتحدة، والشركة التي انجزته هي شركة لبنانية، علماً أن تكاليفه بسيطة ومردوده مرتفع.