IMLebanon

الغرب لن يقف مكتوف اليدين.. إذا لجأت إيران إلى التصعيد

iran-nuclear

كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:

ما هي الأبعاد الحقيقية لكلام مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي حول استمرار دعم إيران لحلفائها في المنطقة بعد توقيع الاتفاق مع الغرب حول البرنامج النووي، وما أبعاد معارضته للقرار الصادر عن مجلس الأمن حول الاتفاق؟

تقول مصادر ديبلوماسية مطلعة ان التفاوض الذي تم كان في الأساس على النووي، ولم تكن هناك صلاحية للتفاوض على المنطقة، وهذا الملف وُضع الآن جانباً. وإيران ستستخدم الاتفاق والقوة التي يعطيها لها، لتعزيز دورها في المنطقة. الغرب يعتبر أنّه عندما تندمج إيران بالمجتمع الدولي، ونظراً إلى حاجتها للاستثمارات الأجنبية، لا يمكن لها أن تكمل في “دعم الإرهاب”، إنّما ينبغي عليها أن تدخل في حلول في المنطقة. لكن من الصعب تحقيق هذا التوقع على المدى المنظور، إذ من المؤكد أنّ إيران ستقوى، ومن الصعب أن تتراجع عن تصلّبها مثلاً في موضوع الرئاسة اللبنانية، أو انخراط “حزب الله” في القتال في سوريا. كما أنّها لن تتساهل في مسألة إزالة رئيس النظام السوري بشار الأسد، فطهران طلبت قبل إنجاز الاتفاق النووي من روسيا تمويل الأسد التي فعلت ذلك.

الموضوع الاساس هو أنّ رفع الحظر المالي وبدء إزالة العقوبات سيباشران بعد نحو ستة أشهر، والأموال التي ستسترجعها إيران والدور الذي ستؤدّيه هذه الأموال، معطوفاً على علاقاتها الدولية الجديدة، قد يزيد من نفوذها.

لكن الغرب في المقابل، وفقاً للمصادر، لن يتساهل في إبقاء الرئيس الأسد في منصبه في سوريا، كما لن يتساهل في إزالة “حزب الله” عن لائحة الإرهاب، لمجرد توقيع الاتفاق. أي أنّه لن يتساهل في المواقف التي يدعمها، ومن ضمن الاتفاق ستزال كل العقوبات عن إيران باستثناء ما يتصل بالتهديد الإرهابي وبالأزمة السورية. إذ ستبقى العقوبات سارية. وإذا أرادت إيران استقطاب الاستثمارات الخارجية فيأمل الغرب أن يكون معلوماً لديها أنّه من الصعب عليها أن تستثمر في دعم أعمال يعتبرها هو إرهابية.

وإذا أصبحت إيران أقوى بعد الاتفاق فسيزيد ذلك الصراع في المنطقة في المرحلة المقبلة، وستقدم بالتالي، التمويل الإضافي للميليشيات الحليفة لها في لبنان واليمن والعراق وللنظام السوري. كذلك ستعمد بالتوازي إلى تحسين وضعها الداخلي اقتصادياً. إلاّ إذا وضع الحرس الثوري يده على الأموال ومنع الرئيس حسن روحاني من القرار في ذلك، وعمل على إضعافه، وهذا الأمر يحسمه تطوّر الوضع الداخلي الإيراني.

إيران في خضم زيادة نفوذها، لكن هذا لا يعني أنّ الغرب سيقف مكتوف اليدين ازاء ذلك. وهو سيعمل لمنعها من السيطرة على المنطقة. لكن في خضم ذلك يتوقع مرحلة من تأجج الصراع وليس فترة حلول. لكن الأمر لا يعني أن هناك “ديل” معيناً لسيطرة إيران على المنطقة، هناك أطراف كثيرة في العالم ستكون ضدّ زيادة نفوذ إيران، لا سيما الغرب وإسرائيل والخليج.

وفي انتقاد خامنئي للقرار الصادر عن مجلس الأمن، فهو كأنّما ينتقد الاتفاق، لأنّ القرار يمثّل الاتفاق. إنّها خطوة في اتجاه إضعاف فريق روحاني والإصلاحيين. وإذا استمر الأمر، فقد لا يسمح لروحاني بتوفير الأموال للإصلاح الاقتصادي الذي انتُخب على أساسه وفاوض على اساسه.

كميّة الأموال التي ستتوفر من إيران لدعم حلفائها في المنطقة، مرتبطة بالقرار الداخلي الإيراني، وإذا أضعف روحاني فسيقوم الفريق المتطرّف بالتصرّف بالأموال في المنطقة كما يشاء.

في كل الأحوال، إيران ستعزّز دورها في المنطقة على الأقل في المرحلة المقبلة. لكن لن تكون هناك هيمنة إيرانية نهائية، لأنّ الأطراف الدولية والاقليمية المتضررة من ذلك لن تسمح به. الصراعات في المنطقة بعد حل النووي، ستبقى مثلما هي. والأموال التي ستصرفها إيران على التسلح، قد تكون هناك جهات اخرى تصرف أكثر منها على مشروعها المضادّ لإيران، وبحسب المصادر، هناك دول تصرف على التسلح عشر مرّات المبلغ الذي تصرفه إيران لهذه الغاية. وإسرائيل أيضاً تصرف أكثر من إيران على التسلح. إنّها تصرف بنحو ملياري دولار أكثر من إيران على ترسانتها. إيران كقوة عسكرية ليست قادرة ان تسيطر على المنطقة. لديها الميليشيات، وهي ستستمر في مساعدتها، لكن ليس بفارق ضخم يؤدي الى تغيير المعادلات في المنطقة.

إنّما في الوقت نفسه لا حلول مرتقبة. وليس صحيحاً ما يتم توقعه إيجاباً، ان الحلول ستتوافر في اليوم التالي للاتفاق النووي. إذ سيبقى وضع لبنان بلا رئيس مثلما هو في المرحلة الراهنة، كما ستبقى أوضاع كل من سوريا والعراق واليمن، بالتوازي مع زيادة مساعدات للميليشيات التابعة لإيران في المنطقة. مع الإشارة إلى أنّ إيران لم توقف تزويد حلفائها بالأسلحة على الرغم من الحظر عليها.

هناك ترقب لجولة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في المنطقة، وما إذا ستحصل اتصالات حول حوارات غربية مع طهران بالتوازي بالنسبة إلى حلول في المنطقة. الغرب على الرغم من التصريحات يعتقد ان على إيران أن تدخل في حلول وسط، وانّ الأمور ستتطوّر في هذا الاتجاه. كما أنّ الأنظار متجهة لبداية سنة 2016 حيث يتوقع بدء تطبيق الاتفاق النووي وانعكاساته عملياً على الوضع الداخلي الإيراني وعلاقة إيران بالمنطقة.