IMLebanon

صفيحة البنزين دون 24 ألف ليرة

FUELING

ميليسا لوكية

 

مع تسجيل أسعار النفط أطول فترة من الهبوط قبل 20 سنة وانخفاضها منذ حزيران 2014 حتى اليوم أكثر من 50%، يمكن لبنان أن يفيد من هذا الواقع بشكل كبير، خصوصاً إذا كان التعاطي مع الموضوع فعّالاً. وفي حين أنَّ هبوط أسعار النفط عالمياً يُعتبر عاملاً يشجّع على الاستهلاك ويحسّن معدّلات النمو، لم يُظهر النشاط الاقتصادي أي تأثر إيجابي بهذا التراجع، كأن الهبوط لم يحصل أصلاً.

 

بعدما ناهز سعر برميل النفط في 19 حزيران 2014 نحو 115 دولاراً، أخذ التراجع ينهل من قيمته إلى أن وصلت حالياً إلى قرب 50 دولاراً للبرميل. وعلى رغم أنَّ الأسباب الكامنة خلف هذا التراجع تراوح بين وفرة المعروض في الأسواق نتيجة رفض الدول الأعضاء في منظمة “أوبيك” خفض سقف إنتاجها وتوقيع الاتفاق النووي الإيراني، الذي سيلحقه زيادة في إنتاج إيران بما يقارب 500 الف برميل فور بدء رفع العقوبات عن طهران، ارتفاع إجمالي عدد منصات الحفر النفطية قيد التشغيل في الولايات المتحدة والأزمة التي خلخلت اقتصاد الصين، فإنَّ النتيجة بالنسبة إلى لبنان يُمكن أن تكون واحدة: انعكاسات إيجابية على أكثر من صعيد.

ويشرح الخبير الاقتصادي غازي وزني لـ”النهار” أنَّ لبنان قادر على الإفادة من التراجع إذا عرفت الدولة كيفية الإفادة منه فعلياً، مضيفاً أنَّه كفيل بخفض الخسائر التي تسجّلها مؤسّسة كهرباء لبنان، إذ يُفترض أن تنخفض الفاتورة النفطية نحو 50%، في حين “أنّنا لم نلاحظ انخفاضاً إلا بنسبة لا تتعدّى 20% هذه السّنة”، بفعل الاتفاقات المسبقة بين مؤسّسة الكهرباء والشركات المصدّرة للنفط إلى لبنان، كالشركة الكويتية والشركة الجزائرية “سوناتراك”. ونتيجة لذلك، تفيد المالية العامة بدورها من هذا الواقع، علماً أنَّ الخسائر السنوية التي تسجّلها مؤسّسة كهرباء لبنان تبلغ ملياري دولار، وهي تشكّل 15% من إجمالي النفقات العامة من الموازنة العامة ونحو 35% من عجزها.

ويتابع وزني أنَّ انخفاض الفاتورة النفطية السنوية، المقدّرة بنحو 6 مليارات دولار، ينعكس على الميزان التجاري وميزان المدفوعات، إذ يُحسّن من وضعية الأخير ويخفّف من العجز المزمن في الميزان التجاري، ما يُلقي آثاراً إيجابية على حجم الاحتياطات بالعملات الأجنبية لدى الدولة والمصارف.

توازياً، يُخفّف تهاوي أسعار النفط من سعر صفيحتي البنزين والمازوت، وتتحسّن تالياً حياة المواطنين اليومية، وتحديداً على مستوى النقل والأمور المنزلية. ويختم وزني بالقول: “للأسف، إنَّ الإيجابيات التي يُفترض أن تطاول القطاع الصناعي لم تظهر، وخصوصاً حيال الصناعات التي تعتمد على الطاقة، بما يعود إلى ضعف الرقابة الفعلية من الحكومة وأجهزتها”.

ويذكر في هذا المجال أن تكاليف الطاقة في لبنان تشكل 5٫7 في المئة من سعر بيع 4000 مؤسسة، وهذه الاحصاءات لــ “اليونيدو” مع جمعية الصناعيين ووزارة الصناعة، وفي بعض القطاعات تصل هذه النسبة الى 30 في المئة.

 

أسعار السلع لم تتبدّل

بما أنَّ المسار الطبيعي للأمور يظهر أنَّ هبوط أسعار النفط يؤدّي عادةً إلى انخفاض تكلفة الإنتاج، وتالياً تراجع أسعار السلع الاستهلاكية، يبدو أنَّ لبنان مُستثنى من هذا القاعدة لأَّن أسعار السلع لم تتبدّل.

ويؤكد رئيس جمعية حماية المستهلكين زهير برو لـ “النهار”، إلى أنَّ الجمعية تتابع الموضوع منذ فترة، لكن التراجع في أسعار النفط والأورو لم يفض إلى هبوط في أسعار السلع بفعل طبيعة الاقتصاد اللبناني “الاحتكارية”، وكونه غير خاضع لمفهوم المنافسة السائد في العالم، والذي يعتمد على حركة السوق. أما في لبنان، فإنَّ الأسعار خاضعة “للاحتكارات المحصنة قانونياً والماركات المعروفة، إذ ثمة حركة حيوية بين مصالح التجار والطبقة السياسية الحاكمة”. وقد طالبت الجمعية مراراً بتحريك محكمة المستهلك وبعقد اجتماع للمجلس الوطني لحماية المستهلك لكي يقوم الطرفان بواجبهما في هذا المجال، لكن التعطيل الذي يطاول كلّ مفاصل الدولة حال دون ذلك.

كل ذلك يُضاف، وفق برو، إلى قانون حماية المستهلك الذي مرّ عليه 10 سنوات ونصف السنة من دون أن يتحّرك فيه ساكناً، إذ لم تصدر حتى هذا اليوم مراسيمه التنظيمية، التي تضمن حقوق المستهلك”.

أخيراً، وأمام هذه المعطيات السلبية، تُفتح للمواطنين ثغرة بسيطة يُمكن أن تعوّض لهم عن ما تتحمّله جيوبهم من تكاليف باهظة تُثقل جيوبهم، إذ يؤكّد المسؤول الإعلامي للمحروقات ومستشار نقابة المحطّات فادي أبو شقرا لـ”النهار”، أنَّ التراجع العالمي في أسعار النفط أراح المواطن وأصحاب المحطات بفعل افادة هؤلاء من تراجع الرساميل. واستناداً إلى نتائج مراقبة السوق، فإنَّ أسعار صفيحة البنزين، بحسب أبو شقرا، ستظلّ دون الـ24000 ليرة على مدار الأسبوعين المقبلين، علماً أنّ سعر صفيحة البنزين انخفض 800 ليرة أمس، وصفيحة المازوت 300 ليرة.