IMLebanon

فتحعلي: خطة كبيرة تُحاك للمنطقة 

 

mohammad-fathali-new

 

 

تساءل السفيرُ الإيراني في لبنان محمد فتحعلي في حديث لصحيفة «الجمهورية» كيف كان سيكون وضع لبنان والمنطقة لو نجحت «داعش»؟ أو كيف كانت لتكون وضعية هذه المنطقة لو تنحّى الرئيسُ السوري بشار الأسد بسهولة عن موقعه وترَك الدولة للفراغ؟عند التقويم والتحليل لا بدّ من تخطي الظواهر للوصول الى التفسير الصحيح. ومَن لا يتَّبع هذا المنهج عند بحثه في الأـمور الواقعة اليوم يصل الى تفاسير خاطئة، يؤذي بها نفسه والآخرين.

ولكي نُحلّل الأوضاع الراهنة في المنطقة لا بدّ لنا من نظرة تمتدّ الى القرن السابق بأكمله، المنطقة الغربية لآسيا وخصوصاً بلاد الشام لطالما كانت هدف القوى العظمى وشكلت على مدى مئة عام ساحةَ المتغيّرات، استغلها الغرب بأطماعه وطرقه الملتوية وضعف المسؤولين فيها لمحاربة الإسلام وشعوب المنطقة من خلالها.

وأهمّ هذه الاهداف وأخطرها كان احتلال أرض فلسطين المقدّسة وإنشاء الكيان الصهيوني غير الشرعي، بالإضافة الى تهجير المسلمين وتقسيم دول المنطقة وسرقة ثروات الشعوب فيها.

إنّ المشكلات التي تعاني منها شعوب المنطقة اليوم هي في الواقع إما نتيجة غفلة أو تفسير غير صحيح لقادة وشعوب المنطقة للقضايا الرئيسة فيها. والاعتماد على أعداء هذه المنطقة في مرحلة من المراحل، أدّى الى سلب الراحة والاستقرار من شعوبها لعقود من الزمن وتوغّلهم في المشكلات أكثر فأكثر.

في القرن الأخير عندما بدأ النفوذ الصهيوني بنواياه الخفيّة، لو انتبه قادة المنطقة وشعوبها المتحدة لِما ستؤول اليه الأمور، لواجهوا الخطر في أوّله ولكان شكلُ المنطقة مُغايِراً عمّا هو عليه اليوم.

صناعةُ المؤامرات تمتدّ الى العصر الحالي. ونحن نشهد أنّ الولايات المتحدة تسعى من خلال مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الشرق الأوسط الجديد لإعادة ترسيم المنطقة وتقسيمها.

بعض دول المنطقة عمداً أو سهواً يعمل في خضمّ المشروع الاستراتيجي الأميركي لحماية مصالح الكيان الصهيوني وأمنه. ونحن نعتبر أنّ الحوادث المؤلمة في سوريا والعراق وظهور التكفيريين والإرهاب جزءٌ من هذا المشروع. ويهدف هذا المشروع الى توسيع رقعة الكيان الغاشم وسرقة ثروات المنطقة وإيجاد دولٍ صغيرة لا تعتبر الصهيونية عدوّة لها بل تعتبر أنّ بقاءها واستمرارها مرتبطٌ بمسير هذا الكيان. ولهذه الاسباب نرى أنّ المنطقة تمرّ بمرحلة مصيرية من تاريخها.

تخيّلوا لو أنّ «داعش» والفرق ألأكثر من عشرين الإرهابية المتقاتلة اليوم في سوريا نجحت، كيف سيكون وضعُ لبنان والمنطقة؟ أو إذا تنحّى بشار الأسد بسهولة عن موقعه وترك الدولة للفراغ كيف كانت لتكون وضعية المنطقة؟

نحن منذ بادئ الأزمة أعلنّا أنّ هناك خطة لاستغلال واستثمار المطالب الشعبية لمآرب تؤذي الشعب السوري والمنطقة عموماً. لا بدّ أنكم تذكرون تحرّكات سفير الولايات المتحدة وبعض مسؤوليها داخلَ سوريا في ذلك الوقت، حيث اعتقد البعضُ أنّ الوضعَ صار بحكم المنتهي، وبحسب الخطة الرئيسة الأميركية سعوا الى الوصول الى مكاسب خاصة بهم، لذلك بدأوا بتشكيل فرق تكفيرية وتمويلها وتقديم المساندة العسكرية لها.

وإيران استمرت في التأكيد أنّ الدفاع عن حقوق الشعب لا يتمّ بتشكيل فِرق تكفيرية وتجهيزها خصوصاً أنّ الرئیس الأسد يتمتع بشعبية كبيرة بين شعبه. والملفتُ في الأمر أنّ بعض الدول التي لا تعرف طعمَ صناديق الاقتراع لمرة واحدة هي أكثر الدول المشارِكة بهذه المطالب وتدّعي دعمها لحقوق السوريين، وبناءً على ذلك دفعت بمعارضيها من الإرهابيين ودعمتهم بالعتاد والمال الى سوريا، ولضمان التخلص منهم في بعض الحالات تمّ سحب الجوازات منهم عند وصولهم لضمان عدم عودتهم.

نحن نملك خبرة مع المجموعات الإرهابية على حدودنا، والتي تشكّلت من بعض الدول التي هي نفسها اليوم ترعى الإرهابَ في سوريا. وفي ذلك الوقت لطالما أبلغنا وأوضحنا للعالم أنّ تغذية التطرّف ستؤدّي الى نتائج وخيمة، وتشهدون ونشهد أيّ فاجعة يُسبّبها الإرهاب المتطرّف اليوم.

  • ما رأيكم في الحلّ السياسي في سوريا؟

– إنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية من اليوم الأوّل أكدت الحلّ السياسي، ولكنّ البعض كان يُؤَمِّن انتقال الإرهابيين من كلّ بقاع الأرض وتجهيزهم وتأمين الدعم المالي لهم، لوضع العقبات للنظام السوري. ونحن نعتقد أنّ هؤلاء ارتكبوا خطأَين بفعلتهم هذه، أولاً، لعبوا دوراً في الخطة الأميركية إن كانوا مدركين أو عن غير عمد، وحرصوا على تطبيق الخطة الأميركية – الإسرائيلية. وثانياً، كانت تقديراتهم خاطئة عن سوريا.

النظام في سوريا شرعي وإذا أرادوا أيَّ تغييرٍ بناءً على طلب الشعب يجب أن يتمّ تحت مظلّة القانون وبناءً لرغبة الشعب السوري. وعلى رغم أنّ مناطق عدّة وقعت تحت سيطرة الإرهابيين إلّا أنّ الشعب ما زال يحمي ويدافع عن النظام في مناطقه، وإذا لم تكن هذه الحماية من الشعب لما كان لهذا النظام أن يبقى.

إنّ رؤيتنا للأحداث تشير الى وجود خطة كبيرة تُحاك، تهدف الى إعادة تقسيم المنطقة حيث إنّ هذه الخطة ستُعرّض الحياة والاستقرار ومصالح شعوب المنطقة لخطرٍ دائمٍ لا يقتصر على الوضع الحالي.

أنتم تعلمون أنّ الشعب السوري ومنذ بدء الأزمة يعاني من الهجرة واللجوء، فلماذا في هذه المرحلة تحديداً يتمّ تناول الموضوع بهذا الزخم الكبير؟ لماذا في هذه المرحلة تمّ رفع الحاجز لدفع اللاجئين في اتجاه أوروبا؟ للأسف أن يتمّ استغلال الموضوعات الإنسانية مثل قضية اللاجئين لتنفيذ مآرب سياسية. من جهةٍ يتمّ الترويج للاجئين ومن جهةٍ أخرى يستمرّ الدعم والتنسيق مع الإرهابيين.

نحن نعتقد أنّ الخدمة التي يقدّمها الرئيس الأسد و»حزب الله» بمواجهتهما الإرهاب في المنطقة، سيسجّلها لهما التاريخ، لأنهما اذا لم يقوما بما قاما به، مَن كان ليعرف كيف سيكون الوضع في لبنان والمنطقة، أو حتى أوروبا، وبناءً على ذلك نعتقد أنّ الرئیس الأسد هو الخيار الوحيد لتجاوز أزمة «داعش» والإرهاب التكفيري في سوريا.

  • ما هي آخر المواقف عن تفعيل الاتفاق النووي؟

– إنّ الاتفاق يجب أن يمرّ بمراحل التصديق اللازمة في كلا البلدين وإيران تتابع هذا الملف كما هو الحال في الولايات المتحدة. ولكن كما أعلن قائد الثورة الإسلامية لا يزال مصيرُ الاتفاق في البلدين غير معروف بعد، ولكن ما هو مؤكد أنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية تلتزم تعهّداتها.

  • كيف ترون تأثيرَ الاتفاق في العلاقات بين إيران ولبنان؟

– لدى البلدين مجالاتٌ اقتصادية متعدّدة للتعاون لم تُستثمر بعد. ونتمنّى أن تتيح الظروفُ الجديدة الاستفادة من هذه المجالات. من الجانب الإيراني الجهوزية موجودة، والقدرات التي تمتلكها من الممكن أن تسدّ بعض حاجات لبنان، وهناك سوقٌ كبير للمنتجات اللبنانية. ونعتقد أنه لا ينبغي انتظار ما سيؤول إليه الاتفاق النووي، كما لم ينتظر الأوروبيون ذلك. نحن لا نرهن علاقاتنا بأيّ دولة بأيّ عامل آخر، بل نعمل استناداً إلى المصالح المتبادَلة، ونوصي شركاءَنا الاقتصاديين بذلك أيضاً، أيْ أن يمضوا قُدُماً انطلاقاً من المنطق الاقتصادي وما تقتضيه مصلحتهم الوطنية.