IMLebanon

مستشفى الحريري الحكومي يرتّب بيته الداخلي في سبيل إعادة إحيائه

hospital-rafic-hariri
عزة الحاج حسن شيباني
تجهد الإدارة الحالية لمستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي لإضاءة الصورة السوداوية التي صوّرتها الظروف المادية والإدارية منذ سنوات، وطبعتها في أعين المرضى والمواطنين عموماً، وتحاول الإدارة إعادة إحياء هذا المرفق العام بعد مشارفته على الانهيار ووقوعه في عجز مالي يلامس 24 مليار ليرة سنوياً.
حجم العجز المالي والفساد الإداري الذي أحاط بعمل المستشفى لم يكن ليوحي ببدء خروج «المستشفى الجامعي» أو ما يحلو للبعض تسميته بـ»مستشفى الفقراء»، من أزماته تدريجياً، وإنْ كان لم يرتق بعد إلى مستواه الذي بلغه منذ بداياته، لكنّه تمكّن من لجم تطوّر العجز واللاإدارة، وبدأ ينجو بنفسه من الانهيار، فهل يمكن لهذا الصرح الطبي الكبير العودة إلى سابق عهده؟

المستوى العلاجي

ينقل المدير العام للمستشفى الدكتور فراس الأبيض في حديثه لـ»اللواء» صورة حيّة عن واقع المستشفى إدارياً مالياً وطبياً فيقول: «إنّ الكادر الطبي والتمريضي في المستشفى هو على مستوى جيد، لكن الظروف الصعبة التي مرّت بها المؤسسة انعكست بطبيعة الحال على كافة الخدمات، ومع الأسف فالمستشفى دخل في دوامة مترابطة وخطيرة، فعندما تسوء الخدمات ينخفض عدد المرضى، وبانخفاض عدد المرضى تنخفض العائدات المالية للمستشفى، وبالتالي تتّجه المستشفى الى العجز، والنتيجة أنّه لا بد من كسر هذه الحلقة المترابطة في مكان ما»، من هنا بدأت خطة الإدارة لإعادة إحياء المستشفى.

الخطة الإصلاحية

للخطة الإصلاحية التي وضعها الأبيض عدّة مراحل تبلورت بعد استشرافه واقع المستشفى من خلال اللقاءات بالكادر الطبي والإداري وبكافة العاملين فيها.
ويتركّز الهدف الأول من الخطة على إعادة التوازن الى المستشفى على المستوى المالي والاداري والهيكلي (الأبنية والمعدات والبنى التحتية).
بداية، على المستوى الاداري كان من الواضح، بحسب الأبيض، غياب النظام، وهذا كان من الأولويات، لما له من أهمية عالية في إدارة المستشفى.
وعلى المستوى المالي كان حجم العجز في المستشفى نحو ملياري ليرة لبنانية شهرياً، وهذا الرقم الضخم يشير الى أنه مهما دفعت الدولة من المال في المستشفى لا يمكن أن يستمر، كما إنّه لا يمكن أن يُضخ فيه هكذا مبلغ شهرياً.
من هنا دأب الأبيض على اعتماد سياسة ترشيد الإنفاق عبر عدّة أمور، أوّلها خفض المخصّصات المالية المرتفعة، ما أدّى الى ضبط الإنفاق بنحو 10 % حتى اليوم، كما تم العمل على إعادة هيكلية المستشفى، التي أدّت بدورها إلى توفير مبالغ مالية كبيرة، وعلى سبيل المثال جمع أقسام مع بعضها والاستغناء عن خدمات لا حاجة إليها، والأهم من ذلك تحويل العاملين الفائضين في بعض الأقسام والمصالح، إلى أقسام أخرى أكثر حاجة إليهم.
كل ذلك ساهم، وفق الأبيض، في خفض العجز المالي الشهري من ملياري ليرة إلى مليار ونصف المليار ليرة «أي إننا وفّرنا على المستشفى نحو 500 مليون ليرة شهرياً» ما يعني انخفاض العجز الشهري بنسبة 25 %.
ويتابع الأبيض: «بموازاة ذلك بدأنا بالشق الثالث وهو إصلاح البنية التحتية للمستشفى وتحديث المعدات التالفة ومنتهية الصلاحية وغيرها من الأمور التقنية العالقة واللوازم الإستشفائية الناقصة».

الأمل كبير

وبعد أنْ كانت المستشفى تستقبل عام 2011 نحو 350 سريراً باتت تستقبل نحو 200 سرير في العام 2014، لكنها تتجه اليوم الى إعادة فرض نفسها على الخارطة الطبية في لبنان من خلال تنظيم «بيتها الداخلي» وتنشيط دورة عملها والإرتقاء مجدّداً بمستوى خدماتها، وكل ذلك يبدأ بحسب بالأبيض من خفض الإنفاق وتسريع دورة العمل وتنشيطها وتنظيم الإدارة وآلية العمل.
وإذ يدعو الأبيض الدولة إلى تحمّل مسؤولياتها ودعم إداراتها العامة التي تثبت إنتاجية عالية، يؤكد إمكانية عودة مستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي الى سابق عهده وإعادة دوره كملجأ للمرضى الفقراء ومحدودي الدخل وكمنافس لكبرى المستشفيات، ويرى أن الأمل كبير ببلوغ الهدف.