IMLebanon

«الغارديان»: بريطانيا وظفت مجموعة سرية من الوزراء وكبار المسؤولين لتمكين الاستثمارات الإماراتية

اللورد دايتون
اللورد دايتون

كشف تقرير صحافي بريطاني أمس الثلاثاء أن وزراء بريطانيين كانوا شكلوا وحدة سرية لتسهيل وصول دولة الإمارات العربية المتحدة إلى النخبة السياسية في المملكة المتحدة، ولتسهيل الحصول على صفقات الأراضي الرئيسية والمؤسسات العالمية الشهيرة في الأوساط الأكاديمية، وقطاع خدمات الصحة.
وقالت صحيفة (الغارديان) اللندنية في تقريرحول الموضوع ان الوحدة التي أطلق عليها اسم «فالكون»، والتي تم تشكيلها في صيف عام 2013 ، تتكون من 10 من كبار المسؤولين، وهي مكلفة بالعمل على أن تنفق الدولة الخليجية جزءا كبيرا من أموالها في بريطانيا.
وقد أنشئت «فالكون» بهدف التعامل مع الاستثمارات الغير عسكرية، وكان يشرف عليها في البداية بول دايتون، وزير الخزانة في حكومة المحافظين، ويديرها مايكل بويد المدير العام في الخدمة المدنية. ولم يتم الإعلان عن تعاملاتها مطلقا. ولكن، وبعد طلبات مكثفة من جانب صحيفة (الغارديان) للكشف عن المعلومات والتحدث إلى المصادر الرئيسية في الحكومة توصلت الصحيفة للمرة الأولى إلى المعلومات التالية:
ـ قام مسؤولو وحدة «فالكون» واللورد دايتون بإعداد قائمة عرض منسقة من المشاريع التي ينتظر عرضها على صندوق استثمار أبو ظبي، الذي يديره ولي العهد الشيخ محمد بن زايد، خلال اجتماع سري استثنائي في يوليو/ تموز 2013 مع توني بلير الذي كان يعمل كأحد موظفي جماعات الضغط في لندن.
ـ تدخلت الحكومة البريطانية حين قامت إحدى أكبر الجامعات في لندن بإثارة أزمة على إثر تشكيكها في تبرع بقيمة 6 مليون جنيه إسترليني من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة.
ـ حافظ مجلس بلدية مانشستر على سرية التفاصيل الخاصة بالطريقة التي عبرها نقل ملكية أراضي عامة إلى شركة يتم التحكم بها من خلال شقيق ولي عهد أبو ظبي.
وكانت (الغارديان) كانت كشفت الاسبوع الماضي أن دولة الإمارات هددت بمنع صفقات للأسلحة بقيمة مليار جنيه مع المملكة المتحدة، ووقف الاستثمار وقطع التعاون الاستخباراتي، إذا لم يقم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بالتحرك ضد جماعة الإخوان المسلمين بعد توليها للسلطة في مصر. كما وعدت أبوظبي بتقديم صفقات أسلحة مربحة وصفقات نفطية للشركات البريطانية إذا تم التحرك ضد الجماعة.
وذكرت الصحيفة انه في الوقت الذي كانت تجري خلاله الاجتماعات السرية مع توني بلير في عام 2013، كان بلير يعمل كمبعوث للسلام في الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه كان يعمل لحساب دولة الإمارات.
وقالت (الغارديان) أنه ولأكثر من تسعة أشهر، تجاهلت الحكومة طلبات الصحيفة للكشف عن المعلومات، وذلك بحجة أن ذلك سوف يخل بالمصالح التجارية والعلاقات الدولية بين المملكة المتحدة ودول أخرى.
وأضافت أنه عندما أرسلت لوزارة الخزانة البريطانية مؤخرا، وعبر البريد الإلكتروني، ملاحظات حول الاجتماع مع بلير، اعترفت الوزارة في 16 مارس/أذار 2015 بأن بلير اجتمع مع مجموعة من الوزراء، واعترفت أنه كانت هناك سلسلة من الاجتماعات السرية مع صندوق الاستثمار «مبادلة» الذي تديره دولة الإمارات وتبلغ قيمته 70 مليار دولار. وقالت وزارة الخزانة في رسالة إلكترونية أخرى أن دايتون أجرى 4 اجتماعات غير مسجلة مع صندوق «مبادلة» للتنمية، ثلاثة منها في يوليو/تموز 2013 بما في ذلك واحد بحضور بلير، والرابع في سبتمبر/أيلول.
وجاء في الإيميل «التقى اللورد دايتون مع مجموعة توني بلير وشركاه مرة واحدة في يوليو/تموز 2013، لمناقشة الاستثمارات الداخلية. كما التقى مرتين مع صندوق مبادلة في يوليو/تموز 2013 لنفس السبب، وبسبب خطأ إداري في هذه الفترة فإن العديد من الاجتماعات، وأغلبها اجتماعات غير متعلقة بالأمر، لم تسجل في تقرير الشفافية، والآن تم صحيح ذلك».
أما المتحدث باسم مكتب توني بلير فقال أنه ليس لديه أي تعليق على الأمر.
أحد الذين حضروا اجتماع يوليو2013 بصحبة بلير كان مارتن وار، مدير مؤسسة المملكة المتحدة للتجارة والاستثمار، والذي كان مسؤولا سابقا في دائرة مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية. وقد تمت إعارته للعمل في مشروع «فالكون» من قبل الحكومة البريطانية. وقد كان له دور رئيسي في دفع دولة الإمارات لتقديم منحة بقيمة 60 مليون جنيه إسترليني إلى مستشفى «غريت أورموند ستريت « للأطفال في يوليو 2014. وقدمت على هيئة هدية من الشيخة فاطمة بنت مبارك، أم ولي العهد.
ووفقا لبيان صحافي صادر عن المستشفى، فإن الشيخة قدمت المال من أجل «تحسين صحة الأجيال القادمة». وجاء في البيان أنه سيتم استخدام المال في بناء مركز جديد مخصص لبحوث وعلاج الأمراض الوراثية النادرة مثل أمراض القلب أو أمراض الجهاز التنفسي.
ومع ذلك، وقبل الإعلان، رفعت لجنة قبول الهدايا في جامعة لندن «يونيفرسيتي كوليج لندن/يو.سي.إل»، التي تشرف على المستشفى مخاوفها حول هذه الهبة النقدية. وتقول جماعات حقوق الإنسان ان هناك مزاعم تفيد أن قوات الأمن في دولة الإمارات العربية المتحدة قد قامت باحتجاز معارضين بشكل تعسفي وتعذيبهم.
في رسالة بالبريد الالكتروني أرسلت إلى شخص حجب اسمه، اعترف مارتن وار، مدير مؤسسة المملكة المتحدة للتجارة والاستثمار، أنه كانت هناك ضجة حول الأمر، حيث طلب وار من الجامعة أن تقوم بسحب اعتراضها، ومن ثم يمكن لـ»فالكون» أن تشرع فورا في ممارسة بعض التأثير على الإماراتيين. وقال «لم يكن من المتصور أن أقوم بإشراك اللورد دايتون في هذه المرحلة ما لم تصل الأمور إلى حد الأزمة».
وهكذا تم قبول هدية أبو ظبي من قبل جامعة «يو.سي.إل» ومستشفى «غريت أورموند ستريت».
وحول استثمارات الإمارات في مانشستر حققت «فالكون» العديد من النجاحات. فقد ذهب مدير مؤسسة المملكة المتحدة للتجارة والاستثمار لرؤية الرئيس التنفيذي لمجلس مدينة مانشستر، هاوارد بيرنشتاين، في يونيو/حزيران 2013 مدعيا أنه يحمل رسالة من رئيس الوزراء، وذلك بهدف تسهيل فكرة استثمار دولة الإمارات العربية المتحدة في مانشتستر. وبعدها تم الإعلان عن صفقة بقيمة مليار جنيه إسترليني العام الماضي ولم تحظ سوى القليل من التدقيق من قبل الرأي العام. وقد تم إبقاء التقرير الذي يحدد الترتيبات المفصلة للاتفاق المشترك قيد السرية لأنه «شمل اعتبارات استثنائية تتعلق بمعلومات خاصة بالشؤون المالية أو التجارية لأشخاص بينهم». وتقول (الغارديان) أنها عندما حاولت الحصول على التقرير بناء على طلب حرية المعلومات لم تستطع الوصول اليها بحجة الحفاظ على المصالح التجارية.
وقد بلغت قيمة المرحلة الأولى من الصفقة حوالي 150 مليون جنيه إسترليني، وتتضمن تطوير سلسلة أبراج تتراوح بين خمسة وعشرة طوابق قرب مارينا إلى جانب 108 شقق في مجمع «مطاحن مورس» وهو مبنى يعود تاريخه إلى مئتي عام. وعلى الرغم من كونها تقع في حرم وسط مانشستر، فإن أيا من هذه الشقق لن يكون متاحا للإيجار.
تؤكد المعلومات الآن أن الأرض تقع تحت سيطرة شركة «أوف شور» تعرف باسم «شركة المنوال القابضة»، وهي شركة مملوكة لمجموعة أبو ظبي المتحدة والتي يمتلك أسهمها الشيخ منصور بن زايد، شقيق ولي عهد أبو ظبي، والذي يمتلك أيضا نادي مانشستر سيتي لكرة القدم.
وقال المتحدث باسم مجلس بلدية مانشستر ان لدى الإماراتيين علاقة قوية جدا مع مانشستر، وأنهم يفهمون رؤية المدينة وعلى استعداد للاستثمار على نطاق واسع وحيوي للنمو السكاني المتوقع في المدينة.
ويبدو أن دور «فالكون» في رعاية وتيسير الاستثمارات الإماراتية جاء إلى نهايته بعد أن التقى ولي عهد أبو ظبي برئيس الوزراء في قمة الأمن النووي في لاهاي في مارس/أذار 2014.
بعد ثلاثة أسابيع، أعلنت المملكة المتحدة عن القيام بـ«مراجعة حكومية لفلسفة وأنشطة وتأثير جماعة الإخوان المسلمين على المصالح والاهتمامات البريطانية في الداخل والخارج ومراجعة سياسة الحكومة تجاه المنظمة». ولا تزال نتائج هذا التحقيق غير معلنة إلى الآن.
بعد ذلك تم الاتفاق على توسيع اختصاصات «فالكون» لتشمل إقامة علاقات طيبة مع صندوق قطر للاستثمار، بتجاهل لتقارير رفيعة المستوى تشير إلى إساءة معاملة العمال الأجانب في تلك الدولة.
وحسب مراسلات داخلية اطلعت عليها (الغارديان) يتضح أن كبير مسؤولي فالكون، مايكل بويد، قد أصدر تعليماته إلى موظفي الخدمة المدنية للاتصال بوزير الدفاع مايكل فالون للإعراب عن رغبة قطر في إعادة تطوير ثكنات هايد بارك، حيث يحتفظ الفرسان الملكيون بخيولهم.
وعندما اتصلت الصحيفة بدائرة العمل والمهارات، قال المتحدث باسمها: ان دولة الإمارات تعد مصدرا هاما من مصادر الاستثمار الأجنبي في المملكة المتحدة، وأن الاستثمارات الإماراتية تخلق فرص عمل ونمو في المملكة المتحدة، وهذا هو الغرض من الاجتماعات والمناقشات بين وزراء المملكة المتحدة وموظفي الخدمة المدنية مع ممثلي حكومة الإمارات. وقد تم نشر معلومات عن هذه المناقشات وفقا لتوجيهات الحكومة البريطانية.