IMLebanon

قواعد اللعبة ستتغيّر بعد 13 تشرين الثاني (بقلم رولا حداد)

paris

كتبت رولا حداد

24 ساعة فصلت بين التفجيرين الانتحاريين الإرهابيين اللذين استهدفا منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت، وبين العمليات الإرهابية المنظمة التي ضربت العاصمة الفرنسية باريس والتي تضمّنت 8 انتحاريين نجح 7 منهم في تفجير أحزمتهم الناسفة. التوقيع واحد: “داعش”

وقبل هذين الاعتداءين نجحت “داعش” في إسقاط طائرة ركاب روسية انطلقت من مطار شرم الشيخ، كما قد تكون هي أيضا خلف إسقاط طائرة الشحن الروسية في السودان.

هكذا يظهر “تنظيم الدولة الإسلامية” بمظهر قوة قادرة على ضرب المصالح الروسية من جهة، وعلى تخطي رقابة أجهزة الاستخبارات الفرنسية والضرب في قلب أوروبا، لا بل وأيضاً تهديد روما ولندن وواشنطن!

أما ما تعجز عنه “داعش” بشكل مشبوه، فهو القيام ولو بعملية واحدة تستهدف نظام بشار الأسد في قلب العاصمة السورية دمشق، والتي يُفترض أن يكون استهدافها أسهل بكثير من الضرب في قلب باريس وصولاً الى محاولة استهداف الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند شخصياً في ملعب “ستاد دو فرانس”!

كيف تعجز “داعش” عن الضرب في قلب دمشق التي يُفترض أن أسوارها ساقطة عملياً؟ وكيف تستطيع تجنيد فرنسيين وتعجز عن تجنيد سوريين في قلب دمشق؟

لا بل إن “داعش” تبدو عاجزة عن استهداف إيران والقيام بأي عملية تستهدف طهران مثلاً، رغم أن استهداف طهران نظرياً أسهل من استهداف باريس.

هكذا تصرّ “داعش” على التأكيد على الأقل أنّ مصالحها تتقاطع مع مصالح بشار الأسد بشكل لا يقبل أي نقاش، فتنفّذ اعتداءات باريس قبل ساعات من لقاء فيينّا لتغيّر أولويات جدول الأعمال بما يخدم مصالح الأسد.

هذه الأسئلة تبقى مشروعة في غياب أي مواجهة بين النظام السوري و”داعش”، وفي ظل كل التأكيدات الغربية أن 90 في المئة من الغارات الروسية لا تستهدف “داعش”.

وفي حين يدرس الأوروبيون سبل محاربة “داعش” نظرياً، وبعد سنة كاملة على بدء الغارات التي يشنّها التحالف الدولي على مواقع يُفارض أنها “داعشية” في سوريا والعراق من دون جدوى، يضحك بشار الأسد في سرّه في مواجهة التخبّط الغربي. فالغرب يتجاهل أو يتعامى عن أن أولى الخطوات الجدية لمحاربة “داعش” تكون بإسقاط بشار الأسد، تمهيدا للتوصل الى حل سياسي في سوريا.

وبعد 7 سنوات على وصول الرئيس باراك أوباما الى البيت الأبيض، يتضح أن سياسة اللاقرار التي اتبعها، وأسلوب التخاذل في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، واللجوء الى سياسة “الانسحاب” من الشرق الأوسط، لم تؤدِّ الأهداف التي أعلن عنها أوباما، لا بل أدت الى نتائج معاكسة، وعاد الإرهاب ليضرب في عمق الغرب.

والسؤال المطروح اليوم وفي العمق: أي استراتيجية سيتبعها الغرب بعد 13 تشرين الثاني؟ هل ستلجأ الدول الغربية الى الانغلاق على ذاتها أم ستذهب نحو المواجهة المباشرة مع الإرهاب والإرهابيين، منظمات وأنظمة وحكاماً؟ وهل يكفي شعار محاربة “داعش” واستمرار الغارات الجوية على مواقع في سوريا والعراق لتغيير المعادلات أم أن الاستراتيجية الغربية تحتاج لإعادة نظر شاملة؟

الثابت الأكيد أننا دخلنا عصراً جديداً من المواجهة العالمية، وقواعد كثيرة في اللعبة ستتغيّر.