IMLebanon

المستقبل: أهالي العسكريين يعتصمون بحبل الصبر.. بانتظار الفرج

force-de-securite-makhtoufin

كتب خالد موسى في صحيفة “المستقبل”:

ثقيلة هي اللحظات والساعات التي تمر على أهالي العسكريين المخطوفين لدى جبهة “النصرة”، الذين ينتظرون بفارغ الصبر إتمام صفقة التبادل بين الدولة اللبنانية والجبهة وعودة أبنائهم إليهم. ولليوم الثاني على التوالي، استمر حبس الأنفاس والترقب لدى الأهالي وهم ينتظرون في ساحة رياض الصلح، التي توافدوا اليها جميعاً امس منذ ساعات الصباح الباكر، لمتابعة تطورات الصفقة المنتظرة. فمع توارد الأخبار عن تدابير استثنائية اتخذها الجيش والأمن العام في محيط بلدة عرسال ووصول مواكب تابعة للأمن العام الى هناك وشاحنات تنقل المساعدات، كانت قلوب الأمهات في الساحة تخفق فرحاً لقرب تنفيذ الصفقة، باعتبار أن “ما يحدث مؤشرات إيجابية تدل على أن هناك شيئاً ما قد يحصل في الساعات المقبلة”، بحسب ما أكد الأهالي في حديث الى “المستقبل”. وحدهن زوجات العسكريين المخطوفين لدى “داعش” وأمهاتهم ذرفوا الدموع كون هذه الصفقة لا تشملهم، على الرغم من تأكيدهن أن “العسكريين المخطوفين لدى النصرة هم أبناؤهن أيضاً وإخوتهن”. في وقت لم يتوقف لحظة دعاء الأمهات بأن “يخرج جميع العسكريين من الأسر دفعة واحدة”.

في هذا السياق، لفتت ماري خوري، شقيقة العسكري المخطوف لدى جبهة “النصرة” جورج خوري، إلى أن “الأهالي لم يبلغوا أي شيء رسمي عن الصفقة من قبل أي من المسؤولين عن المفاوضات”، مشيرة الى أن “لحظات الانتظار هذه تبقى الأصعب منذ سنة وأربعة أشهر، ولكن من صبر طوال هذه الفترة يصبر أيضاً بضع ساعات إضافية”. وسألت: أين الشعب اللبناني الذي يجب أن يكون معنا اليوم؟ ألا يستحق هؤلاء العسكريون وقفة معهم في هذه اللحظات الدقيقة؟”، معتبرة أن “الأجواء إيجابية وأملنا كبير في الوصول الى الخاتمة المرجوة التي لطالما انتظرناها طويلاً”.

بدوره، أكد نواف مشيك، شقيق العسكري المخطوف عباس مشيك، أن “الأهالي خلف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في جميع الخطوات التي يقوم بها”. وقال: “عندما نرى اللواء إبراهيم في صورة متقدماً العسكريين المخطوفين عندها نصدق أنهم أصبحوا في عهدته. وكل الأخبار المتداولة لا نصدقها باستثناء ما يصدر عن الأمن العام واللواء إبراهيم”. وأوضح أن “لا معلومات مؤكدة لدى الأهالي وهم لم يبلغوا أي شيء رسمياً عن الصفقة حتى الساعة”، متمنياً “أن تصل الأمور الى خواتيمها السعيدة التي ينتظرها الجميع في أقرب وقت ممكن”.

من جهتها، لفتت أم لامع، والدة العسكري المخطوف لامع مزاحم الى أنها لم تتوقف عن الدعاء منذ        اختطاف ابنها وحتى اليوم “وخصوصاً في هذه اللحظات الصعبة والمريرة التي نمر بها، وهي الأصعب منذ سنة وأربعة أشهر وتساوي كل هذه المدة التي صبرنا فيها”.

أما بالنسبة الى أهالي العسكريين المخطوفين لدى “داعش”، فأشار حسين يوسف، والد العسكري المخطوف محمد يوسف، الى أن الأمل لا يزال موجوداً لديهم، متمنياً “أن تنسحب الأجواء الايجابية في ملف العسكريين المخطوفين لدى جبهة النصرة، بشكل إيجابي على ملف أبنائنا المختطفين لدى تنظيم داعش والذين لا نعلم عنهم أي شيء منذ أكثر من عشرة أشهر”.

وفي عرسال ، تضاربت المعلومات منذ ساعات الصباح الأولى حول مصير المفاوضات في اطلاق العسكريين المخطوفين لدى جبهة “النصرة”، بعدما ترددت أنباء عن قرب إطلاقهم وتوجه موكب تابع للأمن العام من اللبوة الى عرسال.

وما أثير من بلبلة في هذا الخصوص انعكس سلباً على أهالي المخطوفين بالدرجة الاولى، وعلى أهالي بلدة عرسال الذين يعيشون حالة يتخللها شيء من التوتر.

وأكد مصدر أمني أن “كل الطرق من بلدة عرسال باتجاه الجرود أقفلت الا طريق واحد في محلة المصيدة حيث أزالت الجرافات التابعة للجيش السواتر الترابية وأبقته مفتوحاً، بحيث انتشر عناصر للجيش في المحلة معززاً بالآليات. كما لوحظت سيارات الامن العام تجوب طرق البلدة لا سيما في منطقتي وادي حميد والمصيدة”، موضحاً أنه “قرابة الواحدة والنصف شوهدت خمس آليات للأمن العام تعبر محلة المصيدة باتجاه البلدة آتية من الجرود وقد عبرت إحدى الطرق على أطراف البلدة، ثم ما لبثت أن سلكت طريق عرسال – اللبوة باتجاه الداخل اللبناني، وقد رافقت تلك السيارات تعزيزات للجيش”.

ولفت المصدر الى أنه “سبق ذلك توجه قافلة محملة بالمساعدات الغذائية والطبية الى بلدة عرسال تمَّ توقيفها في منطقة عين الشعب التي تبعد عن مدخل البلدة قرابة الكيلومترين من دون معرفة الأسباب. وما لبثت أن عادت أدراجها قرابة الرابعة بعد الظهر وتوقفت قرب مقر قيادة الجيش في اللبوة”.

وفي راشيا ، انطلقت التحضيرات في القرى لا سيما في بلدة ضهر الأحمر التي تنتظر بعد صبر طويل أبناءها الثلاثة المخطوفين: ميمون جابر وناهي أبو قلفوني وريان سلام، وفي بكيفا الموعودة بفرح كبير باحتضان ابنها ماهر فياض، وعيحا التي تنتظر عودة وائل حمص، وكفرقوق المتلهفة لعودة رواد أبو درهمين، أما مدوخا فتبقى فرحتها منغصة ومؤجلة تنتظر صفقة أخرى لتحرير ابنها محمد يوسف مع رفاقه المخطوفين لدى “داعش”.

مناخات الفرح المحفوف بالقلق خيمت على منازل أهالي العسكريين وأقاربهم، ولافتات الترحيب والتعبير عن هذا اليوم الاستثنائي تنتظر ساعة الصفر لترتفع، والمنصات باتت على قاب قوسين من الانتصاب عند المفارق والمداخل، ما أن تنجز الدولة اللبنانية عملية التبادل، وتتسلم عسكرييها ليكونوا على موعد مع أبناء قراهم لحظة الانتهاء من الأمور الروتينية المتبعة في عمليات التسلم والتسليم.

واعتبر رئيس بلدية بكيفا فاضل فياض، والد العريف في قوى الأمن الداخلي المخطوف لدى جبهة “النصرة” ماهر فياض أن “الامور جيدة وتسير على السكة السليمة، وأجمل لحظات الفرح نعيشها ونحن ننتظر بلهفة عودة أبنائنا وكأننا نولد من جديد”، مشدداً على “لهفة الأم التي لا توصف، والزوجة التي لا تنسى، وأطفال ماهر الثلاثة الذين يحتاجون الى حنان الاب وعطفه”. وثمّن “دور كل الذين بذلوا جهداً في سبيل قضية أبنائهم منذ الساعات الأولى لعملية الاختطاف”، مشيراً الى أن “معظم أهالي المخطوفين وأقاربهم توجهوا الى بيروت استعداداً لرؤيتهم ريثما تنجز عملية اطلاقهم”. ولفت الى أن “منسوب الأمل كبير عند كل الاهالي وثقتهم بنجاح التبادل مختلفة عن كل المرات السابقة”، آملاً “أن تسعى الدولة بكل الوسائل الى انجاز عملية التبادل”.

بدوره، رأى الشيخ حمزة حمص، والد العسكري وائل حمص أن “لهفة الانتظار التي ترتسم على وجوه الأهالي تعبير عن شعور مزدوج، بحيث يشوب الفرح قلق وخوف مما تحمله القضية من مفاجآت رغم احساس الكثيرين من الاهالي بأن الأمور ايجابية”، داعياً الى “مزيد من الصبر والتماسك”. وأشار الى أن “معظم الاهالي غادروا منازلهم وتركوا قراهم لينتظروا مجتمعين في بيروت الخبر اليقين”، شاكراً “كل من له أياد بيض في هذا الملف الإنساني”. وتمنى “أن يبقى الإعلام موضوعياً ويساعد في قضية أبنائنا وعدم دس الاخبار التي قد تعرقل أو تؤخر عملية التبادل”.

وبانتظار ساعة الصفر، تبقى راشيا على أهبة شوقها لملاقاة أبنائها الميامين، ليقام لهم عرس الفرح الجماعي الذي ستنغصه فرحة ناقصة بغياب المخطوف محمد يوسف، فيما يبقى الحزن جاثماً في قلوب عائلة العريف الشهيد خلدون رؤوف حمود الذي استشهد في معركة عرسال أثناء عملية خطف العسكريين، وأهالي بلدة العقبة، لكن رسالة الشهادة سترسم معالم الأمل المرتجى لحظة إطلاق رفاقه المخطوفين.