IMLebanon

كيف سيواجه لبنان أرقام 2016 الخليجية؟

GulfCountriesGCC
انطوان فرح
من المتوقع أن تعلن المملكة العربية السعودية بين يوم وآخر موازنتها للعام 2016. وقد سبقتها دولة قطر التي كشفت عن أرقام موازنتها بعجز مُقدّر بـ 12 مليار دولار. هل ينبغي لهذه الأرقام أن تُقلق لبنان، ام انها لا تزال تحت السيطرة، ولن تكون هناك تداعيات تُذكر على مداخيل وتحويلات اللبنانيين في الخليج؟
قبل أيام، كشفت دولة قطر عن أرقام ميزانيتها للعام 2016، وورد فيها أن عائدات الدولة المضيفة لكأس العالم 2022، المتوقعة تبلغ 156 مليار ريال قطري (42.84 مليار دولار)، مقارنة بـ225.7 مليار ريال العام الجاري.

هذه التوقعات قد لا تعكس الواقع بدقة، على اعتبار ان حسابات العائدات تستند الى سعر برميل النفط حوالي 48 دولارا، في حين ان المؤشر الدولي لخام برنت قد وصل الى 37 دولاراً للبرميل، وهو مُرشّح لمزيد من التراجع. هذا الامر سيؤدي عمليا الى زيادة العجز في الميزانية القطرية اكثر من التوقعات.

في الموازاة، يبرز الوضع المالي السعودي كمؤشر اساسي للوضع في دول مجلس التعاون الخليجي. ويترقب الخبراء في هذه الايام صدور الميزانية السعودية وما ستتضمنه من أرقام في شأن العجز المُقدّر. وفي المعلومات المتوفرة ان المملكة سوف تعلن عن عجز يقارب الـ80 مليار دولار، في مقابل عجز وصل الى حوالي 150 مليار دولار في العام 2015.

لكن العجز المقدّر في موازنة 2016 قد لا يعكس العجز الحقيقي الذي سيتم تسجيله خلال العام المقبل للأسباب التالية:

اولا – ان حسابات الموازنة مبنية على اساس 48 دولارا لبرميل النفط، في حين ان السعر الحالي نزل تحت مستوى الاربعين دولارا، وقد يصل الى 30 دولارا أو أدنى خلال 2016.

ثانيا – ان التقديرات مبنية على اساس ضبط الانفاق من خلال زيادة الشفافية في الانفاق العام، بعد سلسلة اجراءات اتخذتها السلطات لخفض منسوب الهدر. لكن نتائج هذه الاجراءات ليست مؤكدة بعد، وتحتاج الى بعض الوقت لتثبت جدواها من عدمه.

ثالثا – ان الانفاق العسكري غير منضبط في هذه المرحلة حيث تخوض قوات المملكة معارك في اليمن، وبالتالي فان سقف الانفاق العسكري المُخصّص للمجهود الحربي قد يرتفع من خارج الميزانية المرسومة.

رابعا – من المعروف ان الاسواق الخليجية عموما، والسعودية خصوصا، تنتظر أرقام الموازنة لتبني على الشيء مقتضاه، وبالتالي، هناك اعتقاد بأن أرقام الموازنة قد تتضمّن بنودا تجميلية هدفها اعادة الثقة الى الاسواق، وخفض التوقعات السلبية قدر المستطاع في مطلع السنة.

هذه المعطيات والاسباب تسمح بالاعتقاد ان عجز الموازنة السعودية قد يرتفع اكثر من التقديرات التي سترد في الموازنة بشكلها الرسمي، بما سيؤدي حتما الى إقدام السعودية ومعظم دول الخليج في 2016، الى الاقتراض او استخدام الاموال الاحتياطية لسد العجز.

وفي الحالتين، تبرز مشكلة مالية لا تشكل خطرا على اقتصاديات هذه الدول القوية، والتي لا تزال تمتلك قدرات كبيرة تسمح لها بالاستمرار لاربع او خمس سنوات من دون اي اشكالية حقيقية، لكن صرف الاموال سوف يتراجع حتما، سواء من خلال تجميد بعض المشاريع الجديدة، او من خلال شح الانفاق تحت عنوان ضبط الهدر ومراقبة حُسن صرف المال العام.

مع الاشارة هنا الى ان المملكة التي تجاوزت ميزانيتها في 2015 المئتي مليار دولار، تمتلك مقومات اقتصادية كثيرة، منها انتاج الذهب الذي سيرتفع في نهاية الربع الأول من العام المقبل، 150 في المائة، وبنحو 400 في المائة تقريبا خلال السنوات الخمس المقبلة. لكن انخفاض اسعار الذهب الاصفر في موازاة انهيار الذهب الاسود، سيبقي الوضع المالي في مرحلة صعبة.

في هذه الاجواء، من المتوقع ان يتأثر لبنان بالمناخ الاقتصادي المتراجع في منطقة الخليج العربي، ولا يزال يمضي من دون ميزانيات، ولا يزال الهدر مرتفعا الى أعلى المستويات، وآخر فصوله صفقة ترحيل النفايات، بما يعني اننا سنكون في مواجهة سنة مالية صعبة جدا في العام 2016. وقد وصلت الأرقام المعلنة الى عجز تجاوز الـ 5 مليار دولار في الـ2015، فهل يستطيع البلد أن يتحمّل عجزا اكبر في هذه الظروف في العام 2016؟