IMLebanon

برّي: “أسلوب عمل” يحيي مجلس الوزراء

 

nabih-berri-new

 

 

انتهت 2015 بجلسة لمجلس الوزراء بعد انقطاع لاشهر، وكانت سبقتها لأسابيع خلت جلسة يتيمة لمجلس النواب على امتداد السنة. على ابواب عام جديد تبدو المعضلة مثلثة: بعد الرئيس، عدوى الشغور تتمدد الى المؤسسات الدستورية بلا تردد

ترك الاجتماع الاخير لطاولة الحوار الوطني في عين التينة، في 21 كانون الاول، صداه على جلسة مجلس الوزراء اليوم التالي واقراره خطة ترحيل النفايات. لم يشِ انعقاد الجلسة الاولى منذ ايلول بتوقع استعادة حكومة الرئيس تمام سلام جلساتها الدورية، ولا بدت الطريقة التي اتبعها مجلس الوزراء في اقرار خطة الترحيل قياساً ملائماً لاكتمال نصابه في ما بعد كما لاتخاذه القرارات.

على هامش اجتماع 21 كانون الاول، أجرى رئيس مجلس النواب نبيه بري مشاورات مع سلام وبعض المشاركين في طاولة الحوار بغية اعادة تحريك اجتماعات مجلس الوزراء. تلتها مشاورات مماثلة تولاها رئيس الحكومة مع بعض الحاضرين المعنيين بتعطيل اجتماعات مجلس الوزراء، انتهت الى تبني فكرة قال بها بري في الاجتماعات ثم في المشاورات الجانبية، هي التفاهم على «اسلوب عمل» مجلس الوزراء، دونما التعرض للاحكام الدستورية المرتبطة بانعقاد المجلس وآلية اتخاذه القرارات.

يدافع بري عن وجهة نظره هذه استناداً الى تبريرين:

أولهما، ان القول بـ«اسلوب عمل» لمجلس الوزراء يتوخى إمرار المرحلة الاستثنائية الناجمة عن شغور رئاسة الجمهورية وانتقال صلاحيات الرئيس الى مجلس الوزراء مجتمعاً، من جراء الخلاف على تفسير الصلاحيات هذه وسبل ممارستها.

ثانيهما، ان «أسلوب عمل» مجلس الوزراء يقتضي ان لا يتعارض مع المادة 65 من الدستور بتحديدها نصاب التئام المجلس، كما نصاب اتخاذه القرارات. يرى رئيس البرلمان ان لا مناص من احد نصابي الثلثين (16 وزيراً) او النصف +1 (13 وزيراً) لاتخاذ القرارات. وهو حدد موقفه منهما ــــ ومن التمسك بتطبيق المادة 65 آلية وحيدة لذلك ــــ باكراً غداة شغور رئاسة الجمهورية، وخاض طويلاً في هذا الموقف مع رئيس الحكومة، الى اعتقاده منذ ذلك الوقت بأن الاصرار على التوافق في كل ما يرتبط بجلسات مجلس الوزراء مؤدّاه تعطيل اجتماعاته، بدءاً من جدول الاعمال وصولاً الى اصدار المراسيم.

في الجلسة الاخيرة لطاولة الحوار الوطني ــــ كما على هامشها ــــ وجد بري في «أسلوب العمل» طريقة ملائمة لتنظيم التعاون بين أفرقاء الحكومة على نحو يتيح ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية بلا عراقيل وتعارض في الاجتهاد في تفسيرها، ملاحظاً سجالاً دار بين الوزيرين جبران باسيل وبطرس حرب حيالها في الجلسة تلك. قال الاول إن شغور الرئاسة يجعل الوزير رئيساً بالوكالة يحل محل الرئيس الاصيل ما ان تنتقل صلاحياته الى مجلس الوزراء، بينما اعتبر الثاني مجلس الوزراء مجتمعاً ــــ لا فرادى ــــ هو المخوّل ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية ما ان تنتقل اليه عملاً بالمادة 62.

يذهب رئيس المجلس الى القول ان تفاهم وزراء تكتل التغيير والاصلاح وحزب الله مع رئيس الحكومة على ربط اتخاذ قرارات مجلس الوزراء بعدم امتناع مكوّنين رئيسيين عن الموافقة عليها، يمكن ان يصلح اسلوب عمل مقبولاً، من دون ان يرى في جلسة مجلس الوزراء اليوم التالي 22 كانون الاول، واقرارها خطة ترحيل النفايات رغم امتناع مكوّنين رئيسيين هما تكتل التغيير والاصلاح وحزب الكتائب، نموذجاً للمرحلة المقبلة في اجتماعات حكومة سلام. يضفي بري خصوصية على الجلسة تلك نظرا الى وطأة عبء ملف النفايات الذي بات يحتاج الى خطة عمل عاجلة. لم يجد كذلك في رد الفعل السلبي لتكتل التغيير والاصلاح على اقرار خطة الترحيل وتحذيره من اهمال المكوّنين الرئيسيين سوى تأكيد تمسكه بفيتو المكوّنين الرئيسيين. الا ان موقف التكتل عنى لرئيس البرلمان ايضاً عدم معارضته معاودة مجلس الوزراء اجتماعاته في ظل التفاهم المبرم مع سلام على ذلك الفيتو الذي تستفيد منه المكونات الرئيسية الاخرى في الحكومة.

يقول بري: لا مفر من تفعيل عمل الحكومة، وهو كان بنداً اساسياً في الجلسة الاخيرة لطاولة الحوار الوطني التي لا تهمل في الوقت نفسه واقع ان لا رئيس بعد للبلاد. على ان تفعيل دور الحكومة يؤول حتماً الى تحريك عمل مجلس النواب.

يذكّر «اسلوب العمل» الذي ينادي به رئيس المجلس، وخصوصاً لناحية ما يعتبره توأمة تطبيق المادة 65 ــــ وهي الاصل ــــ مع توافق المكوّنات الحكومية الرئيسية على ادارة صلاحيات رئيس الجمهورية في المرحلة الاستثنائية، بتجربة خاضها عام 1992 بدأت مع حكومة الرئيس عمر كرامي وانتهت مع حكومة الرئيس رشيد الصلح عشية الانتخابات النيابية، مع صدور مرسوم «تنظيم اعمال مجلس الوزراء» في الاول من آب 1992. أشعرته جلسات مجلس الوزراء آنذاك ــــ كان لا يزال وزيراً ــــ بتلاعب في تدوين محاضر المجلس وقراراته على نحو لم يكن رئيس الحكومة يعلم بها احياناً، احدها تعيين السفير الراحل فؤاد الترك اميناً عاما لوزارة الخارجية. طلب بري وضع تنظيم لاعمال مجلس الوزراء ــــ كان ينص عليه اتفاق الطائف ــــ بغية ضبط آلية اتخاذ القرارات. لم يُستجب، فقاطع الجلسات، ثم انتقل السجال بينه وكرامي الى قول الاخير ان تنظيماً كهذا يمس صلاحيات رئيس مجلس الوزراء، فاستقال. لم يرجع بري الى طاولة مجلس الوزراء الا بعد صدور المرسوم بعد اشهر. الخيبة الوحيدة التي احتفظ بها مذذاك انه لم يشجع على صدور «تنظيم اعمال مجلس الوزراء» في قانون، مكتفياً به في مرسوم، ما افقده قوة فرض التزامه. في ما بعد وضع الرئيس رفيق الحريري المرسوم في ادراجه وعلّق تطبيقه.

يقول رئيس البرلمان ان حكومة سلام ربما تكون اليوم في حاجة الى وسيلة مماثلة.