IMLebanon

ماذا يُطبَخ في الفاتيكان؟

 

vatican

 

كتب الان سركيس في صحيفة “الجمهورية”:

تأتي المصالحة التاريخيّة التي كانت معراب مسرحاً لها في سياق التوجّه الفاتيكاني منذ شغور سدّة الرئاسة في لبنان، وتحقيقاً للأمنيات التي عبّر عنها الكرسي الرسولي على لسان قداسة البابا فرنسيس والتي جهَد من أجلها السفير البابوي المونسنيور غبريال كاتشيا والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي منذ نحو سنتين. وإذ تندرج هذه الخطوة في سياق التوجّه الفاتيكاني إلّا أنّ ذلك لا يعني دخوله في لعبة الأسماء المرشّحة.التوجّه الفاتيكاني الذي إنشغلت الدوائر البابوية في التسويق له، يقضي بحضّ اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً على إنجاز الإستحقاق الرئاسي بعيداً من لعبة الأسماء والسياسات، على إعتبار أنّ توجّس الكرسي الرسولي من الفراغ الرئاسي يتقدّم على الاسماء والخيارات.

فاللحظة السياسية التي يمرّ بها لبنان والشرق ليست للترف السياسي، بل هي ذات طابع وجودي بالنسبة الى اللبنانيين والمسيحيين، وإنجاز الإستحقاق الرئاسي هو أهمّ من «تخريبه». أما وصول رئيس للجمهورية ماروني الى سدّة الرئاسة في هذه اللحظة بالذات فيوفّر الحدّ الأدنى من الإنتظام ويُعزّز الإستقرار الذي يحتاجه اللبنانيون جميعاً، حسبما تؤكّد دوائر الفاتيكان.

وفي هذا الإطار، تقول مصادر متابعة وقريبة من الفاتيكان لـ«الجمهوريّة»، أن «ما حصل في معراب يدخل في هذا السياق، وينظر إليه الكرسي الرسولي والبطريركية المارونية على أنّه يطوي صفحة سوداء من تاريخ المسيحيين في لبنان ويؤكّد قدرتهم على التصرّف باستقلاليّة ويستدعي من شركائهم المبادرة لإنقاذ الوطن بعيداً من الاصطفافات الإقليمية والدَولية».

وتلفت الى أنّ «الفاتيكان الذي ينظر بعين الرضا الى لقاء معراب، ينأى بنفسه من لعبة الأسماء، فهو يتبنّى روحيّة المبادرة لكنّه يعتبر إختيار المرشّح شأناً لبنانياً». وتضيف: «الفاتيكان لا يمكنه تأييد أيّ مرشّح وهو مستعدّ لقبول أيّ إسم ينفّس الإحتقان والهلع والخوف المسيحي ويُكرّس المصالحة ويفتح قنوات التواصل مع جميع اللبنانيين».

وتقول المصادر «إن الفاتيكان يؤيّد مبادرة معراب من دون تأييد العماد ميشال عون حصراً وقد رحّب بمبادرة الرئيس سعد الحريري من دون تأييد النائب سليمان فرنجية حصراً، ويرى أنّ الذي حصل في معراب هو أكبر من ترشيح بل إنّه مصالحة مسيحية تاريخية يجب أن تصل الى خواتيمها السعيدة».

وتكشف المصادر أنّ ما كان يُحكى عن زيارة لفرنجية الى روما للقاء مسؤولين في الكرسي الرسولي قبل تأجيلها، لا يعني أنّ الفاتيكان يبارك هذا الترشيح أو يُكرّسه، لكنّ الزيارة إن حصلت فستندرج في سياق رعوي، على أن يلتقي رئيس مجمع الكنائس الشرقيّة الكاردينال ليوناردو ساندري، علماً أنّ لأحد المتمولين الموارنة الكبار والنافذين في الكنائس الشرقيّة اليد الطولى في التحضير لها». ولو تمّت الزيارة اليوم، كانت ستتزامن مع وجود البطريرك الراعي في روما حيث يُشارك في تكريس مذبح على إسم القديس مارون.

وفي هذا الإطار، كان السيناريو يقضي أن يزور فرنجية الفاتيكان ويلتقي قداسة البابا مع وفد اغترابي قادم من فنزويلا يضمّ متموّلين موارنة كبار من آل ابشي وطربيه، الداعمين لفرنجية واللذين تربطهما علاقة وثيقة بأمين سرّ دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين منذ أن كان سفيراً بابوياً في فنزويلا، لكنّ ذلك لم يفضِ الى ترتيب موعد لفرنجية والوفد المرافق مع قداسة البابا إما في اطار القداس الصباحي اليومي الذي يترأسه أو في اطار زيارة خاصة تحت غطاء رعوي، وقد يكون أحد أهمّ أسباب تأجيل أو إلغاء زيارة فرنجية الى الفاتيكان عدم القدرة على تحديد هذا الموعد.

ويقول متابعون للملف الرئاسي إنّ أحد رجال الأعمال الموارنة الداعمين لفرنجية حاول رسم مشهدية جامعة، تصوّر أنّ الفاتيكان والراعي يتبنّيان ترشيح فرنجية ويباركانه، ليتمّ إستغلال هذه الصورة في الداخل.

لكنّ مصادر قريبة من الفاتيكان تؤكّد أنّ «الكرسي الرسولي لا يستقبل فرنجية بصفته مرشحاً رئاسياً ولا يؤيّد أيّاً من الأسماء بل إنّ أبوابه مفتوحة أمام الجميع وكما سيستقبل فرنجية عندما يزوره، سيَستقبل الآخرين وهو لا يرضى أن يُغرقه أحد في لعبة الأسماء، خصوصاً أنّه مهما كانت الصورة فإنّ الواقع الذي رسمه لقاء معراب والمصالحة بين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع والعماد ميشال عون أقوى من كلّ الصور، ولا يمكن لأحد تجاوزه وإلّا يصبح الأمر كسراً لإرادة المسيحيين، وهذا لن يقبل به الكرسي الرسولي وبكركي».