IMLebanon

لبنان أغلى دولة في المنطقة وتراجع النفط لم يؤدّ إلا إلى خفض طفيف في أسعار السلع!

Supermarket2

ميليسا لوكية

في أي دولة من الدول التي تحترم حقوق مواطنيها وتضع مصالحهم في قمّة أولوياتها، ينعكس تراجع الأسعار العالمية للنفط ايجاباً على المشتري الذي ينعم تلقائياً بخفض أسعار السلع الغذائية، البنزين، المواصلات وغيرها. لكن لبنان مسُتثنى من هذه القاعدة، إذ لا يزال مواطنوه يعانون الأسعار المرتفعة والفواتير المضاعفة، رغم بروز آراء تؤكد أنَّ الأسعار هبطت، وثمة محاولات تندرج في سياق حماية المستهلك.

استدعت القرارات التي اتخذها وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم، وأبرزها زيادة وزن ربطة الخبز 50 غراماً بدءاً من أول شباط المقبل، توجيه كتاب إلى وزير النقل والأشغال العامة للمطالبة بإعادة النظر في أسعار النقل، خصوصاً النقل المدرسي والأسعار التي تعتمدها سيارات الأجرة، فضلاً عن تسيير دوريات حماية المستهلك في الأسواق على نحو دائم، ممّا شكّل بارقة أمل في نظر المواطن الغارق في تكاليف المعيشة المرتفعة.
لكن الأرقام التي اصدرتها دائرة الاحصاء المركزي في العام الماضي لم تأتِ بأنباء ايجابية إذ بيّنت زيادة بنسبة 0.55 % في مؤشر الأسعار بالنسبة إلى السلع الاستهلاكية، وفق رئيس جمعية المستهلكين زهير برو، الذي يشير إلى أنَّ مؤشر الجمعية سيصدر في الأيام المقبلة وسيحدّد المستجدات الطارئة في هذا المجال.
ويقول برو لـ”النهار” ان “الأسعار تتجه نحو مزيد من الزيادة، رغم أنَّ لبنان يستطيع الافادة من تراجع أسعار الأورو والنفط، وانتشار يد عاملة رخيصة فيه قبل فترة تتمثل في اليد العاملة السورية”، متسائلاً عن الأسباب الكامنة وراء عدم تراجع تسعيرة المولّدات حتى الساعة.
ويعود سبب زيادة الأسعار، برأيه، رغم تضافر كل هذه العوامل التي يفترض أن تدفع نحو خفضها، إلى كون “الاقتصاد اللبناني اقتصاداً مكبّلاً بالاحتكارات من كل الجهات، وغير خاضع لعملية التنافس والعرض والطلب بل لعوامل مختلفة”. وإذ يلفت إلى أنَّ أكثر من 20 قطاعاً ترزح تحت براثن الاحتكار من بينها المواصلات والاتصالات والخليوي والكهرباء والشركات العقارية وغيرها، يؤكد أنَّ هذا الواقع دفع بالبنك الدولي والاتحاد الأوروبي إلى اعلان لبنان أغلى دولة في المنطقة. ويشجّع برو على انشاء جدول أسعار للسلع، على غرار الجدول المحدّد للأدوية، والذي تتحدّد بموجبه أرباح الصيدلي والتاجر مثلاً، ضماناً لتناغم أسعار السلع مع التغيّرات التي تطاول سوق النفط.
في المقابل، يؤكد رئيس جمعية أصحاب السوبرماركت نبيل فهد لـ”النهار” أنَّ أسعار السلع عموماً تراجعت، وفقاً لأصنافها وتكاليف انتاجها وتوزيعها، “بدليل أنَّ الاحصاء المركزي اعلن قبل بضعة أيام أن أسعار السلع الاستهلاكية تراجعت نحو 0.6 %”.
وقد شهدت الحبوب والزيوت النباتية في العام الماضي تراجعاً في أسعارها، في حين ينطبق هذا الواقع حالياً على الحليب، وتحديداً المجفّف منه والمستورد، مستفيداً من الهبوط في العملة الأوروبية الموحّدة، الأورو، فضلاً عن المنتجات التي يدخل الحليب في صناعتها، كالأجبان مثلاً. واذا واصلت أسعار النفط تراجعها، يتوقع فهد أن تسلك معظم السلع الدرب عينه وأن تشهد تراجعاً خفيفاً وتدريجياً.
بالنسبة إلى تعرفة النقل التي يسدّدها مستخدمو سيارات الأجرة “السرفيس”، يبدو أن الموضوع مختلف تماماً، خصوصاً أنَّ المعنيين لا يعتزمون إجراء خفض في التسعيرة. ويؤكّد رئيس اتحاد نقابات النقل البري عبد الأمير نجدة لـ”النهار”، أنَّ الاتحاد طالب مراًراً برفع التعرفة، خصوصاً بعدما زاد غلاء المعيشة في العام 2013 بنسب تناهز 200 %.
وفي حين يشدّد على أنَّ سعر البنزين لا يشكّل غير 17 % فقط من قيمة التعرفة، يلفت إلى أنَّ ثمة عوامل أخرى تدخل على خط تحديد قيمتها، كغلاء المعيشة، أسعار المواد الغذائية وغيرها، “بما يُثبت وجهة نظر الاتحاد في ظل عدم التنبّه إلى الغلاء المستشري”.
ومع ارتفاع العقود الآجلة لخام القياس العالمي “برنت” أمس، وصول مكاسب الأسبوع الجاري إلى نحو 8 % واتجاه الأسعار نحو الارتفاع للأسبوع الثاني توالياً، مدعومة بآمال التوصل إلى اتفاق بين الدول المنتجة على معالجة تخمة المعروض العالمي المتنامية، يتوقع رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط مارون شماس أن تتراجع الأسعار في الأسبوع المقبل، على أن تعاود الارتفاع في الأسبوع التالي. ويعتبر أنَّه بات من الضروري “مواكبة السياسة للاقتصاد، وتالياً ايجاد مؤشر يصدر كل 3 أو 6 أشهر، على ان تحدد وظيفته بمراقبة الأسعار والتغيّرات التي تطرأ عليها، شرط أن تعدّل بطريقة دقيقة وتقنية”.