IMLebanon

دولة الخاطفين… لا المخطوفين! (بقلم طوني أبي نجم)

Czechs kidnapped

كتب طوني أبي نجم

وأخيراً تمّ إطلاق التشيكيين الخمسة الذين خُطفوا في البقاع الغربي في تموز 2015. القصة كانت واضحة منذ الأيام الأولى لعملية الخطف: ثمة موقوف لبناني في تشيكيا بطلب أميركي يُدعى علي فياض عائلته مقرّبة من “حزب الله”، وثمة من يقول إنه يدير بعض الأعمال لمصلحة الحزب أيضاً. تم استدراج التشيكيين الى لبنان، وخُطفوا من أجل فرض عملية تبادل مع الدولة التشيكية.

بكل بساطة لم يقم أي جهاز رسمي بتحقيقات فعلية لملاحقة الخاطفين. أُجريت تحريات أولية كشفت خلفيات عملية الخطف، ففهم المعنيون الرسميون وجوب ألا يتدخلوا في الملف. وعندما نضجت عملية التبادل بين الخاطفين والحكومة التشيكية، لعب جهاز الأمن العام اللبناني دور الوسيط، وتولّى اللواء عباس ابراهيم التواصل مع الخاطفين اللبنانيين لإجراء المفاوضات مع وفد من الاستخبارات التشيكية. وبعد إتمام الصفقة، زار وسطاء اللواء ابراهيم (بحسب جريدة “النهار”) لترتيب عملية التبادل وضمان عدم ملاحقة الخاطفين… وهكذا كان!

المفارقة أن أجهزة لبنانية باتت تلعب أدواراً وسيطة وتتصل بالخاطفين الموجودين على الأراضي اللبنانية عوض أن تلاحقهم وتعتقلهم وتحرر المخطوفين. واللافت أن المعلومات تحدثت عن أن الخاطفين كانوا ينقلون المخطوفين بشكل دائم بين البقاع والجنوب.

هكذا نعيش كلبنانيين مخطوفين في دولة الخاطفين. فالمخطوفون في لبنان دائماً على خطأ والخاطفون على حق. إنها الغابة اللبنانية التي يُطبّق فيها دائما قانون “حجة الأقوى دائماً على حق” (La raison du plus fort est toujours la meilleur).  فعندما ينتمي الخاطفون والمجرمون والمرتكبون و”القديسون” الى بيئة “حزب الله”، يصبحون أقوى من الدولة والأجهزة الرسمية التي تقف “عاجزة” أو متخاذلة أمام “دويلة الولي الفقيه” في لبنان.

يذكر اللبنانيون جيّداً كيف أنه في عزّ عمليات الخطف مقابل فدية في البقاع، توسّط أكثر من مرة مقرّبون من رئيس مجلس النواب نبيه برّي لدى الخاطفين لإطلاق مخطوفين من دون فدية، وفي كل مرة كان الخاطفون يستجيبون لهم!

ووصلت قمة الوقاحة والفجور مع الإطلالة الإعلامية لنوح زعيتر من على شاشة “تلفزيون الجديد” لتؤكد أن المواطنين في لبنان فئتان: فئة من بيئة “حزب الله” و”حركة أمل”، وهي فوق القانون وتفعل كل ما تشاء. ومن الأسماء المشهورة في الفئة الأولى أيضاً ماهر طليس، وكل رؤساء العصابات والمافيات المطلوبين بعشرات مذكرات التوقيف، وليس ثمة من يجرؤ على توقيفهم. والفئة الثانية مؤلفة ممن لا ينتمون الى الفئة الأولى، وتطبّق القوانين حصراً على جميع من هم مصنفون في الفئة الثانية!

يكفي أن نشير الى أن الزميل فيني الرومي عندما ناقش موضوع مقابلة نوح زعيتر على أثير إذاعة “صوت الغد”، تلقى اتصالات تهديد مباشرة على الهواء، ما اضطره الى وقف البرنامج فوراً خوفاً على حياته!

في اختصار، إذا أردت أن تكون “نافذاً” و”محمياً” وفوق القانون في لبنان، ما عليك سوى أن تنتمي الى فئة الخاطفين والبيئة الحاضنة لدويلة “حزب الله”. أما الخطط الأمنية للدولة اللبنانية وقوانينها، فهي لا تسري في كل مناطق نفوذ الحزب، لأننا وبكل بساطة، نعيش في دولة الخاطفين الأقوياء وليس في دولة المخطوفين التعساء!

الدولة في لبنان هي دولة الخاطفين الأقوياء، دولة الخارجين عن القانون، دولة تجار المخدرات وعصابات سرقة السيارات والخطف مقابل فدية، دولة حماية الإرهاب المنظّم… وهي حتما ليست دولة الشعب المخطوف والمغلوب على أمره بين ضبط سرعة زائدة أو حزام أمان في بلد لا أمان له فيه!