IMLebanon

أي نظام ضريبي يحكم القطاع النفطي اللبناني؟

OilMapLebanon
إيفون صعيبي

أشهر مرت على الانتهاء من العمل على مسودة القانون الضريبي المتعلق بالنشاطات النفطية التي رفعتها هيئة ادارة قطاع البترول في لبنان الى وزارة المالية، من دون التوصل الى تصور حول المعدل الضريبي.

يكمن التحدي الاكبر هنا في تحقيق التوازن بين تأمين المنفعة القصوى للاقتصاد الوطني، وفي الوقت عينه إرساء بيئة محفزة وجاذبة للشركات العالمية للاستثمار في هذا القطاع، خصوصاً أن الشركات (46) لا تزال في انتظار الافراج عن النظام الضريبي الذي ستخضع له والذي لا يزال أسير الخلافات السياسية.
بحسب عدد من الخبراء المتابعين للملف المتعلق بالنظام الضريبي لأنشطة الاستكشاف والإنتاج، كان لا بد من العمل على إعداد اقتراح مسودة قانون ضريبي خاص بالأنشطة البترولية، وذلك لعدم مواءمة القوانين الضريبية اللبنانية لخصوصية قطاع الصناعة البترولية في ما يتعلق بالأحكام الضريبية بشكل يراعي التوازن بين السياسة الضريبية العامة للدولة اللبنانية وأفضل الممارسات والقوانين المتبعة عالمياً في قطاع الاستكشاف والإنتاج للنفط والغاز.
عن الموضوع، يوضح رئيس هيئة ادارة قطاع البترول وسام الذهبي ان «النظام النفطي في لبنان يجمع بين نظامي الامتياز والتعاقد، وان عائدات الدولة تتكون من ربح البترول والاتاوات والضرائب. النظام الضريبي تصاعدي، والهدف منه تحقيق الحصة القصوى للدولة وجذب الشركات للاستثمار، وبالتالي فإن الاتاوات المرتفعة على الشركات تمنعها من الاستثمار في المياه البحرية». ويضيف: «تطمح الهيئة الناظمة للبترول الى ان تكون حصة الدولة الاجمالية من الانشطة البترولية حوالى 65%. غير ان المشكلة الفعلية ليست في النظام الضريبي وحده بل في المرسومين العالقين اللذين يؤخران عمليات البدء عن التنقيب. وتجدر الاشارة الى أنه كلما تأخر لبنان في التلزيم التدريجي للبلوكات البحرية، كلما زاد احتمال خسارته للاسواق الاوروبية التي تبحث عن مصدر غاز غير روسيا، خاصة بعد الاجتماع الثلاثي(الاسرائيلي-القبرصي-اليوناني) الذي عقد نهاية الشهر المنصرم، والذي أدى الى وضع أسس عملية لمدّ أنبوب بحري لنقل الغاز من الشواطئ القبرصية والاسرائيلية الى اليونان ومنها الى باقي دول أوروبا.

الى ذلك تضاف امكانية خسارة الاسواق الاردنية والمصرية لصالح اسرائيل التي سينفتح المجال امامها لاستقطاب شركات لا يمكنها العمل لاحقاً في لبنان بسبب قانون المقاطعة.» وأوضح الذهبي ان «النظام البترولي المالي الذي تم اعتماده في لبنان يجمع الإيجابيات الأساسية في كل من منظومة اتفاقية تقاسم الإنتاج ومنظومة الامتيازات ضمن ما عرف باتفاقية الاستكشاف والإنتاج، وتضمّن هذا النظام ثلاثة مصادر عائدات للدولة من الأنشطة البترولية: الإتاوة، بترول الربح وضريبة الدخل التي تدفعها الشركات، وبهذا يكون قد جمع بين نظام الامتياز والنظام التعاقدي». وأضاف: «في مرحلةٍ أولى، يتمّ تحصيل الإتاوة، كما هي الحال في نظام الامتيازات، وقبل تقاسم الإنتاج، تسترّدّ الشركة التكاليف التي تكبّدتها من كميات البترول المنتج ويشار إلى العائدات المتبقية، بعد تحصيل الإتاوة واسترداد التكاليف، ببترول الربح الذي يتمّ تقاسمه بين الدولة والشركات. ويعتبر النظام المالي المعتمد تصاعدياً إذ أنه كلما ارتفعت أسعار البترول أو ازداد الإنتاج أوُ انخفضت التكاليف، ازدادت حصّة الدولة. أمّا عائدات الشركات فتخضع لضريبة الدخل».
بما يتعلق بموعد الاعلان عن دورة تأهيل ثانية للشركات، يشير الذهبي الى «أن هذه المسألة مرتبطة بمدى اهتمام الشركات المؤهلة في العام 2013 وحماستها للعودة والاستثمار في لبنان.»
بحسب القانون رقم 132 الصادر في (24/8/2010) يمكن للدولة ان تأخذ الإتاوة نقداً أو عينا، اما في ما يخص «بترول الربح» فيمكن تقاسم الانتاج بين الدولة وأصحاب الحقوق المحددة وفقاً للحاصل والمستند الى تراكم الانتاج. وعن تحديد الإتاوات في مشاريع المراسيم التطبيقية على مستوى 5 إلى 12٪ للبترول و4٪ فقط للغاز الطبيعي (مقابل نسبة لا تقل عن 12.5٪ في غالبية الدول النفطية)، يعزو بعض الخبراء ذلك الى تعويض الاتاوات المتدنية بضريبة خاصة على الشركات البترولية، تضاف إلى الضريبة العادية على الشركات، ما يؤدي الى رفع مجموع الضرائب على الشركات البترولية. غير ان البعض يظن ان السياسة المتبعة تميل الى المبالغة في منح تسهيلات للشركات بهدف جذبها غافلة وجود شركات عملاقة أقوى من الدول ولا يمكن بالتالي الدخول الى جدول محاسباتها.

نحاس

من جهته، يستغرب الوزير السابق شربل نحاس التعتيم على القانون الضريبي الخاص بالنفط، متسائلاً: «لماذا نسبة الضريبة على دخل الشركات المعتمدة في مشروع القانون الضريبي منخفضة قياساً الى الضرائب المعتمدة في دول اعتمدت عقوداً نفطية مشابهة لحالة لبنان؟». ويضيف: «كان يجب ان يتم التعويض عن نسبة الاتاوة المنخفضة من خلال رفع سقف الضرائب على الشركات الاجنبية لتأمين أكبر عائد ممكن للدولة اللبنانية من ثرواتها النفطية. الى ذلك يميل التوجه نحو اخذ الدولة حصة من الارباح وليس حصة من الانتاج الاجمالي. واذا فرضت الدولة حصة من الانتاج تصبح الشركات مرغمة ان تخفض أكلاف الانتاج والتشغيل قدر الامكان».
وعن الصندوق السيادي الاستثماري للأجيال المقبلة يقول نحاس: «إنه الخطوة الاكثر جدية في موضوع البترول اللبناني، إلا أن التشريعات الخاصة بآليات عمله والرؤية الاستراتيجية لاستثمار العوائد النفطية لا تزال غير مكتملة. لا بد من توضيح كيفية السماح للدولة باستثمار جزء من العوائد ليس لسد عجزها بل لإنشاء مشاريع استثمارية وبالتالي لتجنيب الاقتصاد أي انعكاسات سلبية تنتهي باعتناق سياسات نقدية تعقّم السيولة الوافدة وتبعدها كلياً عن عملية تطوير إنتاجية الاقتصاد وتكبيره».
وتؤكد المحامية والخبيرة في الشؤون النفطية كرستينا ابي حيدر نصرالله: «أن القوانين والمراسيم النفطية لم تحدد نسب الاتاوات ولا معدل الضرائب، بل ان اتفاقية الاستكشاف والانتاج التي على اساسها تقدمت الشركات العالمية بملفات قبولها من الدولة اللبنانية هي التي حددت نسبة 4% اتاوة على الغاز و5 الى 12% اتاوة على البترول بحجة ان هذه النسبة تحفز الشركات التي لديها خبرة وسمعة جيدة للعمل في لبنان، ومن المفترض ان تعمل السلطات المختصة على تعديل هذه النسب في المستقبل كونها نسب متدنية خاصة بالنسبة للغاز،اما بخصوص الضرائب التي ستفرض على الشركات النفطية لم يصدر لتاريخه القانون المتعلق بها ويجب ان يتم الافراج عنه في اقرب وقت ممكن في حال اردنا ولوج هذا القطاع المهم».
كثيرة هي الأسئلة التي تطرح حول القانون المالي للثروة النفطية. الا أن السؤال الأبرز يبقى ما إذا كنا فعلاً جاهزين لدخول مرحلة قد تغير وجه البلاد، والى أي مدى سيراعي القانون الضريبي المنتظر والذي لا يقل أهمية عن المرسومين العالقين في دهاليز السياسة التوازن الطبقي بعد أن اضمحلّت الطبقة الوسطى بفعل الواقع الاقتصادي السائد منذ عقود؟