IMLebanon

زيارة واشنطن و«التبييض» و«التصنيف» و«دويتشه» في الاجتماع الشهري بين «المركزي» والمصارف

BanqueDuLiban
حيدر الحسيني

رغم التحديات الداخلية والخارجية التي تُنتج أنواعاً مختلفة من المخاطر الداهمة على الاقتصاد اللبناني، برز تأكيد جديد من حاكم مصرف لبنان رياض سلامه في اجتماعه الشهري بجمعية المصارف ولجنة الرقابة، على أن الاستقرار الذي تشهده اسواق القطع والفوائد داخلياً خلافا للخارج، تجعل السندات اللبنانية في وضع أفضل من تلك المصدرة من دول وشركات ذات تقويم أعلى من لبنان، بما «يجعلنا مرتاحين لامكانية تمويل الدولة والاقتصاد».

طاولة الاجتماع تميّزت هذا الشهر بدسامتها لناحية التداول بجملة من المواضيع، كان أبرزها تداعيات أزمة «دويتشه بنك» الألماني، والتصنيف المرتقب من الوكالات الدولية لاقتصاد لبنان ومصارفه، فضلاً عن قضايا متصلة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وكذلك الزيارة المؤجلة لوفد من الجمعية إلى واشنطن تسويقاً لسلامة أدائه وتأكيد تطبيق لبنان كافة المتطلبات القانونية لحماية نظامه المصرفي.

سلامه توقف بداية عند التقلبات الحادة التي تشهدها الاسواق العالمية والتي تعود الى تباطؤ النمو خاصة في الصين، والى انخفاض اسعار المواد الأولية وخاصة النفط، والى استمرار معدلات الفوائد السلبية. فتراجعت بفعلها نتائج المصارف. ولاحظ الحاكم ان المصارف في لبنان محيدة عن بعض هذه الاثار لكونها تلتزم تعاميم مصرف لبنان القاضية بعدم التوظيف في الخارج لأكثر من 50 في المئة من رساميلها وفي دول ذات درجة تصنيف تعادل او تفوق درجة الاستثمار وعليها احترام سقف تسليف قدره 50 في المئة من قيمة محفظة الاسهم والسندات المفترض الاحتفاظ بها وادارتها في حسابات مستقلة.

ورأى الحاكم كذلك ان تراجع اسعار النفط ينعكس حكماً على حجم تحويلات اللبنانيين ولكنه بالمقابل يوفر على خزينة الدولة مبالغ كبيرة ساعدت عل ضبط العجز عند حدود مقبولة.

ونوه اخيرا بإقرار لبنان للتشريعات المالية المطلوبة دوليا مما لا يجعل لمنظمة مجموعة العمل المالي (غافي) في اجتماعاتها في باريس ملاحظات اضافية حول لبنان. وأمل ان تبني المصارف على اقرار القوانين واسقاط مآخذ «غافي» لتكريس علاقات افضل مع المصارف المراسلة.

التحرك باتجاه واشنطن

رئيس جمعية المصارف جوزف طربيه أحاط المشاركين في اللقاء علماً بأنه تلقى كتاباً من القنصل العام ونائب الرئيس التنفيذي للاحتياطي الفيدرالي الاميركي ـ نيويورك، طوماس باكستر، متمنياً عليه ان ترعى جمعية المصارف في لبنان، جنباً الى جنب مع اتحاد المصارف العربية، المؤتمر الذي سينعقد في 18 نيسان 2016، بما يشير الى دور القطاع المصرفي اللبناني مع الدول العربية وليس داخلياً فقط.

وأشار طربيه في هذا السياق الى الموقف الواضح والصارم الذي عبر عنه وزير المالية علي حسن خليل في افتتاح المؤتمر الأخير للمصرفيين العرب في ما خص التزام الدولة مكافحة تمويل الارهاب وتبييض الاموال بكل جوانبه واشكاله، بحضور وفود مصرفية عربية وجهات اجنبية وممثلي سفارات عربية وأجنبية، في موقف يعبر عن التزام الدولة والقطاع الخاص القوي بمكافحة تمويل الارهاب وتبييض الأموال.

وأعلم طربيه أخيراً المشاركين ان الجمعية ستكمل بعد مؤتمر نيويورك زيارتها الى واشنطن والتي كانت قد تأجلت بسبب الطقس.

وأثنى الحاكم على أهمية تحرك الجمعية وضرورة استمراره وتكثيفه خصوصا باتجاه المصارف المراسلة وتحديداً مع مسؤولي الالتزام لديها (Compliance Officers) نظراً لأهمية موقعهم في ما خص استمرار العلاقة وتجنب مخاطر توجه المصارف الأميركية والأوروبية إلى قطع علاقاتها المصرفية بالمصارف العربية أو ما يعرف بـ(De Risking).

وأوضح طربيه من جهته ان ممثلين من المصارف الأميركية المراسلة سيشاركون في مؤتمر الاحتياط الفيدرالي في 18 نيسان المقبل. وشجع سلامه رؤساء مجالس الادارة المدراء العامين حضور هذا المؤتمر اذ من الأهمية بمكان التواصل المباشر مع مسؤولي المصارف المراسلة.

قرارات مجلس الأمن

في بعض جوانب تطبيق القرار الأساسي الذي اصدره مصرف لبنان تحت الرقم 136 تاريخ 22/12/2015، و(يتعلق هذا التعميم الهام جداً بتطبيق قرارات مجلس الأمن رقم 1267/99 والقرم 1988/2011 والرقم 1989/2011 والقرارات اللاحقة ذات العلاقة)، فقد أدرجت الجمعية هذا البند بغية ايضاح المادة الثانية منه والتي تطلب من المصارف تطبيق أحكام هذا القرار على الفروع والمؤسسات الشقيقة أو التابعة في الخارج (إن وُجدت). وأوضح جانب الجمعية ا ن التشريعات والنظم المعمول بها في بعض الدول حيث تتواجد المصارف اللبنانية تحظر اعطاء اسماء او معلومات عن عمليات وأسماء الزبائن في دولها.

فأوضح الحاكم ان التعميم 136 لا يطلب اليهم تبليغ هيئة التحقيق في لبنان عن عملاء لهم في الخارج ادرجت أسماؤهم على لوائح عقوبات الأمم المتحدة بل ابلاغها للسلطات المعنية في الدول التي يتواجدون فيها.

تداعيات «دويتشه»

أثار جانب الجمعية تحت هذا البند تساؤلين:

ـ يتعلق الأول بالانعكاسات الممكنة علينا لتدهور قيمة أسهم وسندات بعض المصارف العالمية الكبرى كدويتشه بنك وغيره (أسعار السوق 30 في المئة من قيمتها الدفترية). فرأى الحاكم انها واقعة بين ارتفاع اعباء التحقق والالتزام لديها من جهة، وبين ضرورة تحقيق ارباح من جهة ثانية. ويراقب المستثمرون كيف ومن اين، ستحقق هذا المصارف ارباحها. وتوقع ان تغير هذه المصارف من أنماط ونماذج عملها (Business Models).

ـ التساؤل الثاني يتعلق بموضوع درجة التصنيف السيادية علماً ان مؤسسات التصنيف ستزور قريباً لبنان. ولاحظ جانب الجمعية على هذا الصعيد انه رغم تراجع اسعار المحروقات وتراجع فاتورة تحويلات الخزينة الى مؤسسة الكهرباء، يستمر عجز المالية العامة وعدم انجاز الاصلاحات المطلوبة في ظل الوضع السياسي القائم. وجاء في تعليق سلامه ان اسعار النفط من المتوقع ان تنخفض الى دون مستواها الحالي او ان ترتفع الى حدود 40/50 دولار حسب الأوساط المختصة أي لا عودة قريبة الى المستويات التي كانت سائدة فوق 100 دولار للبرميل. ويمكن تجنب ارتفاع فاتورة المحروقات من خلال انجاز عقود تسليم طويلة الأجل حالياً. واستبعد أن تلجأ مؤسسات التقويم الى تخفيض التصنيف اذ لم تتدهور الأوضاع المالية رغم عدم اقرار الاصلاحات.