IMLebanon

هل تتجاوز السعودية التعديلات.. وتفرج عن المليارات؟

tamam-salam-ramzi-jreije

 

 

كتبت صحيفة “السفير”:

يفترض أن يشكل تحديد مواعيد لزيارات رئيس الحكومة تمام سلام، على رأس وفد وزاري، إلى السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، أول إشارة إيجابية، على أن يشكل برنامج الزيارات، وخصوصا للسعودية، وما سيصدر عندها، الاختبار لمدى التجاوب الملكي السعودي مع موقف حكومة لبنان ونداء رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري وعريضته.. ولو غلب عليها الطابع الاستعراضي!

وإذا كان تقييم كل من فريقي «8 آذار» و «14 آذار» قد جاء إيجابياً لما صدر عن الحكومة، فإن السؤال المطروح: هل يعتبر كافياً بالنظر لما كان ينتظره السعوديون، أم ينبغي أن يكون وقعه «أقوى»؟

وفق مصدر قريب من القرار السعودي، يعتبر البيان اللبناني «غير كاف». لماذا؟

يقول أحد الوزراء إن مسودة أولية للبيان الحكومي كان قد تم تبادلها بين بيروت والرياض، وتمت «مباركتها»، غير أن المفاجأة تمثلت في صعوبة «تسويقها» في مجلس الوزراء، ذلك أن المناخ الذي كان قد تفاهم عليه الثلاثي نبيه بري (قبيل سفره إلى أوروبا) وتمام سلام ووليد جنبلاط، كان يؤشر إلى ضرورة لمّ شمل الحكومة وإعادة تزخيمها وتمرير صيغة تحظى بإجماع كل المكوّنات الحكومية.

وعلى أساس ذلك، دخل الوزراء إلى الجلسة، ليتبين لمعظمهم، وهم كانوا في حكم المتفرجين، أن تمرير الصيغة التي وزعتها عليهم الأمانة العامة لمجلس الوزراء، دونه محاذير، خصوصا من جانب «حزب الله» الذي كان حريصا، بالتكافل مع حركة «أمل»، على التدقيق في أدق التفاصيل والعبارات الواردة في البيان.

وعلى مدى سبع ساعات تقريبا، ظل «الخط الساخن» مفتوحا بين المعاون السياسي للأمين العام لـ «حزب الله» الحاج حسين الخليل من مكتبه في حارة حريك، والخلية الوزارية التي انعقدت على هامش الجلسة الحكومية وضمت إلى رئيس الحكومة، وزير الداخلية نهاد المشنوق، وزير الدولة محمد فنيش، وزير الصحة وائل أبو فاعور ووزير المال علي حسن خليل الذي كان يتولى معظم الصياغات بعد التفاهم عليها مع المعنيين، وخصوصا «حزب الله».

ولوحظ أنه بالتزامن مع «الخط الساخن» بين حارة حريك و «السرايا الكبيرة»، فتحت الخطوط أيضا بين «السرايا» و «بيت الوسط»، وبين «السرايا» وكليمنصو، فكان أن صدر البيان بالإجماع ومن دون اعتراض أو تحفظ أي من مكونات الحكومة على أي فقرة من الفقرات الخمس.

في الفقرة الأولى، تمسك «حزب الله» بإضافة تعديلين، الأول، هو «بما يصون الوحدة الوطنية اللبنانية»، والثاني، «في القضايا المشتركة»، أي أن ركيزة الوقوف الى جانب العرب هي الوحدة الوطنية اللبنانية، كما أن الإجماع العربي مرهون بالقضايا المشتركة.

وأصبحت الفقرة الأولى كالآتي:

«أولا، انطلاقا من نص الدستور القائل إنّ لبنان عربي الهويّة والانتماء، وعضو مؤسّس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزمٌ مواثيقها، وانطلاقاً من العلاقات الأخويّة التاريخيّة التي تربطه بالإخوة العرب، ومن الحرص على المصلحة العليا للجمهورية اللبنانية (بما يصون الوحدة الوطنية اللبنانية)؛ فإنّنا نؤكد وقوفنا الدائم الى جانب إخواننا العرب، وتمسّكنا بالإجماع العربيّ (في القضايا المشتركة) الذي حرص عليه لبنان دائماً».

في الفقرة الثانية، تضمن النص الأخير الآتي:

«ثانيا، إنّ مجلس الوزراء يجدّد تمسكه بما ورد في البيان الوزاري لحكومة «المصلحة الوطنية» من أن علينا، في هذه الأوقات العصيبة التي تمرّ بها منطقتنا، أن نسعى إلى تقليل خسائرنا قدر المستطاع، فنلتزم سياسة النأي بالنفس ونحصّن بلدنا تجاه الأزمات المجاورة ولا نعرّض سِلمَه الأهلي وأمانَهُ ولقمة عيش أبنائه للخطر».

وكانت قد تضمنت هذه الفقرة جزءا ثانيا مكملا لها أصر «حزب الله» بالتنسيق مع باقي مكونات «8 آذار»، على «نسفها» وحذفها نهائيا، وكانت تتضمن الآتي: «ان هذه السياسة (النأي بالنفس)، لا تعني النأي بلبنان عن أشقائه العرب والتنكر لهم ولموجبات الأخوة وللمسار التاريخي للعلاقات بين لبنان والدول العربية وخصوصا المملكة العربية السعودية التي ما قصرت يوما في حق لبنان وما بادرته على مدى تاريخه إلا بجميع أنواع الدعم والمساندة وبكل ما يحقق له الخير ويخدم أمنه واستقراره ووحدة أبنائه وسيادته على أراضيه».

في الفقرة الثالثة، أصر «حزب الله» على إضافة عبارة «والدول الشقيقة والصديقة»، استكمالاً للإشادة بدور السعودية، فأصبحت بصيغتها النهائية كالآتي:

«ثالثاً: إنّ لبنان لن ينسى للمملكة رعاية مؤتمر الطائف الذي أنهى الحرب في لبنان، ومساهمتَها الكبيرة في عملية إعمار ما هدمته الحرب، ودعمَها الدائم في أوقات السلم لمؤسساته النقديّة والاقتصادية والعسكرية والأمنية. كما لن ينسى أنّ المملكة، وباقي دول الخليج العربي (والدول الشقيقة والصديقة)، احتضنت ولا تزال مئات الآلاف من اللبنانيين من كل الطوائف والمذاهب، الذين يساهمون بجهودهم في نهضة هذه المنطقة العزيزة من عالمنا العربي وينعمون بالأمان والاستقرار في ربوعها».

وقد حُذفت الفقرتان الرابعة والخامسة من مسودة البيان الأصلية نهائيا نتيجة اعتراض «حزب الله» أساساً، وهما كانتا تتضمنان الآتي:

– «وانطلاقا من هذه الحقائق ومن موجبات الوفاء ومقتضيات الأخوة، فإن لبنان يعتبر أي ضيم يصيب المملكة انما يصيبه في الصميم وهو يجدد استنكاره للاعتداءين اللذين تعرضت لهما السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية العامة في مشهد».. والسبب في رفض هذه الفقرة أن لبنان الرسمي بحكومته وعلى كل مستوياته أدان واستنكر التعرض للسفارة السعودية في طهران، أي أن هذه الفقرة هي لزوم ما لا يلزم.

– «ان مجلس الوزراء يؤكد أن أي إساءة للدول العربية الشقيقة وخصوصا المملكة العربية السعودية وبلدان مجلس التعاون الخليجي هي ضرر يصيب المصالح العليا للبنان وهو يدعو (مجلس الوزراء) جميع القوى السياسية أن تراعي في مواقفها هذه المصالح الوطنية».. والسبب في رفض هذه الفقرة أن لبنان بلد حر ويجب عدم تكبيل الحريات فيه.. إلا اذا كان المطلوب أن يسري وقف الحملات ليس فقط على السعودية بل على ايران وسوريا أيضا.

ومع حذف هاتين الفقرتين بصورة نهائية، أصبحت الفقرة الرابعة تتضمن الآتي:

«رابعاً: إنّ مجلس الوزراء يعتبر أنه من الضروري تصويب العلاقة بين لبنان وأشقائه وإزالة أي شوائب قد تكون ظهرت في الآونة الأخيرة» (حذفت من نهايتها عبارة «نتيجة موقف لبنان في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة واجتماع منظمة التعاون الإسلامي في جدة»)، والسبب في الإصرار على الحذف هو حماية موقف وزير الخارجية الذي كان منسقاً بالكامل في القاهرة مع رئيس الحكومة وكونه اعتبر أن موقف لبنان في جدة جاء مكملاً لموقف القاهرة.

وأصبحت الفقرة الخامسة تتضمن الآتي:

«خامساً: تمنّى مجلس الوزراء على رئيسه إجراء الاتصالات اللازمة مع قادة المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي تمهيداً للقيام بجولة خليجية على رأس وفد وزاري لبناني لهذه الغاية».

وعلم أن كل مكوّنات «8 آذار» رفضت إضافة أي نص الى الفقرة الأخيرة يربط بين الجولة الخليجية وتقديم اعتذار لقادة هذه الدول.

ويمكن تسجيل عدد من الملاحظات على النتيجة التي توصلت اليها الحكومة في جلسة أمس، أولاها، نيل البيان إجماع كل الوزراء، ثانيتها، محافظة الحكومة على زخمها، ثالثتها، تجاهل استقالة وزير العدل أشرف ريفي نهائيا، رابعتها، التشديد على أهمية أن تكون الوحدة الوطنية ركيزة تعامل لبنان مع أي معطى في سياسته الخارجية، وبالتالي حماية موقف وزير الخارجية بعدما كان عرضة لانتقادات شديدة في الأيام الأخيرة.

واذا كانت السعودية قد اعتبرت البيان غير كاف حسب بعض المقربين من دوائر القرار فيها، فإن الأكيد أن البيان سيخضع للقراءة الدقيقة والمعمقة، مع بروز منحى سعودي للتعامل الايجابي معه حسب المصدر نفسه الذي قال ان السعوديين وضعوا معادلة واضحة «أسمعونا ما عندكم لنسمعكم ما عندنا»!