IMLebanon

“الحزام الأمني” الإيراني

hezbollah-and-iran

 

كتب علي نون في صحيفة “المستقبل” لا يخالف أي صواب القول إن “حزب الله” هو المنظومة الوحيدة من نوعها في هذا العالم التي ترى أن الدفاع عن مصالح جمهورها وبيئتها ومحيطها المباشر يكون بتحطيم تلك المصالح والفتك بها وإرجاعها إلى الوراء.

وذلك يتمم المعطى الأشمل القائل بانقلاب التوصيف الوظيفي لـ”المقاومة” في لبنان (والمهجر!) رأساً على عقب، بحيث صار المطلوب أن تدفع الأثمان (وأي أثمان؟) من أجلها وليس أن تدفع هي التضحيات المفترضة والمدعاة الواردة في حيثيات ومبررات وجودها من أساسه.

بعد حرب العام 2006 مع إسرائيل، لم يجد “حزب الله” في الخسائر الكبيرة بشرياً ومادياً التي لحقت باللبنانيين في كل المجالات، شيئاً يستحق الرثاء أو التأسي أو الأسف، بل راح الخطاب في جوهره وظاهره إلى أنشودة “انتصار إلهي” باعتبار “أن العدوان لم ينل من المقاومة” ولم يهزمها.. تماماً مثلما حصل غداة حرب العام 1967 التي رأى فيها “البعث” السوري “انتصاراً” لأن خسارة الأرض لم تعنِ انهيار نظامه!

والواقع، أن تماس اللبنانيين في اغلبيتهم مع واقعهم المزري هذا، ما كان مرة بهذا القرب (إن لم يكن التماهي) مثلما هو في هذه الأيام. حيث إنهم يعيشون حالة أشبه ما تكون بحالة الرهائن المأخوذين غصباً عنهم إلى تشكيل حائط صدّ وحماية لخاطفين يحملون أجندة لا تعني غيرهم! أو بالأحرى ما عادت تعني سوى أصحابها. وهذه لا تني تتطاول وتتوسع وتؤكد ارتباطاتها العابرة فوق الكيان الوطني وكل ما فيه ومن عليه.

والأنكى في هذه الوضعية المنكرة، أن الخاطفين لا يعتذرون الى رهائنهم، بل يمنونهم بالدفاع عنهم في وجه “مخاطر” و”مؤامرات” و”نيّات شريرة” لا يراها غيرهم! ثم يذهبون إلى ادعاء البراءة والفداء، باعتبار أن “مقاومتهم” هذه وصلت إلى اليمن من اجل الدفاع عن لبنان! وذهبت إلى سوريا من أجل صون بيروت! وراحت إلى البحرين والكويت لمنع انهيار دفاعات صور وبنت جبيل! وتَوّجت وتتوّج “نضالها” باستهداف السعودية دفاعاً عن طرابلس وصيدا وبعلبك والجبل! ومرّت على العراق من أجل حفظ النظام اللبناني دستوراً وروحاً! وصوناً لطريقة عيش اللبنانيين وحريتهم المهددة بأفدح الأخطار!

غير أن من ألطاف رب العالمين بهم، أن يخرج من إيران ذاتها كلام متكرر يبخّس فداءات وتضحيات وادعاءات الدفاع عنهم وعن مصالحهم! ويؤكد أن ضناهم هذا هو لخدمتها هي فقط.. ونقطة في آخر السطر.

وقال أحد كبار المسؤولين الإيرانيين، وهو أمين “مجلس تشخيص مصلحة النظام” محسن رضائي، إن بلاده تحارب خارج حدودها لتدفع الخطر عنها.. وأورد الآتي حرفياً “لقد تمكنا من توسيع دائرة الحزام الأمني حول إيران إلى مسافة 2000 كيلومتر. وينبغي الحفاظ على هذا الحزام”. بل إنه راح في الوضوح أكثر من ذلك عندما أكد أن تنعّم إيران بأمنها وأمانها يعود الفضل فيه إلى ذلك “الحزام الأمني” الخارجي.

.. لو يتواضع أرباب “المقاومة” عندنا بادعاءاتهم، ويحترمون بقايا من بقايا مصالح للبنان واللبنانيين، ويتركونها خارج منظومة “الحزام الأمني” الإيراني.. إذا كان المجال لا يزال مفتوحاً لذلك، في كل حال!