IMLebanon

قطاع الخدمات بارقة أمل للشباب والحاضن الأكبر لليد العاملة

JobOpportunities

ميليسا لوكية

استُكملت جهود وزارة العمل الهادفة إلى إيجاد فرص عمل للبنانيين القابعين في البطالة والحدّ من تدفّق اليد العاملة الأجنبية إلى السوق المحلّية بإصدار “دراسة اليد العاملة في المؤسسات التجارية والخدمات”. ورغم الاضطراب الذي يرافق المتخرجين والمخاوف التي تتملّكهم نتيجة تراجع فرص العمل، تبيّن أنَّ القطاع التجاري والخدماتي يشكّل بارقة أمل بالنسبة إلى هؤلاء نظراً إلى مساهمته بأكثر من 75% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

لا تقتصر الأسباب الكامنة خلف انتشار البطالة على الأسباب المعلومة، بل تتخطّاها لتشمل التخمة التي تتميّز بها قطاعات عدة، فيما تعاني أخرى نقصاً كبيراً، فضلاً عن عدم تعزيز التعليم المهني الكفيل بتسهيل الخروج من البطالة.
جاء ذلك على لسان وزير العمل سجعان قزي الذي عقد مؤتمراً صحافياً أطلق خلاله “دراسة سوق العمل في المؤسسات التجارية والخدماتية” التي وضعتها المؤسسة الوطنية للاستخدام، بالتعاون مع جمعية تجار بيروت ومصرف “سوسيته جنرال”.
وقد أكَّد قزي أنَّ هذه الدراسة تعطي صورة واضحة للشبان والشابات عن إمكان وجود فرص عمل لهم عندما يتخرّجون في قطاع التجارة بكل تفرعاته، مشيراً إلى أنَّه في الوقت الذي يجري فيه البحث عن فرص عمل للبنانيين، ثمة من يطرح مشاريع مشبوهة لتوظيف اللاجئين السوريين في لبنان. وفي حين أكَّد “أننا لسنا ضد اللاجئين السوريين أو أي أجنبي يعمل في لبنان، لأنَّ لبنان من دون اليد العاملة الأجنبية لا يكون لبنان، لكننا لا نريد أن يكون تشغيل اللاجئين جزءاً من خطة تثبّتهم على الأراضي اللبنانية مما قد يؤدّي الى التوطين”، كشف أنَّ “نسبة البطالة وصلت إلى 25% لدى اللبنانيين، مقابل 23% عند الفلسطينيين، أي أقل مما هو موجود لدى اللبنانيين”. وقد وضع قزي هذه الأرقام بين يدي الرأي العام.
وذكّر بمشروع “فرصة العمل الأولى للشباب” وقيمته 10 مليارات ليرة، الذي تقرّر في مجلس الوزراء قبل عام وخصصت له الأموال، قبل أن يُلغى بفعل خطأ إداري حصل بين البنك الدولي وأمانة سر رئاسة مجلس الوزراء. وهنا سأل: “هل يوجد بلد يحترم نفسه يفوّت على شبابه 4800 فرصة عمل خلال خمس سنوات بسبب خطأ إداري وروتيني؟”.
يعتبر القطاع التجاري المشغل الأول للقوى العاملة اللبنانية، نظراً إلى أنَّه يضمّ 27% من القوى العاملة اللبنانية، مما يجعله متفوقاً على كل القطاعات الأخرى في هذا المجال، في حين أنَّ الأيام الصعبة تُخضعه لاستنزاف كبير في الموارد البشرية بفعل الأضرار الكبيرة التي يتكبّدها، بحسب رئيس جمعية تجار بيروت نقولا الشماس.
في المقابل، يوظف القطاع أجيالاً من اللبنانيين، منهم المخضرمون الذين أسّسوا شركاتهم والشباب الجامعي الذين يتوجهون بحماسة نحو هذا القطاع، بما يؤكد أنَّه لا يزال مرغوباً ومقصوداً.
ويقول الشماس لـ”النهار” إنَّ المعلوماتية الإدارية، المحاسبة التحليليّة ومراقبة الإدارة مثلاً اختصاصات دقيقة غير موجودة بالعدد المطلوب في لبنان الذي تخضع سوق العمل فيه إلى منافسة من سوق العمل في الخليج بسبب الأجور المرتفعة هناك، مشيراً إلى أنَّ للمؤسسة الوطنية للاستخدام دوراً أساسياً لأنها وجدت ضرورة لتفعيل أسواق العمل.
وفي حين شدّد على أهمية أن تنشر المؤسسة مكاتب استخدام في كل المناطق، لفت إلى أنَّها لا تقوم بواجباتها نظراً إلى محدودية إمكاناتها.
ومن أبرز ما بيّنته الدراسة أن القطاع التجاري، المكوّن من مؤسسات صغيرة، هو المستوعب الأكبر لليد العاملة، رغم أنَّه معرض للصعوبات الاقتصادية.
وتعاني السوق في لبنان 4 أنواع من البطالة: البطالة الاحتكاكية، والتي تعني أنَّ الطلب والعرض موجودان، لكنّهما غير متقاربين، فيما النوع الثاني هو البطالة الظرفية الناتجة من الظروف الاقتصادية التي نعانيها في لبنان منذ اليوم الأول لاندلاع الحرب في سوريا حتى اليوم، البطالة الهيكلية بسبب عدم المواءمة بين المتخرجين ومتطلبات سوق العمل، وأخيراً البطالة المقنعة التي تعني أنَّ الإنسان لديه وظيفة لكن الأجر غير ملائم أو لا يعمل في مجال اختصاصه. وختم شماس أنَّ ثمة نقصاً بمعدل 40% في الوظائف الإدارية في المؤسسات التجارية.
من جهته، يقول المدير العام للمؤسسة الوطنية للاستخدام جان أبي فاضل لـ”النهار” إنَّ أكثر الصعوبات التي تواجه مهمات المؤسسة هي المنافسة من اليد العاملة السورية والفلسطينية، إذ يفضل أرباب العمل الاستعانة بهم كونهم يقبلون بأجور أدنى من اللبنانيين، مشيراً إلى أنَّ المؤسسة كانت قادرة على توفير وظائف بنحو 800 وظيفة سنوياً، إلا أنَّ هذه النسبة خفت كثيراً بعد الحرب السورية.
وتوازياً مع هذه المشكلة، تواجه المؤسسة مع أصحاب العمل “الذين نحرص على إقامة أفضل العلاقات معهم”، وفق أبي فاضل، عائقاً يتمثّل في “أنّنا وبعد توفير العمال والموظفين لهم، يعدلون عن فكرة توظيفهم بحجة أن بعضهم من أصحاب الكفايات العالية، وتالياً ليس بإمكانهم تحميل ضميرهم وإعطائهم رواتب ضئيلة، فيستبدلونهم بعمال أجانب”.
وإذ أشار إلى أنَّ بعض المؤسسات يفضل أن يبقي بعض الوظائف شاغرة لديه في حال طلب منهم أحد المسؤولين خدمة في هذا الشأن، كشف أنَّ المؤسسة ستطلق خلال الأشهر القليلة المقبلة البوابة الالكترونيّة بالتعاون مع “مايكروسوفت”، بما سيسهّل على طالبي الوظائف والمؤسسات إيجاد ما يحتاجون إليه.
وقد بيّنت الدراسة أنَّ التدفق الكثيف للاجئين السوريين أدّى إلى تداعيات سلبية وعميقة على سوق العمل، بما ساهم في رفع معدّلات البطالة، وفق البنك الدولي، من 11% إلى 21%، مضيفاً إلى أن عدد العاطلين عن العمل تراوح ما بين 220 و324 ألفاً في نهاية العام الماضي.