IMLebanon

بلديات السياسة (بقلم بسام أبو زيد)

election-lebanon

كتب بسام أبو زيد:

دخلت القوى السياسية والعائلية والأهلية هذا الأسبوع في المرحلة الأخيرة من السباق على المقاعد البلدية والاختيارية، ولا بد من القول إنه بعد مضي سنتان على الفراغ الرئاسي وتمديد ولاية مجلس النواب ولاية كاملة استطاعت هذه السلطة أن تنظم هذه الانتخابات من النواحي العملية واللوجستية والأمنية.

كل هذه الأمور أيضا متوفرة لإنتخابات نيابية ولكن العائق الأساس أمام هذه الخطوة يتلخص حاليا بعدم انتخاب رئيس للجمهورية وبعدم انتاج قانون انتخابي يجمع عليه الجميع.

وبإنتظار أن تحدث أعجوبة في هذا المجال تبقى للإنتخابات البلدية أهمية كبرى إذا أراد السياسيون فعلا أن يتركوا تلك المجالس البلدية تعمل كإدارة محلية مطلقة الصلاحيات تساهم في تطوير المدن والقرى وفق منهجية شفافة.

إن المؤشر الأول على عدم احترام السياسيين اللبنانيين لإرادة المجموعات الشعبية هو تدخلهم السافر في تلك الانتخابات بحيث أنهم يحاولون أن يفرضوا على الناخبين توافقا فوقيا مركبا يسقط عند أول خلاف بين العرابين السياسيين لأي مجلس بلدي.

لا يريد غالبية السياسيين لهذه المجالس البلدية أن تكون بعيدة عن متناول يدهم يعبثون فيها ساعة يشاؤون ويغلبون فريقا على آخر في محاولة منهم لشل المجلس البلدي حتى أنهم ابتدعوا صيغة المداورة في الرئاسة ما زاد من قدرتهم على التدخل وشل عمل هذه الإدارة المحلية.

واللافت في تدخل هذه الأحزاب أنها حيث تمتلك الغالبية المطلقة تحاول أن تستفرد بالمجالس البلدية رافضة الشراكة مع الأحزاب الأخرى وربما حتى العائلات فتختار من يمثلها وهو منظم في صفوفها أو يدور في فلكها.

   وإذا كانت بعض الأحزاب تعتمد الترغيب فإن البعض الآخر يعتمد الترهيب بحيث أن أي منافسين له في هكذا انتخابات تطرح بحقهم علامات استفهام متعددة تبدأ من أهدافهم ولا تنتهي بالتخوين.

أن المجالس البلدية هي إدارة محلية بامتياز ويفترض بالمنطق أن لا يتدخل العقل السياسي في تركيبها ونقل خلافاته أليها كي تكون إدارة متجانسة تمثل بالفعل المجتمع المنبثقة منه تعرف مشاكله ومعاناته وتبتكر الحلول العملية لتسهيل حياة المواطنين. ولا بد أيضا للعقل السياسي أن يقاتل بقوة لمنح هذه البلديات القدرات المالية كي تقوم بواجباتها لا أن يحاصرها ويحجب عنها العائدات ساعة يشاء لأهداف قد تصل أحيانا إلى حدود الأمور الشخصية إذ أن نوابا كانوا يضغطون كي يستمر الشح المالي في البلديات لأن بعض مجالسها كان فاعلا خدماتيا أكثر  فأصبحوا يخشون على مواقعهم من رئيس هذه البلدية أو تلك.

إن أحزابا وقوى سياسية لا تنفك تتكلم ليل نهار عن أهمية اللامركزية الإدارية في لبنان وكلامهم هذا تبدأ ترجمته من خلال مجالس بلدية حرة وقادرة نجمت عن أرادة حرة بالانتخاب من الحزبيين وغير الحزبيين من الأهالي، بحيث تشكل هذه البلديات نواة اللامركزية الإدارية  التي ترفع عن كاهل النواب والقوى السياسية عبأ كبيرا من المراجعات اليومية ومشاكل البنى التحتية إن هم رغبوا بذلك.

إن تعزيز أوضاع المجالس البلدية يستلزم العديد من الخطوات التي يجب أن تبدأ مع تشكيلها وأبرزها أن رئيس المجلس البلدي يجب أن يختار مباشرة من الناخبين لا من قبل أعضاء المجلس البلدي حيث قد تلعب الحسابات الشخصية ادوارا سلبية، ولا بد أيضا من تعزيز السلطات المالية لهذه المجالس وربطها بالشفافية في الإنفاق إذ أن ذلك يخرجها من بيروقراطية تعيش فيها الدولة والمجتمع السياسي ويخشى أن تتمكن من الإدارات المحلية وفي مقدمها البلديات فتسقطها حيث سقط الآخرون ويعانون للخروج من هذه السقطة.