IMLebanon

وصفات الطعام وبرامج الطبخ تفتحان شهية المعلنين .. ومحافظهم

cooking
آنا نيكولاو وروبرت كوكسون

وقع أكثر من 100 ألف شخص على عريضة الأسبوع الماضي، احتجاجا على خطة شبكة بي بي سي لإزالة الوصفات من موقعها الإلكتروني، وهي جزء من خطوة لتخفيض التكاليف توفر 15 مليون جنيه سنويا على الشبكة.

تراجعت الشبكة عن قرارها منذ ذلك الحين، قائلة إنها ستنقل الوصفات إلى موقع إلكتروني مملوك لـ “بي بي سي ويرلدوايد”، ذراعها التجارية. مع ذلك، مستوى الغضب الشعبي أكد ما عرفته العديد من شركات وسائل الإعلام الرقمية الطموحة منذ بعض الوقت: في العالم المشوش على الإنترنت، الطبخ يتميز ويجذب جماهير كبيرة.

شركات مثل بزفيد عرضت في الأسابيع الأخيرة فيديوهات الطبخ الخاصة بها على الإنترنت والمواقع الإلكترونية باعتبارها المحرك الأساسي لنمو الحركة، على أمل أن البرامج الغذائية الجديدة سوف تثير اهتمام المعلنين المحتملين.

يقول ديفيد جرانت، من بوبشوجر، شركة المحتوى الرقمي التي تستهدف النساء، إن الطعام أصبح يحتل موقعا مهما ونشطا على الإنترنت. “هناك فرح عميق وتعلق بالطعام. مشاهدة الطعام يصنع تجعل الناس سعداء”.

صناعة الوصفات ليست جديدة، لكن وسائل الإعلام الاجتماعية والهواتف الذكية أشعلت فتيل انفجار من الاهتمام بالقطاع، وباتت شركات الإعلام تغتنم الآن فرصة العناصر البصرية للوصفات، من خلال أشرطة فيديو سريعة لمدة 30 ثانية مصممة للانتشار على وسائل الإعلام الاجتماعية. يقول جرانت: “إنه بعد جديد للطعام (…) لقد فهم بعض الناشرين أن الأمر لا يتعلق فقط بالرغبة في معرفة الوصفة”.

ووفقا لشركة توبولار لابز للأبحاث، شوهدت الفيديوهات المتعلقة بالطعام 23 مليار مرة في عام 2015، بزيادة 170 في المائة عن العام السابق. وكل تلك المشاهدة موجودة تقريبا على يوتيوب وفيسبوك. والأغلبية العظمى من جمهور يوتيوب بين 18 و34 عاما، حيث تم تحميل أكثر من 50 ألف فيديو طعام على المنصة العام الماضي.

وجذب مقطع فيديو يظهر شقيقتين تصنعان البيتزا من مكونات غامضة 31 مليون مشاهدة – ما جعله فيديو الطعام الأكثر مشاهدة عام 2015.

شهد المحتوى المتعلق بالطعام “نموا عجيبا” على خلفية التحول إلى مشاركة وسائل الإعلام الاجتماعية، كما تقول إزميه هوجارد ويليامز، نائبة الرئيس لتسويق العلامات التجارية في Allrecipes.com، الموقع الإلكتروني الأكثر شعبية على الإنترنت الذي تم إطلاقه في عام 1997. وتضيف: “50 في المائة من جيل الألفية ينظرون إلى المحتوى المتعلق بالطعام في منشوراتهم يوميا (…) السبب الرئيسي هو أنهم يشعرون بالملل. في هذه الحالة، المحتوى الأكثر نجاحا هو الطعام الذي يسلي”.

ويقول جرانت إن شركة بوبشوجر قررت احتضان فيديوهات الطعام بعد رؤية انخراط المستخدمين في الطعام على يوتيوب، وبينتيرست، موقع قصاصات الصحف على الإنترنت، وإنستجرام، تطبيق مشاركة الصور، حيث تم جذب الناس من خلال “صور الطعام الجميلة”.

في بداية إعلان للمعلنين هذا الشهر، نشرت بزفيد فيديو على فيسبوك يظهر طريقة عمل وجبة خفيفة من بسكويت الشوكولاتة. بعد أربع ساعات، مع انتهاء عرضها، كشفت الشركة أن الفيديو جذب ثمانية ملايين مشاهدة.

وأطلقت بزفيد الصيف الماضي “تيستي”، قناة الفيديو على الإنترنت التي جذبت، بحسب تولوز لابز، 2.2 مليار مشاهدة في آذار (مارس) وحده.

مجموعات وسائل الإعلام الرقمية الأخرى نشطة أيضا في مجال الطبخ على الإنترنت. “فايس” – مجموعة الفنون والثقافة والأخبار – أطلقت في عام 2014 “مونشيز”، وهو موقع إلكتروني وقناة فيديو رقمية تركز على الطعام. و”بلايبوي”، التي تم إعادة إطلاقها بوصفها علامة تجارية لنمط الحياة، قالت هذا الشهر إنها ستنتج أربعة سلاسل تتعلق بالطعام على الإنترنت.

وتعتزم “تيستميد”، شبكة الطعام والطبخ على الإنترنت، إنتاج 100 برنامج حي شهريا على منصة بث الفيديو “فيسبوك لايف”. وعقدت أيضا صفقة مع “تيليموندو”، شبكة البث باللغة الإسبانية، لإنشاء مقاطع فيديو رقمية تستهدف جيل الألفية من أصل إسباني الذي يعيش في الولايات المتحدة.

شركات الإعلام التقليدية بدأت هي الأخرى الدخول في الحلبة. وحصلت ديسكفري كوميونيكيشنز أخيرا على حصة مسيطرة في تورميريك فيجين، وهي شركة بقيادة الشيف المشهور سانجيف كابور، تشغل “فود فود”، شبكة الطعام الهندي ذات الوجود الرقمي القوي على موقع يوتيوب ووسائل الإعلام الاجتماعية.

موقع الطبخ في “نيويورك تايمز”، الذي أطلق في عام 2014 ويخزن أكثر من 17 ألف وصفة، يجتذب سبعة إلى ثمانية ملايين مستخدم شهريا، واجتذب 650 ألف مشترك إلى نشرته المرافقة، ومليون متابع على منشوراته على موقع تويتر. يقول سام سيفتون، المحرر المؤسس للموقع، إن نجاح قطاع الطبخ في الصحيفة “يقدم حجة قوية لإعادة تصور صحافة التايمز وتحويلها إلى تجربة رقمية”.

وقالت الصحيفة هذا الشهر إنها ستبدأ ببيع مكونات الوصفات بالشراكة مع Chef’d، مجموعة تسليم الوجبات.

وتقول الشركة إن الناس سيكونون قادرين على شراء مكونات الوصفات التي يرونها أثناء تصفح الموقع الإلكتروني أو التطبيق، وسيتم تسليمها فيما بعد إلى منازلهم في غضون يوم إلى يومين.

موقع Allrecipes.com أيضا يسمح لمستخدميه بتحميل إبداعاتهم الخاصة. وتم الاستحواذ على الموقع مقابل 175 مليون دولار في عام 2012 من قبل ميريديث كوربوريشن، مجموعة الإعلام الأمريكية التي تملك أيضا مجلة الطعام “إيتنجويل”. وتقول مجموعة ميريديث إن نمو مبيعات الإعلانات في الربع الماضي كان بقيادة العلامات التجارية “أوول ريسايبز” و”إيتنجويل” و”شيب”.

وتقول ويليامز إن موقع ريسايبز يبذل جهودا قوية من أجل إعادة ابتكار نفسه بعد مشاهدة التغييرات السريعة في صعود الهواتف الخلوية ووسائل الإعلام الاجتماعية. “فئة الطعام ناضجة إلى حد ما. وهي ليست جديدة تماما على الإنترنت. لكنها فعلا تشهد نموا سريعا”.

في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، جذب موقع أوول ريسايبز 50 مليون زائر، أكبر عدد له في شهر حتى الآن، بزيادة 23 في المائة عن الشهر نفسه في العام السابق.

تقول ويليامز إن أوول ريسايبز أعاد تصميم موقعه الإلكتروني في عام 2014 – أول إعادة تصميم كاملة منذ إنشائه قبل عقدين من الزمن – بعد رؤية ارتفاع جديد في الحركة من الهاتف الخلوي. وسجل موقع أوول ريسايبز نحو تسعة ملايين مشاهدة فيديو في نيسان (أبريل)، مقارنة بعشرة ملايين لموقع مونشيز التابع لمجموعة فايس، و729 مليونا لموقع تيستميد، وملياري مشاهدة لموقع تيستي، التابع لبزفيد.

وسائل الإعلام المطبوعة صمدت أيضا حتى في الوقت الذي حصلت فيه الفيديوهات الرقمية على أهمية جديدة في المجال، مع ارتفاع مبيعات كتب الطبخ من 15.4 مليون وحدة مبيعة في عام 2013 إلى 15.5 مليون في عام 2015، وذلك وفقا لمجموعة نيلسين للأبحاث.

موقع أوول ريسايبز أطلق مجلة في عام 2013، كان ينظر إليها على أنها نقلة غير عادية من الإعلام الرقمي إلى المطبوع. تقول ويليامز: “شرارة الاهتمام بدأت على وسائل الإعلام الاجتماعية ومن خلال محركات البحث، لكن بعد ذلك أصبحت هناك رغبة في التعمق”. وزاد توزيع المجلة أكثر من الضعف، إلى 1.3 مليون عدد منذ إطلاقها.

الطهاة المشاهير، بمن فيهم جيمي أوليفر وديليا سميث ونايجيلا لوسون، تحركوا أيضا إلى ما هو أبعد من كتب الطهي والتلفزيون، لبناء مواقع وصفات شعبية. مشاريعهم على الإنترنت لمعت جنبا إلى جنب مع عدد لا يحصى من مجموعات الصحف والمجلات التي تقدم الوصفات إضافة إلى الأخبار والترفيه.

أولي لويد، الرئيس التنفيذي لشركة “الطهاة البريطانيين العظام”، الشركة الناشئة البريطانية سريعة النمو التي تقدم وصفات من طهاة حصلوا على نجوم من ميشلان، التي تحصل على أكثر من مليون زيارة شهريا، يقول في حين أن وسائل الإعلام الاجتماعية ذات أهمية متزايدة، إلا أن الطريقة الرئيسية التي يحصل بها الناس على المحتوى المتعلق بالطعام والوصفات على الإنترنت لا يزال من خلال محرك البحث جوجل.

موقع بي بي سي يعتبر بمنزلة موقع إلكتروني “موثوق” من قبل محرك البحث ووصفاته غالبا ما تحصل على المراتب الأولى في ترتيب البحث.

ويقول لويد: “إذا نشر موقع بي بي سي وصفة حول كيفية طبخ أرنب في كيس بلاستيك، صفحته هي أكثر موثوقية بكثير من صفحتنا على الموضوع نفسه”. ويضيف: “الشركات مثلنا يجب أن تكافح بجد كبير جدا حتى نجعل محتوانا يحتل المراتب الأولى”.

تجار التجزئة يدخلون على الزبائن من باب المعدة

مجلة الأغذية الأكثر شعبية في المملكة المتحدة مملوكة لسلسة سوبرماركت وليس لشركة إعلامية.

“تيسكو”، سلسلة متاجر السوبرماركت، توزع مجلة مجانية يبلغ توزيعها الشهري نحو مليوني نسخة. وهذا يعادل أربعة أضعاف معدل التوزيع في المملكة المتحدة لمجلة Good Housekeeping، المملوكة لمجموعة هيرست الإعلامية الأمريكية.

وتعمل ماركات الأغذية وتجار التجزئة منذ زمن بعيد على إنشاء محتوى للمستهلكين من أجل تعزيز علاماتهم التجارية – وهذه ممارسة تعرف باسم “تسويق المحتوى”. في عام 1900، أسس الأخوان ميشلان دليلهما الذي يحمل اسمهما، لسائقي السيارات ضمن استراتيجية خفية لبيع مزيد من الإطارات.

لكن ظهور الإنترنت أدى إلى ارتفاع حاد في حجم المحتوى الذي تنتجه العلامات التجارية، غالبا على حساب الإعلانات التقليدية. وهذا يجعل الحياة أكثر صعوبة بالنسبة للشركات الإعلامية.

يقول شون كينج، الرئيس التنفيذي لشركة سفن، وهي وكالة تسويق تنتج محتوى خاصا بمجموعة محال سينزبوري وشركة تخفيف الوزن “ويت ووتشرز”: “إن إنتاج محتوى الوصفات طريقة فاعلة جدا بالنسبة للعلامات التجارية من أجل الانخراط مع العملاء وفي النهاية بيع المزيد من المنتجات”.

وتقدم معظم محال السوبرماركت الآن وصفات عبر مواقع التجارة الإلكترونية الخاصة بها من أجل اجتذاب العملاء والسماح لهم بشراء المكونات بطريقة سهلة جدا من خلال كبسة زر.

تجري شركة بيتي كروكر، العلامة التجارية الغذائية التي تملكها شركة جنرال ميلز، عملية تسويق نشطة للوصفات الموجودة عبر موقعها الإلكتروني. مثلا، تقدم وصفة لحم البقر النصيحة التالية: “اصنع منها وجبة من خلال تقديم هذا الحساء مع البطاطا المهروسة من بيتي كروكر”.

وترى شركات الإعلام أن تسويق المحتوى يشكل مجالا للنمو وقد عثر بعضها على طرق لجني الأرباح. مثلا، تصدر شركة هيرست مجلة “العيش الرغيد” لشركة أسدا، في الوقت الذي تعمل فيه “هافينجتون بوست” مع سينزبوري لإنشاء موقع إلكتروني خاص بالوصفات يسمى “هوم ميد”.