IMLebanon

خليل: معهد فليحان ادى دورا مهما في رفع مستوى الاداء

InstitutBasilFuleihan
عقدت ندوة تعزيز مهارات رأس المال البشري بالعودة الى 20 عاما من التعاون الفرنسي – اللبناني في خدمة التدريب العلمي الرائد والابحاث، في المعهد العالي للاعمال – ESA – كليمنصو، عند العاشرة قبل ظهر اليوم، وتحدث فيها الرئيس فؤاد السنيورة، ووزراء التربية والتعليم العالي الياس بوصعب، الصناعة حسين الحاج حسن، الاقتصاد والتجارة آلان حكيم، المال علي حسن خليل، الدولة لشؤون التنمية الادارية نبيل دو فريج، والسفير الفرنسي ايمانويل بون، وحضرها وزير الدولة الفرنسي للإصلاح الأداري وتسهيل الإجراءات جان فنسان بلاسيه، النائب ياسين جابر، والوزراء السابقون: نايلة معوض، ابراهيم شمس الدين، ريا الحسن، خالد قباني وسامي حداد، المستشار الإعلامي في رئاسة الجمهورية رفيق شلال، رئيسة مدرسة الأينا فرنسا نتالي لوازو، رئيس معهد البحوث العلمية الدكتور معين حمزة، رئيسة معهد باسل فليحان المالي لميا البساط، مدير المدرسة العليا للأعمال ستيفان اتالي، السفير الفرنسي السابق جان بيار لافون، رئيسة تجمع رجال الأعمال الفرنكوفون رين مقدسي اركان السفارة وحشد من الشخصيات السياسية والإجتماعية.

بون
بداية النشيدان اللبناني والفرنسي، والقى السفير بون كلمة قال فيها: “ان التعاون الفرنسي اللبناني الطويل الأمد والناجح المتمثل بالمعهد العالي للإعمال، وبرنامج سيدر وانشاء المعهد المالي الذي بدأ منذ عشرين عاما كان مهما على مختلف الأصعدة بالنسبة الى مستقبل لبنان وقطاع الأعمال. واعلن: هذا البرنامج كان برنامج تميز في مجالات الأدارة والحكم الرشيد والأقتصاد والأعمال والعلوم نحن سعداء لأننا نكرم من قاموا بهذا العمل ومن كان لهم الطموح وبعد الرؤية في ارسائهم وهم الرئيس جاك شيراك، الرئيس رفيق الحريري اللذين ارادا تحقيق هذا المشروع ليستفيد منه لبنان الذي كان في طور اعادة البناء. كما احيي اليوم الرئيس فؤاد السنيورة الذي ترجم رؤية الرئيس رفيق الحريري وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والسفير جان بيار لافون، الدكتور حمزة، السيدة لوازو وستيفان اتالي. وشكرا للوزراء ولكل من ساهم في برامجنا ومن يعطيها الزخم والطموح للإستمرارقدما بالصداقة اللبنانية الفرنسية.
اضاف: ان الإحتفال بالعيد العشرين يمدنا بالطاقة بأنه يمكننا ان نجدد صداقتنا والمضي قدما في التعاون اللبناني الفرنسي الطموح والواعد للمستقبل الفرنسيين واللبنانيين”.

وأضاف: “لدينا قاعدة صلبة وما زلنا نقوم بعمل بمفيد ولدينا الأمكان القيام بالأكثر واعطاء الأفضل عبر افتتاحنا مرصد الذكي لمعهد ايزا بعد ظهر اليوم، وسيحتفل معنا وزير بلاسيه بهذه المناسبة وسيعلن التزام السلطات الفرنسية المحافظة على هذا التعاون”.

بو صعب
والقى الوزير بو صعب كلمة قال: “في العيد العشرين لتأسيس باقة من المؤسسات العلمية والإقتصادية والتنموية الفرنسية في لبنان، أتوجه بتحية المحبة والصداقة والشكر والإمتنان الى الشعب الفرنسي والحكومة الفرنسية والمؤسسات الفرنسية التي أسهمت في نشوء لبنان الكبير وفي ترسيخ مؤسساته الجامعية والتربوية والبحثية والمالية، وهي لا تزال تقف إلى جانبه لتوفير الإحتضان والدعم والرعاية.

في عيدها العشرين، تبدو هذه المؤسسات الرائدة في مجالها صبية مشرقة في عز العطاء، وفي أبهى حلة تساعد لبنان على مقاومة الإنهيار السياسي، وتحفظ مناعة النظام ضد الإنحطاط الذي يصيب المنطقة من حولنا”.

وأضاف: “إذا تساءلنا كيف يستمر لبنان صامدا وواقفا يستقبل مليوني نازح، وهو من دون رئيس للجمهورية، ويعاني أزمات دستورية وسياسية معقدة، وتتدنى مداخيله إلى أدنى الحدود، وتتقاذفه المشاكل الإجتماعية، ويعاني أبناؤه اليأس والإحباط، فإن الجواب الأول الذي يتبادر إلى الذهن هو بقدرة المؤسسات التربوية والجامعية على الإستمرار في إعداد شباب متقدم في العلوم والإدارة والريادة، وبالمؤسسة العسكرية المتماسكة ضد كل أنواع الأفكار الظلامية الهدامة، وبالدعم ولو المحدود الذي تحصل عليه هذه المؤسسات من الجانب الفرنسي مشكورا ومن الأصدقاء المخلصين في المجتمع الدولي.
الرهان كبير على الأصدقاء مثل فرنسا في هذا البحر الهائج من حولنا. والتحدي الأكبر هو في استمرار المؤسسات الدستورية وتفعيل عملها والتزام المواعيد وإعطاء جرعة من الأمل للبنانيين بتحريك الإقتصاد عبر توفير الإستقرار ولو بالحد الأدنى المطلوب”.

وتابع: “إن إصرارنا على الإنفتاح الفكري والثقافي والحضاري على الثقافات العالمية، وأولاها الثقافة الفرنكوفونية، هو الوقود الذي يبقي الحياة اللبنانية مستمرة في فضاء من الحرية في الفكر والتعبير والإبداع، ويعطي القوة لمقاومة الإنحدار الكارثي الذي يصيب المنطقة ويهدر تاريخها ويبدد مقوماتها البشرية والإقتصادية والسياسية والإجتماعية”.

وقال: “في هذا العيد العشرين، نهنئ لبنان وفرنسا بهذه الإنجازات، ونعلن تمسكنا بقيم الحرية والصداقة والثقافة العالمية، ونعلن التمسك بالثقافة الفرنكوفونية جسرا للعبور نحو الآخر المختلف، ونفتح قلوبنا وعقولنا للتمازج الحضاري بين الشرق والغرب، مستخدمين كل وسائط التواصل العالمية لإظهار حضورنا الثقافي مهما كانت خطورة الأزمات في المنطقة.

في هذه المناسبة الجميلة، نرحب بالجهود الديبلوماسية الفرنسية الهادفة إلى توفير الظروف الملائمة لإنتخاب رئيس للجمهورية وتجديد المؤسسات الدستورية وتفعيلها.
وفي هذه المناسبة الحضارية نؤكد وقوفنا مع المجتمع الدولي في مواجهة الإرهاب الدولي الذي يتجلى بمظاهر شتى في المنطقة العربية وفي أوروبا وأميركا وآسيا وفي كل أنحاء العالم”.

وختم: “نكرر الشكر والتقدير لسعادة السفير الفرنسي وللمؤسسات الثقافية والتربوية الفرنسية، كما نهنئ هذه المؤسسة الرائدة ورفيقاتها بالنجاحات المحققة مدى هذه السنوات. وآمل أن تحمل الأيام المقبلة المزيد من الأمل والإستقرار والعطاء”.

حكيم
واعلن الوزير حكيم ان “هذه المناسبة هي للإحتفال بالأعوام العشرين من التعاون بين لبنان وفرنسا”، وقال: “لقد عرف البلدان عبر التاريخ نسج علاقات مبنية على الاحترام المتبادل وعلى التعاون في الإطار الإجتماعي، الجامعي، العلمي الإقتصادي والسياسي. واهمية المؤسسات التي نحتفل بها اليوم هي ما استطاعت تحقيقه لمأسسة المجتمع اللبناني على الصعد السياسية والإقتصادية والإجتماعية”.

وأضاف: “نحن نعيش من دون رئيس جمهورية والوضع لم يعد يحتمل على صعيد عمل المؤسسات العامة، ولذلك ادعو فرنسا الى استخدام نفوذها للضغط لإيجاد حل لهذه المسألة، ولطالما قدمت فرنسا الدعم الى لبنان ونحن نقدر ذلك جدا ونقوم دور فرنسا المهم جدا في المجال الإقتصادي والإجتماعي”.

ورأى ان “المؤسسات الثلاث التي يحتفل بها اليوم تعكس مدى التزام فرنسا تجاه لبنان في اطار سياستة الإجتماعية وسعيها الى تنمية الإقتصاد اللبناني والحفاظ على سيادته.

دو فريج
وذكر الوزير دو فريج ب”التفكك الذي كان أصاب المؤسسات اللبنانية منذ ما قبل 20 عاما وكان الرئيس رفيق الحريري طلب الدعم من المجموعة الدولية من اجل مساعدة لبنان ليكون لديه ادارة فاعلة قادرة على تنفيذ مهماتها. وكانت فرنسا اول من ابدت استعدادها للقيام بهذه المهمة الشائكة والسير في طريق مليئة بالألغام واعادة هيكلة الأدارة العامة ومصالحة المواطنين مع الإدارة. ومن هنا تم الدعم وتوقيع اتفاقات لإجراء اصلاحات في قطاعات العدل، الشرطة والمال. وتم انشاء المعهد المالي ومدرسة الأينا- لبنان التي افتتحت خلال القمة الفرنكوفونية عام 2002، كما قدم دعم من اجل تعزيز القدرات وزارة العدل، والسلطات القضائية والعدلية . وهناك اتفاقات من اجل توطيد التعاون الفرنسي – اللبناني من اجل تحديث الإدارة وتدريب الموظفين وقعه الوزير الفرنسي للوظيفة العامة، من جهة، ووزيرا التنمية الإدارية والداخلية والبلديات، من جهة ثانية”.

ولفت الى “التوعية على صعيد الأعمال البرلمانية، لكنه كان من الصعب جذب البرلمانيين اللبنانيين واقناعهم بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية”.

ورأى ان “التعاون اللبناني – الفرنسي يسعى الى التعلم المستمر من اجل اكتشاف معارف جديدة واكتشاف كفايات غير مستثمرة وضمان وصول افضل الخدمات للعامة”.

الحاج حسن
وعبر الوزير الحاج حسن عن “سروره للمشاركة لمناسبة مرور 20 عاما على انشاء ثلاث مؤسسات هي رمز للتعاون الفاعل الطويل الأمد بين لبنان وفرنسا في مجال التعليم والتدريب والبحوث”، وقال: “يعود هذا التعاون الى حقبة طويلة وهو رمز للصداقة الودية التي تربط بين البلدين، واريد ان اشكر فرنسا وشعبها وحكوماتها وسفراءها وسفيرها الحالي”.

وأضاف: “في الظروف التي يمر بها لبنان حاليا والمنطقة العربية والشرق الأوسط، فالتعاون بين لبنان والدول الصديقة ومن بينها فرنسا هي مهمة وضرورية، وخصوصا عبر الجهود التي يقوم بها لبنان لتحرير اراضيه التي تحتلها اسرائيل، وعبر مكافحة الأرهاب الذي ضرب فرنسا”.

وتابع: “أريد ان اعبر عن تعازي وتضامني مع الشعب والحكومة الفرنسية لما ارتكب من اعمال ارهابية في فرنسا وبروكسيل وجميع الدول الأوروبية”.

ونوه ب”التضامن الفرنسي مع لبنان في جهوده لمحاربة الإرهاب ولدعم لبنان لتخطي الصعوبات الإقتصادية بعد الأزمة السورية مع وجود مليون ونصف مليون لاجئ سوري”.

واوضح ان “التعاون والتضامن الفرنسي مع لبنان مهم في القطاعين الصناعي والزراعي وفي غاية الأهمية لدعم الصادرات اللبنانية التي بلغت نحو ثلاثة مليارات ونصف مليار دولار فيما بلغت الواردات 17 مليار دولار وبلغ العجز في الميزان التجاري نحو 13 مليار دولار لعام 2015”.

خليل
والقى الوزير خليل كلمة جاء فيها: “أود أن أحيي سعادة السفير وأركان السفارة على إحياء هذه المناسبة التي تؤكد عمق العلاقات اللبنانية الفرنسية وأهمية تطويرها ومتابعتها وخصوصا في هذه المرحلة الدقيقة التي يعيش فيها وطننا لبنان.
نحن وإن كنا نحتفل بمرور عشرين عاما على انطلاق ثلاث من المؤسسات المتميزة في أدائها ونتاجها وفي الأثر العميق الذي تركته على صعيد تطوير العلاقات اللبنانية – الفرنسية، لكننا، في المقابل، نشهد على علاقات متجذرة بين لبنان وفرنسا على الصعيد السياسي والثقافي والحضاري وهي علاقات طبعت الحياة اللبنانية على الدوام وأثرت بعمق في بنيته الاجتماعية والسياسية وفي تبنيه لثقافة الحرية والديموقراطية وإرساء دولة القانون”.

وأضاف: “تركت هذه العلاقات أثرا عميقا في السياسة والاقتصاد وفي تطوير الإدارة وعمل المؤسسات وأثرت حتى في حياة اللبنانيين الذين كانوا على الدوام يتطلعون إلى الأنموذج الفرنسي في حياتهم وعلاقاتهم ودراستهم وفي انطلاق معظم مشاريعهم العامة.
نحن الذين عشنا المرحلة المتأخرة في حياة لبنان تطلعنا في كثير من القلق إلى تراجع ربما في الحضور الثقافية الفرنسي على مستوى لبنان، لكن، في المقابل، أتت هذه المؤسسات الثلاث لتعزز من جديد روح العلاقة بين لبنان وفرنسا وبين اللبنانيين والثقافة الفرنسية، فكان “Cedre” والـ””ESA و”معهد باسل فليحان” نموذجا متقدما ومتطورا من طريقة تعزيز وبناء لهذه العلاقات بين البلدين الشقيقين.
وقد ساهمت هذه المؤسسات منذ إنشائها عام 1996 في إحداث نقلة نوعية حقيقية في طريقة بناء هذه العلاقات وتطويرها وتركت أثرا أساسيا على حياة اللبنانيين التي تتصل بعمل هذه المؤسسات”.

وتابع: “أشهد، من جهتي، كوزير للمال على دور “معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي” الذي هو واحد من ثمرات التعاون اللبناني – الفرنسي، أنه أدى في العشرين عاما المنصرمة دورا محوريا في رفع مستوى أداء العاملين في الدولة اللبنانية على مستوياتها كافة. وربما كان المؤسسة الوحيدة التي تعمل على تطوير الإدارة واداء الموظفين في لبنان، كان يغطي حاجات التدريب والتعلم والتطوير والكفاية، وهو ساهم مساهمة جدية في مشاريع الإصلاح المستمر على مستوى الوزارة وأرسى الكثير من الدراسات وقدم الكثير من الدراسات التي ساهمت في رسم سياسات إصلاحية على المستوى المالي والاقتصادي وهو ساهم مساهمة جدية في إعداد الموظفين الجدد وتوجيههم وإعطائهم ما يجب أن يكون كمساندة للقيام بواجباتهم المطلوبة.

والمعهد كان على مستوى القطاع العام له دور كبير في تعزيز المعارف والمهارات والقدرات لكل الكادرات العاملة على هذا الصعيد.

نحن في وزارة المال نعي تماما أهمية التدريب المستمر الذي يوفره مثل هذا المركز والذي يترك الكثير من التأثير على أداء الموظفين والعاملين في القطاع العام والقطاع الخاص. وهو قد وسع أدواره ليشمل بعض مناطق الإقليم الذي نعيش فيه بحيث ساهم في إقرار الكثير من الدورات التدريبية على هذا الصعيد”.

وقال: “اليوم ونحن نلتقي كنا بالأمس نحتفل باختتام برنامج اللقاءات العلمية في “معهد باسل فيلحان” للكوادر العليا في الإدارة اللبنانية، والذي تم تنفيذه مدى سنوات طويلة وترك مع “المدرسة الوطنية للإدارة” هذا الأثر المهم في جسم الدولة اللبنانية”.

وأضاف: “اليوم وكما ساهمت فرنسا منذ عشرينات القرن الماضي في إرساء أسس قيام دولة لبنان الحديثة ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على مستويات مختلفة، يستمر هذا التعاون مع المؤسسات الرائدة التي نحتفل اليوم بذكرى انطلاقتها.

نحتفل في هذه المناسبة وقلق اللبنانيين يزداد على مستقبلهم نتيجة شلل المؤسسات السياسية الدستورية في وطننا وهو أمر شعرنا باهتمام فرنسا به عبر تركيز فخامة رئيسها على ضرورة إيجاد حلول سياسية سريعة لأزماتنا وإعادة انطلاق المؤسسات.
إننا ونحن نشهد على هذا اليوم الفرنسي – اللبناني المتميز، نعيد تأكيد ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية في أسرع وقت كقاعدة انطلاق لإعادة الانتظام الى حياتنا السياسية من المجلس النيابي إلى الحكومة، ليس فقط لنشهد على مثل هذه الاحتفالات، بل لنؤسس، كما أسس هذا المركز في عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الكثير من المراكز التي تعمق علاقتنا بفرنسا وبكل دول العالم”.

السنيورة
وقدم الرئيس السنيورة شهادة جاء فيها: “إنها حقا مبادرة رائعة ومشكورة أن تعمد سفارة فرنسا في لبنان إلى الدعوة للاحتفال بانطلاقة التعاون الثنائي اللبناني- الفرنسي في ذكرى مرور عشرين عاما على انطلاقة هذا التعاون بصيغٍ جديدة، وأن يجري هذا الاحتفال هنا في المعهد العالي للأعمال، وهو الصرح العلمي والثقافي المميز.

ولا بد لي هنا من التعبير عن الشكر الكبير لمنظمي هذا المؤتمر وخصوصا سعادة السفير الفرنسي في لبنان، الصديق ايمانويل بون، وأسرة السفارة، لدعوتهم لي للمشاركة في شهادة حية عن هذه السنوات التي خبرتها من منطلق مسؤولياتي رئيسا لمجلس الوزراء، وقبلها وزيرا للمال مدى 10 أعوام.

إنني أنتهز هذه المناسبة لأنوه بأهمية العلاقات اللبنانية – الفرنسية العميقة الجذور والمتعددة المنابع، والتي تميزت مدى عقود طويلة بالصداقة والتعاون الوثيق والحرص على تنمية هذا التعاون في شتى المجالات الثقافية والعلمية والسياسية والأمنية والاقتصادية. فلقد وقفت فرنسا إلى جانب لبنان وساعدته سواء مباشرة، أو من خلال الاتحاد الأوروبي، وعملت على تمكينه من التغلب على آثار الحروب الداخلية وفي وجه الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة. وأسهمت بصدق في إنجاح الخطة الإعمارية الهائلة التي اجترحها الرئيس رفيق الحريري عام 1993 لإعادة بناء الدولة اللبنانية الحديثة ومؤسساتها واستعادة دورها وهيبتها وكذلك تمكينها من التعامل مع متطلبات المستقبل باقتدار. كما أسهمت فرنسا وتسهم في تعزيز قدرات الجيش وقوى الأمن الداخلي. كذلك في تمكين لبنان على استعادة الحيوية والنمو للاقتصاد اللبناني وإقداره على ولوج آفاق التنمية المستدامة في شتى المناطق اللبنانية. وكذلك في استعادة زخم الجهود لتعزيز علاقات لبنان الأوروبية والدولية. كما أسهمت فرنسا في إنجاح مؤتمرات باريس-1 و2 و3 ومجددا لاستعادة حيوية الاقتصاد اللبناني وسلامة ماليته العامة واستقراره النقدي، وحيث أسهمالتعاون الوثيق بين الرئيس جاك شيراك والرئيس الشهيد رفيق الحريري في ترسيخ التعاون الرفيع بين البلدين. كما أسهمت فرنسا أيضا بالديبلوماسية القوية المتمرسة في المساعدة على صدور قرار مجلس الأمن رقم 1701 بالإجماع، وبالشكل والصيغة التي ترضي لبنان والمصالح السيادية والوطنية اللبنانية.

تصادف هذا العام الذكرى العشرون لانطلاقة التعاون الثنائي اللبناني-الفرنسي بصيغة جديدة. وقد شاءها سعادة السفير مناسبة للإضاءة على مبادرات ثلاث تعود إلى المرحلة التي أشرت إليها، وهي المعهد العالي للأعمال في بيروت، والمعهدالمالي والاقتصادي، الذي سمي بعد ذلك “معهد باسل فليحان” تكريما للشهيد باسل فليحان والدور البناء الذي أداه في وزارة المال حينما كنت وزيرا للمال. وبرنامج شراكة هوبير كوريان (PHC CEDRE) للبحث العلمي. هي مبادرات ثلاث نشأت عام 1996، من خلال اتفاقات تعاون ثنائية مع الجانب الفرنسي.

لقد ساهمت هذه المؤسسات بفاعلية في بناء ثروة معرفية لدى لبنان في هذا الخصوص، وفي تعزيز روحية التميز والإبداع والإنجاز في القطاع الخاص عبر المعهد العالي للأعمال، وكذلك في القطاع العام عبر معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، وأيضا على مستوى البحث العلمي في إطار برنامج الشراكة أوبير-كوريان (PHC CEDRE). ونجحت هذه المؤسسات في نقل الخبرات التقنية الفرنسية، وشكلت نماذج لشراكة فرنسية – لبنانية يحتذى بها لتبادل الخبرات والتعاون المحلي والاقليمي.

إني وإن كنت أنظر بعين الإعجاب والتقدير الى انجازات المعهد العالي للأعمال، فلبرنامج CEDRE ولمجلس البحوث العلمية كما لمعهد باسل فليحان المالي عندي مكانة خاصة. فلقد تابعت أعمال مجلس البحوث عن قرب من موقعي حينها رئيسا لمجلس الوزراء وحرصت على دعمه من منطلق ايماني بأهمية تعزيز البحث العلمي في لبنان.أما بالنسبة الى معهد باسل فليحان فلقد عملت على تطوير فكرته واستيلاده ورعايته والاهتمام به مدى عشرين عاما. فلطالما آمنت في كل مراحل مسيرتي المهنية ثم السياسية، مرورا بتجربتي في الحكم، بأهمية بناء الثروة البشرية وكذلك بأهمية تعزيز التعلم المستمر والتدريب المستمر التي أعتبرها في أساس أي عملية إصلاحٍ في الإدارة الحكومية.

لقد سعيت دائما في مسيرتي المهنية والسياسية إلى أن أنهج الطريق المؤدية إلى تحقيق الإصلاح والاستعمال الأمثل للموارد البشرية والمادية المتاحة، وكذلك لتحقيق التلاؤم المستمر مع المتغيرات والتحولات وفي المحصلة لتحقيق الإنجاز على صعيد خدمة المواطن والصالح العام. ذلك ما كان يقتضي مني العمل وفي كل المواقع التي شغلتها على استقطاب الكفايات على قواعد احترام الجدارة والاستحقاق والسعي الدائم الى زيادة المعارف والمهارات وتوفير الفرص التدريبية وتحفيز القدرات الإبداعية والقيادية وتعزيز الأخلاقيات المهنية الرفيعة المبنية على ثقافة الفاعلية الإنتاجية والإنجاز الخاضع للمساءلة والمحاسبة لدى جميع من عملوا معي في تلك المواقع، وهي بالفعل كانت تشكل بالنسبة لي النواة والقواعد الأساسيةللتقدم على مسارات الإصلاح الحقيقي في أية إدارة، حكومية كانت أم خاصة.

ولقد أوليت التدريب والتعلم المستمر اهتماما خاصا. فلقد انطلقت به في بدء حياتي المهنية، ومباشرة بعد تخرجي من الجامعة، بحيث بدأت بمسيرة التعليم الأكاديمي ودوما إلى جانب عملي المهني المصرفي وتحولت مع ذلك كله أيضا في اتجاه تدريب الكوادر في مؤسسات القطاع الخاص والعام وعمدت بعدها إلى تأسيس أول معهد لتدريب العاملين في القطاع المصرفي على أسسٍ عصريةٍ حديثةٍ في لبنان يوم كنت رئيسا للجنة الرقابة على المصارف. ولقد أتاح ذلك المعهد فرص التعلم وزيادة المهارات للعديد من العاملين في المصارف العاملة في لبنان آنذاك. واستمريت على هذا النهج عندما عدت إلى العمل في القطاع الخاص، حيث أسست معهدا للتدريب قدم خدماته للعاملين في المجموعة المالية التي كنت أرأسها ولمجموعاتٍ ماليةٍ أخرى في لبنان وخارجه.

مع تسلمي مهماتي وزيرا للمال مطلع التسعينات من القرن الماضي، أدركت أن الأولويات كثيرة والحاجات لا تحصى بينما الإمكانات والقدرات محدودة. فوزارة المال كانت تعاني في مطلع العام 1993 تدميرا كاملا لمعظم أبنيتها وتجهيزاتها ومستنداتها وملفاتها، حتى أنها كانت تفتقر الى أبسط أنواع التجهيزات كالآلات الحاسبة البسيطة لعمليات الجمع والضرب والقسمة. هذا إلى جانب التدهور الكبير الذي كانت تشكو منه الوزارة والحاصل في معظم أنماط وأساليب وأنظمة عملها وكذلك في معنويات وكفايات ومهارات الموظفين العاملين لديها وهي الأوضاع التي تفاقمت بعد معاناة شديدة للوزارة كما الوطن كله بسبب ظروف الحروب الداخلية والخارجية المدمرة والممتدة مدى 17 عاما منذ العام 1975 وحتى العام 1993. إلا أنني أدركت أيضا أولوية العنصر البشري والحاجات إلى تعزيز كفاياته ومهاراته وتطويرها على طريق التأسيس لإدارة فاعلة ورشيقة لإدارات ومؤسسات القطاع العام وبالذات لوزارة المال ولا سيما بسبب دورها المحوري في الدولة وفي إدارات ومؤسسات القطاع العام. وأدركت ايضا الدور الأساس الذي تؤديه العناصر القيادية في تعزيز الإنتاجية وتطوير الأداء الكفوء وتحقيق الإنجاز والإصلاح والتلاؤم مع حاجات المستقبل.

من ذلك انطلقت في عملية استنهاض كاملة تشمل إعادة بناء وتأهيل وتجهيز أبنية الوزارة وتجهيزاتها ولإعادة صوغ أنظمة عملها وبرامجها ودورها في خدمة المواطن. كذلك قمت أيضا بعملية استنهاض كاملة للعاملين في الوزارة وتعزيزها بالعناصر الجديدة والشابة، وبادرت إلى القيام بجهود مكثفة في عمليات التدريب وإعادة التأهيل للعاملين في الوزارة مع البحث عن شريك يساعد لبنان في إطلاق عملية الانفتاح على التطورات والتحولات الجارية من حولنا في العالم والتدريب والتعلم المستمر. ولقد قمت بذلك من خلال التواصل مع أكثر من شريك دولي. والحق يقال إن فرنسا كانت في طليعة المبادرينوأكثرهم حماسةللتعاون معنا بشكل وثيق واستراتيجي بما في ذلك تحقيق تلك الأمنية العزيزة على عقلي وضميري بإنشاء المعهد المالي بالتعاون مع وزير المال الفرنسي آنذاك السيد جان أرتوي.

إنه وبفضل هذا التعاون مع فرنسا، رأى المعهد المالي النور. ولطالما مثل هذا المعهد حجر الزاوية في رؤيانا للإصلاح المالي وفي تحقيق تحسين حقيقي في مستويات الأداء وفي إنجاح مشاريع التحديث التي باشرنا بها في وزارة المالية منذ العام 1993 وتحديدا في مديريات ودوائر المالية العامة عموما وفي مديرية الشؤون العقارية والمساحة وفي المديرية العامة للجمارك. وعلى هذه المسارات الإصلاحية عملنا من منطلق اعتماد نموذج إنشاء جزر التميز القادرة على التوسع ونشر العدوى الحميدة لبرامج الاصلاح في الوزارة وكذلك في الوزارات والمؤسسات الأخرى. وعلى ذلك فقد أتى إنشاء هذا المعهد من ضمن الرؤية التحديثية والشمولية للقطاع العام اللبناني الساعية إلى تطوير الإدارة ولتمكينها من تقديم خدمات أفضل للمواطنين وكذلك لإقدار الوزارة على مواكبة حركة الاقتصاد وحركة القطاع الخاص واستشراف التحولات والتفاعل والتلاؤم معها وكذلك التخطيط للمستقبل بالتناغم والتعاون مع إدارات ومؤسسات الدولة الأخرى.

لقد سعينا في عملنا في هذا المعهد الذي تولاه الجانب الفرنسي في البداية على ان يكون هو المكان الحيوي لإطلاق دعوات وبرامج التغيير في البرامج والأساليب وفي تعزيز مستويات الأداء، وذلك على الرغم من العوائق والعراقيلمن كل حدبٍ وصوب والتي كانت تزرع بين الحين والآخر في وجه المعهد واستمراريته، بحيث إنه لم يكتسب صفته القانونية المستقرة إلا بعد مرور أكثر من ستسنوات على تأسسه وانطلاقه في عمله.

لقد نجح المعهد في إسهاماته المهمة والأساسية في احتضان معظم البرامج الإصلاحية في وزارة المال لكونه شكل الحاضنة لكل الكفايات الجديدة تطويرا وتدريبا وإعادة تأهيل، وفي إعداد جميع العاملين في الوزارة واستنهاضهم للمشاركة في إدارة التغيير وتحقيق التقدم الذي جرى في الجمارك والدوائر العقارية والمالية العامة. ولقد كان من أهم ما أسهم به المعهد أنه ومن خلاله نجحنا في تحقيق إنجازغير مسبوق بشكل يتعدى حدود لبنان وذلك في ظرفٍ كان يعاني فيه لبنان من مصاعب مالية كادت أن تودي باستقراره النقدي في الأعوام 2000- 2003. فلقد نجحنا في العام 2001 وخلال 11 شهرا فقط، في استصدار القانون وإعداد وإصدار المراسيم التطبيقية وتدريب الموظفين الشباب وغالبيتهم من الملتحقين حديثا بوزارة المال، من إطلاق مشروع TVA والبدء بتنفيذ وتحقيق نجاح باهر بعد ذلك في إدارة هذه الضريبة، في الفترة ما بين انعقاد مؤتمر باريس-1 ومؤتمر باريس-2، بحيث كان النجاح في تنفيذ هذا المشروع المهماز لنجاح مؤتمر باريس-2 وما تحقق بنتيجته من آثارايجابية.ذلك ما أنقذ المالية العامة للبنان والاقتصاد اللبناني ورسخ الاستقرار النقدي وبالتالي الاجتماعي والسياسي والأمني في لبنان ولدى اللبنانيين. لقد أثبت لبنان بذلك على قدرة وحيوية بالغة في التصدي ومواجهة التحدي الكبير وبالتالي النجاح في ذلك الامتحان الصعب.

يعبر المعهد في إنشائه وفي إدارته عن قيم الخدمة العامة الكفوءة والرشيدة. فهو قد برهن من خلال التزامه بقيم الحياد والاستقلالية والمهنية العالية عن صوابية الرؤية من وراء إنشائه ودعم تطوره واستمراريته. وعلى ذلك جرى تحصين أدائه وتوسيع دوره مما مكنه من اكتساب ثقة كل وزراء المال المتعاقبين، حيث شكل بالنسبة لهم أداة محركة في مواكبة وخدمة مختلف مشاريع التطويرالتي قاموا بها أو عملوا على تنفيذها. ولذلك جرى صون هذا الاستثمار إدراكا لأهمية هذا النموذج المتميز والفعال في خدمة الشأن العام.

من جهته، حافظ المعهد على علاقات مميزة مع المؤسسات الفرنسية بل طورها ووسع مروحة المواضيع التي يعنى بها، وتمكنبفضل شراكاته وثقة المؤسسات المحلية والاقليمية والدولية بأدائه، من ترسيخ موقعه على الساحة الإقليمية، ولمع بحضوره على امتداد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مجسدا رسالة لبنان، الجسر الواصل بين الشرق والغرب، ومعززا صورة لبنان المعرفة والإبداع والطاقات البشرية المميزة.
تشكل تجربة المعهد مثالا للمؤسسة العامة الحديثة الرشيقة في هيكليتها، والفاعلة في آليات عملها، والمجدية في كلفتها وفي النتائج المحققة من قبلها، وكذلك في مقاربتها لموضوع بناء الثقافة الإنتاجية والتنافس البناء والأداء المميز والتعلم المستمر وبناء الشراكات مع الدول العربية ودول شمال المتوسط.

في الرصيد التراكمي للمعهد اليوم عشرون عاما من النشاط ومجموعة من الإنجازات أهمها تميزه بكونه المؤسسة الأولى إقليميا التي شكلت مرجعا قادرا وفاعلا في بناء وتنمية القدرات ونشر الخبرات في مواضيع المالية العامة في اللغة العربية وفي خلق البيئة المؤاتية لمشاريع التطوير التي تتماشى مع ثقافة المنطقة.

هذا ما حدا بوزارات المال في معظم دول المنطقة العربية إلى السعي الى انشاء مراكز مماثلة. ونذكر على سبيل المثال المملكة الأردنية الهاشمية، ودولة فلسطين، واليمن والعراق ومصر والمغرب وغيرها من الدول التي ارتأت أن تنقل هذه التجربة، على طريقتها، بعد عشرة اعوام ونيف من إطلاقها في لبنان.

المعهد المالي هو قصة نجاح تحققت في لبنان بسبب وجود رؤية واضحة لضرورة القيام بهذا الدور والتقدم على مسارات إنجازه بالعمل والجهد والمثابرة والالتزام بمعايير وقواعد المهنية العالية.

إن التحدي الذي نجح المعهد أيضا في تحقيقه هو في تحوله إلى مؤسسة قادرة على الاستمرار والتطلع والعمل على تحقيق نجاحات مستقبلية والصعود إلى ذرى أعلى من خلال الحرص الذي تبديه إدارته ووزراء المالية المشرفين عليه على التمسك بفكرته وبأهدافه وفي أهمية الاستمرار في تحقيق هذا النجاح المميز. والفضل الكبير في ذلك يعود لإدارته وإلى إيمان الوزراء المتعاقبين بأهمية الدور الذي يؤديه في كونه يستمر محركا أساسيا من محركات التلاؤم المستمر في وزارة المال وللدور البناء الذي يلعبه هذا المعهد من خلال خدماته في مجال التدريب والتعلم المستمرفي وزارة المالية وفي وزاراتٍ أخرى.

عالمنا العربي يمر اليوم بفترة انتقالية تاريخية شديدة الخطورة ستحدد معالم ومستقبل المنطقة العربية وعلاقتنا مع جوارنا ومع العالم لعقود قادمة. ولكننا وفي هذا الصدد، علينا أن لا ننسى أن أوروبا قد خاضت غمار هذه التجارب وعالجت معظمها ولكن على مدى عشرات السنين وربما أكثر وهي لا تزال تحاول وتطور. بينما يبدو وكأنه يتحتم على دول العالم العربي أن تنجح في مواجهتها لهذه التحديات الخطيرة خلال بضع سنوات قليلة. ليس أمامنا سوى التأكيد على وضوح الرؤية والاقدام والمثابرة ولا شيء ينجح كالنجاح.

نواجه مشكلة بناء الدولة العصرية في معظم مجتمعاتنا، ومشكلة التحول نحو أشكال جديدة من الديمقراطية وصون الحريات العامة والخاصة واستقلالية ونزاهة القضاء. وعلينا ان ننجح في بناء الدولة العادلة والقادرة التي تستطيع استعادة ثقة مواطنيها، وعلينا ان نخوض غمار الإصلاح الحقيقي عندما نكون قادرين عليه وليس عندما نصبح مجبرين عليه، لأنه عندها يكون أكثر كلفة وأكثر إيلاما. كذلك وفي كثير من بلداننا، علينا أن نعالج مسألة علاقة الدين بالدولة والمسائل المتعلقة بمخاوف الأقليات وعلاقتهم بالمجتمع وبالدولة. كما علينا من ناحية أخرى أن نتعامل بحكمة وواقعية مع التحديات الاقتصادية والمالية الناتجة عن عدم التلاؤم بين الواقع والتوقعات، بين المرتجى والقدرات والإمكانات. وأن نعالج بشجاعة مشكلات التخمة في الادارات الحكومية وتفشي الفساد وضعف الانتاجية فيها إلى جانب معالجة المشكلات الناجمة عن تعاظم البطالة بين الشباب وغير ذلك كثير.

بديهي القول إن التصدي لهذه المسائل يتطلب تغييرا حقيقيا في ثقافة العمل في مؤسسات القطاعين العام والخاص. ولهذا التغيير بيئة حاضنة هي إعادة الاعتبار الى الكفايات المتنورة المنفتحة على التجارب العالمية واستخلاص العبر منها ومن تجاربها بكونها القادرة على فهم المتغيرات في العالم والتفاعل معها إيجابا لما فيه مصلحة إدارة شؤوننا العامة بكفاية. وهذا يتطلب استثمارات كبيرة في التعليم والبحث العلمي والتدريب والتعليم المستمر وفي اختيار القياديين على قواعد الجدارة والكفاءة ونظافة الكف وإخضاعهم للمساءلة والمحاسبة على أساس الأداء.

منذ قرابة ألف وأربعمائة عام، قال الإمام علي، كرم الله وجهه لأحد ولاته: “اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك، ممن لا تضيق به الأمور، ولا تمحكه الخصوم، ولا يتمادى في الزلة، ولا يخشى من الفيء إلى الحق إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، وتوخ منهم أهل التجربة والحياء”. وقال أيضا:”ولا يكونن المحسن والمسيء عندك بمنزلة سواء، فإن في ذلك تزهيدا لأهل الإحسان في الإحسان، وتجريئا لأهل الإساءة على الإساءة”.

لقد كان لبنان وبفخر سباقا في المنطقة العربية في تجربة بناء الديمقراطية من جهة وللأسف في تجربة الحروب الاهلية المدمرة في الوقت ذاته. اليوم تدخل معظم المنطقة في آتون الصراعات. لكن وبالرغم من كل التجارب الصعبة التي مررنا ونمر بها أود أن أعود لتأكيد أهمية التمسك بروح التعاون التي تجمعناوالتي أنتجت مؤسساتٍ متألقة على الصعيد العلمي ومثالا يحتذى به في قطاعات عديدة. اليوم أكثر من أي وقت مضى نحن في لبنان لا خشبة خلاص لنا إلا بالتمسك بكفاياتنا، بعلمائنا ومفكرينا وفنانينا وقياديينا، وبثروتنا البشرية ولا سيما شبابنا المتحفز للتغيير والتألق. لكن لا خشبة خلاص لنا إلا بإعادة الاعتبارالى اللدولة. الدولة المستقلة صاحبة السيادة على كامل أرضها والتي تتسع للجميع. الدولة المدنية الديموقراطية. دولة المواطنة المؤهلة لحماية الوطن ولمواجهة التطرف والإرهاب، عند كل الأطراف وفي كل الاتجاهات.

من على هذا المنبر الكريم، وفي هذه الجامعة العريقة، أتمنى على فرنسا الدولة الصديقة وعلى فخامة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند متابعة الدعم والمساندة للبنان بما يمكن اللبنانيين ومن خلال الاختيار الحر في مؤسساتهم الدستورية، من انتخاب رئيس جديد للجمهورية يحظى برضى الشعب اللبناني ودعمه ويكون، كما يقول الدستور، رمز وحدة الوطن. رئيسٍ يجمع الشعب اللبناني ولا يفرقه او يزيده تباعدا. رئيسٍ يعمل مع حكومة لبنان من أجل التمسك بلبنان السيد الحر الديموقراطي المدني المستقل وبمؤسسات الدولة القادرة والفاعلة والعادلة والسيدة على كامل أرضها.

أوجه دعوتي الى جميع اللبنانيين لتعميم مثل الثورة الفرنسيةLiberté, Egalité, Fraternité”الحرية، المساواة والأخوة” لاستلهامها وللاستناد إليها وكذلك للتأكيد مجددا لأهمية التمسك باتفاق الطائف الذي انبثق منه الدستور اللبناني والذي أصبح الناظم لإجماع اللبنانيين والحكم في تسوية نزاعاتهم الداخلية، والذي يمكن أن يصبح مرجعا يمكن ان يستلهمه بعض أشقائنا العرب في معالجة النزاعات والحروب الأهلية العربية الراهنة، من اليمن، مرورا بليبيا، وصولا إلى العراق وسوريا.

وأكرر رجائي للرئيس هولاند ألا تفتر همته أمام من يحاولون ايقاف اندفاعته المشكورة في التفتيش عن حلول حقيقية ودائمة وعادلة للقضية الفلسطينية بكونها السبب الأساس للكثير من مشكلات المنطقة العربية، وحلها يشكل بابا للحلول الحقيقية لهذه المشكلات، وذلك بما يسهم في استعادة الثقة والامل بالمستقبللفئاتٍ واسعةٍ من الشعوب العربية في أقطارهم كافة ولا سيما لدى الشباب العربي، وهو الحل الذي يمكن أن يشكل بوابة عودتهم لبناء علاقات التعاون والتآلف والتكامل والنهوض بينهم وبين العالم القريب والبعيد.

عاش التعاون اللبناني – الفرنسي وستبقى هذه الأرض منارة للعلم والمعرفة والانفتاح المعترف بكل التلاوين، لكي نبقى للبنان، ويبقى لنا لبنان سيدا عزيزا حرا مستقلا متألقا”.

3 جلسات
وتلت الإفتتاح ثلاث جلسات الأولى عن التعاون المبتكر تحدث فيه السفير السابق جان بيار لافون، الوزير السابق جاك فالاد، رئيس غرفة التجارة والصناعة في باريس جان بيار فرمي، وادراها الدكتور ايلي عساف.

الجلسة الثانية بعنوان “التعاون اللبناني – الفرنسي والدروس المستخلصة منه”، تحدثت فيها مديرة المعهد المالي لميا مبيض، رئيس لجنة برنامج سيدر جان بيار جيسون، الدكتور معين حمزة، ورئيس المعهد العالي للإعمال ستيفان اتالي وادارتها رولا رزق ازعور.

اما الجلسة الثالثة، فهي بعنوان “نموذج جديد للتعاون خدمة للبنان والمتوسط”، وتحدث فيها كل من: مديرة الأينا الفرنسية نتالي لوازو، المدير المساعد لغرفة التجارة في باريس ايف بورتولي، برنارد باري، ومديرة البنك اللبناني الفرنسي ريا رفايل نحاس وادارت الجلسة ميشال لودوك.