IMLebanon

السياحة بمختلف قطاعاتها تعوّل على اللبنانيين

byblos-2
جوزف فرح

لعل الانتخابات البلدية التي اجريت في لبنان طغت على حدثين سياحيين بامتياز، الاول وضع مزار سيدة المنطرة في مغدوشة على خارطة السياحية الدينية العالمية وما يعني ذلك من اهمية للبنان على صعيد السياحة الدينية وزيادة عدد السياح الذين يجوبون العالم للايمان والصلاة كما يحدث اليوم في سيدة لورد في فرنسا وسيدة مديغورييه في البوسنة والهرسيك وسانت فاطيما في البرتغال حيث من المتوقع ان تصبح سيدة المنطرة مقصداً لعدد اكبر من السياح الذين سيضعونها على خارطة تنقلاتهم السياحية بعد ان اصبحت ضمن 4300 موقع ديني اساسي في العالم، والثاني الطاولة المستديرة التي عقدت حول طريق الفينيقي والتي شارك فيها امين عام منظمة السياحة العالمية طالب الرفاعي وممثلو 17 دولة اوروبية وافريقية ستسفيد من هذه الطريق سياحياً، كما لبنان، وهي الدول التي كان للفينقيين موطىء قدم لهم ولتجارتهم وثقافتهم وحضارتهم.
من المؤكد ان لبنان بدأ «ينوع» سياحته بعد ان ابتعد عنه السياح الخليجيون منذ العام 2010 والذين كانوا يشكلون ثلثي عدد السياح الذين يقصدون لبنان للاصطياف والسياحة لاسباب سياسية وامنية، فاضطر لبنان الى الاستعاضة عنهم موقتاً بانتظار عودتهم عبر التركيز على سياحات تفيد لبنان ويستفيد منها المواطن وهي السياحة الريفية والسياحة الدينية والسياحة الاغترابية عبر تطبيق الخطة التي وضعها وزير السياحة ميشال فرعون وهي بعنوان «انا» حيث يطلب من كل لبناني منتشر في العالم زيارة بلد الآباء والأجداد ولو لمرة واحدة.
واذا كانت السياحة الريفية قد فعلت فعلها، وتطورت خلال سنة واحدة من اطلاق استراتيجيتها التي كانت محددة بخمس سنوات بسبب التفاعل القائم مع المجتمع المدني وانتشار «بيوت الضيافة» في اغلبية المناطق الريفية، فان وزارة السياحة تركز حالياً على اطلاق السياحة الدينية بكل قوة وتعميم ثقافة مشروع «الانا» للاغتراب اللبناني، هذا دون ترك السياحة التقليدية التي تعمل عليها وزارة السياحة من اجل اعادة من كان لبنان «بلده الثاني».
على اي حال، فان المشاريع التي تنفذها وزارة السياحة هي لفترات مستقبلية، لا يمكن ان تبصر النور بين ليلة وضحاها، وبالتالي فان التركيز منصب اليوم على تأمين «صيفية» ناجحة في ظل استمرار الاستقرار الامني، وغياب «ازمة النفايات» التي فتكت بالقطاع السياحي في العام الماضي الذي كان مؤهلاً ان تكون ارقامه متساوية لارقام 2010 المزدهرة لولا آفة النفايات التي بدأت في 27 تموز 2015 وادت الى كارثة على صعيد السياحة.
وفي هذا المجال استنفرت وزارة السياحة لمواكبة نجاح «الصيفية» في ظل ممارسة النقابات السياحية اقصى درجات التعاون خصوصاً بعد النداء الذي وجهه رئيس نقابة اصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري طوني رامي الذي طالب فيه ان يمضي اللبنانيون الموجودون في لبنان والمنتشرون في العالم «الصيفية في ربوعه» منطلقين من حملة «صيّف في لبنان» كما ان امين عام نقابة اصحاب الفنادق وديع كنعان يسعى بالتعاون مع وزارة السياحة لامكان تخفيض سعر تذكرة السفر بين لبنان والاردن بـ100 دولار من اجل تمكين الاردنيين من المجيء الى لبنان بعد ان تراجعت اعدادهم بسبب اقفال الطريق البرية حيث كان يصل عددهم الى 600 الف اردني من السنة، واذا نجحت هذه التجربة فيمكن ان تعمم على العراق ومصر.

كما ان ملامح امكانية «صيفية» مميزة برزت من خلال تأكيد رئيس نقابة اصحاب مكاتب السفر والسياحة جان عبود ان الحجوزات من منتصف حزيران الحالي وصلت الى 90 في المئة متوقعاً ان ترتفع الى 100 في المئة، بحيث يمكن زيادة عدد الرحلات الاضافية في ظل الازمات التي تعصف في الدول المجاورة في سوريا والعراق ومصر وتركيا وتونس، مما سيؤدي الى اتجاه السياح الى لبنان الذي ما زال يتمتع بالاستقرار الامني المنشود مع التدابير التي تتخذها القوى الامن لضبط الامن.
وعلى الرغم من الترويج السياحي لمناطق في تركيا او شرم الشيخ في مصر او في تونس، فان لبنان ما زال يتمتع بمقومات افضل من تلك التي تتمتع بها هذه الدول، في ظل مناخه ومياهه ومنتجعاته ومواقعه السياحية وفي ظل وجود شعب مضياف يتقن كل اللغات حتى ان وزارة السياحة خرجت منذ فترة أدلاء سياحيين باللغة الروسية، واقامة برامج ومهرجانات لا تعد ولا تحصى بحيث يمكن القول ان عددها سيفوق الـ100 مهرجان في مختلف المناطق اللبنانية.
مصادر سياحية اكدت ان زيادة عدد السياح بنسبة 8 في المئة عن الاشهر الماضية يثبت ان السياحة في تقدم مستمر، خصوصاً اذا تمكنت الحكومة من اعادة رفع الحظر عن سفر الخليجيين الى لبنان، رغم ان بعضهم شوهد في بعض الامكنة السياحية كأفراد وليس كمجموعات وهذا يثبت مدى حبهم للبنان.
اذن لبنان يعوّل على اللبنانيين لانجاح موسمه السياحي خصوصاً اذا نجحت خطة وزير السياحة في تطبيق «انا» للاغتراب اللبناني، حيث يطالب الوزير فرعون ان يزور «اللبناني المنتشر» لبنان ولو لمرة واحدة كـ «حج» اليه، باعتبار ان عدد اللبنانيين المنتشرين يفوق الـ10 ملايين لبناني فاذا جاء 10 في المئة منهم فلبنان سيكون بألف خير وستعود قطاعاته السياحية الى الانتعاش، واذا كان رامي قد اصاب الهدف بتوجيه ندائه الى هولاء، فان خطة فرعون جاهزة للتطبيق حتى ان مصادر وزارة السياحة والجامعة الثقافية في العالم تؤكد ان عدد اللبنانيين الذين سيزورون لبنان سيكون كبيراً ومن مختلف الدول خصوصاً اميركا الشمالية والجنوبية.
كما لا بد من التذكير ان عدد المهرجانات سيتجاوز الـ100 مهرجان لفنانين من مختلف الجنسيات، ووزارة السياحة تعول عليها كثيراً خصوصاً مهرجانات بعلبك التي تحتفل مهرجاناتها بعيدها الستين، وصور، وجبيل، وجونية، وبيت الدين وحتي بيروت التي ستؤكد مرة اخرى حبها للحياة وسهر الليالي.
اذن لبنان وسياحته يعولان على اللبنانيين… فهل سينجح هذا البلد في جذب ابنائه اليه ولو لمرة واحدة؟