IMLebanon

توحيد المبيعات الإعلانية .. رهان الصحف اللندنية لمواجهة التباطؤ المدمر

Sun
ديفيد بوند

عندما سجل روبرت ميردوك زيارة غير متوقعة إلى غرفة الأخبار في صحيفة “ديلي تلجراف” في نيسان (أبريل)، أدى ذلك إلى ثرثرة في شارع الصحافة “فليت ستريت”.

تساءل صحافيون عما إذا كان رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لمجموعة نيوز كورب ذهب إلى هناك للحديث عن عملية استحواذ على هذه الصحيفة اليمينية، أو مناقشة المجالات ذات الاهتمام المشترك الخاصة بالاستفتاء على عضوية الاتحاد الأوروبي.

حتى الآن لم تؤكد صحيفة “التلجراف” أو ميردوك سبب الزيارة. ولأن صناعة الصحف في المملكة المتحدة تواجه أزمة مالية غير مسبوقة، من المرجح أن يدلي مالكو ومديرو شركات النشر البريطانية بكثير من الأحاديث في الأشهر المقبلة.

ووفقا لعدد من كبار المسؤولين التنفيذيين في مجال الأخبار، المناقشات جارية حاليا بين شركات الإعلام لاستكشاف سبل لوضع خلافات سابقة جانبا والعمل معا. أحد الخيارات هو تشكيل عملية مبيعات واحدة للإعلانات لمعالجة انخفاض مثير للقلق في إيرادات الإعلانات.

الأرقام من وكالة أبحاث وسائل الإعلام، إيندرز أناليسيس، تظهر أن الإعلانات في الصحف انخفضت بنسبة 15 في المائة عام 2015، ويمكن أن تسجل النتيجة نفسها هذا العام. وهي الأرقام الأسوأ منذ عام 2009، عندما عانت الصحف من تداعيات الأزمة المالية.

وهذه ضربة تأتي بعد فترة طويلة من التراجع بالنسبة للصحافة. فمنذ عام 2000، إجمالي المبيعات اليومية للصحف الوطنية البريطانية انخفض تقريبا إلى النصف ليصبح أقل من ثمانية ملايين نسخة.

يقول أحد كبار المسؤولين التنفيذيين: “كانت صناعة الصحف تقول منذ أعوام إن يوم الحساب قادم. حسنا، يوم الحساب وصل، وما يحدث أمر هيكلي لا رجعة فيه”.

مجموعة إي إس آي ميديا أغلقت أعمال النسخة المطبوعة من صحيفة “الإندبندنت” في آذار (مارس). وفي الشهر نفسه، أعلنت “جارديان نيوز آند ميديا” عن تخفيض 250 وظيفة للتعامل مع خسائر التشغيل الأعلى من المتوقع، البالغة 50 مليون جنيه هذا العام. وفي أيار (مايو) أصدرت كل من “ديلي ميل” و”جنرال تراست” تحذيرا بشأن الأرباح، وقالتا إن إيرادات الإعلانات المطبوعة انخفضت بنسبة 13 في المائة في الأشهر الستة المنتهية في آذار (مارس). وتم إغلاق صحيفة “نيو داي” القومية الجديدة من مجموعة ترينيتي ميرور بعد 50 يوما فقط، بعد أن باعت 40 ألف نسخة يوميا فقط، وهو رقم أقل بكثير من أهداف التوزيع.

يقول دوجلاس ماكيب، المحلل في وكالة إيندرز: “المضامين واضحة. في حين أن الإعلانات المطبوعة كانت في حالة من التراجع طويل الأمد على مدى أكثر من عقد من الزمن، إلا أن القوى الهيكلية التي يقوم عليها هذا التراجع بدأت تعمل بفاعلية أكبر”.

العلامات التجارية الإخبارية في بريطانيا كانت تحاول التعويض من خلال استهداف النمو الرقمي الوطني والدولي بقوة. هذه الاستراتيجية كانت بمنزلة نجاح كبير من حيث عدد القراء، إذ باتت مواقع الصحف الإلكترونية في المملكة المتحدة تجتذب متوسطا يبلغ أكثر من 40 مليون متصفح يوميا على الإنترنت. لكن تحويل تلك الأرقام إلى أموال نقدية فعلية يبقى التحدي الأكبر، مع انقسام المالكين حول أفضل طريقة للمضي قدما.

راهنت “التايمز” على فرض رسوم على المحتوى – 172 ألف مشترك رقمي يدفع كل منهم ما يصل إلى 26 جنيها شهريا لحزم الإنترنت. إذا حسبنا السعر الكامل الذي يدفعه المشتركون، فإن هذا يحقق أكثر من 50 مليون جنيه من الإيرادات السنوية، لكن كثيرا من المشتركين يدفعون مبالغ أقل من ذلك بكثير.

من الصحف التي اختارت أيضا هذا الأنموذج “فاينانشيال تايمز” التي لديها نحو 587 ألف مشترك رقمي، إضافة إلى نحو 206 آلاف من مبيعات الصحيفة المطبوعة.

“ميل أونلاين”، الموقع الإلكتروني لـ “ديلي ميل”، و”الجارديان، من ناحية أخرى، تراهنان على أن المحتوى المجاني سوف يجذب جماهير دولية أكبر وفي نهاية المطاف يحقق إيرادات من الإعلانات.

صحيفة “ديلي ميل” لديها 240 مليون زائر شهري – ثلاثة أضعاف صحيفة “نيويورك تايمز” – والإيرادات الرقمية تمثل نحو 20 في المائة من دخلها وكذلك دخل “جنرال تراست”. لكن حتى هناك، النمو الرقمي لم يكن قادرا على سد الفجوة التي تركها الانخفاض في إيرادات الصحافة المطبوعة.

بخلاف الاستمرار في تقليص التكاليف في محاولة للحفاظ على الربحية، لا يملك أصحاب الصحف كثيرا من البدائل. وهذا يعني عموما، المزيد من تخفيض الوظائف. في أيار (مايو)، أعلنت “التلجراف” عن جولة أخرى من تخفيض الوظائف، وغرف الأخبار مستعدة للمزيد.

ومع صعوبة الاندماج في مثل هذه السوق التنافسية تاريخيا، تقول مجموعة “إي إس آي” إن إحدى الإجابات هي التخلي عن الصحافة المطبوعة. يقول كريستيان بروتون، رئيس التحرير في الموقع الإلكتروني لصحيفة “الإندبندنت”: “لا تستطيع أن تفعل شيئين في وقت واحد. وجود ذلك الحدث في مستقبلك لا يوجد سوى عدم اليقين”.

المشكلة هي أن إيرادات الصحافة المطبوعة لا تزال توفر الجزء الأكبر من الدخل للصحف. وتقدر شركة إيندرز أن الصحافة المطبوعة كانت تمثل 88 في المائة من إيرادات شركات النشر الإخبارية في المملكة المتحدة عام 2015.

الصحف بحاجة إلى أن تكسب المزيد من الوقت لنفسها. توحيد عملية المبيعات قد يساعد على إيقاف الانخفاض الحاد في عرض الإعلانات.

إذا كانت الصحف ستطلق مثل هذه المبادرة، فهي بذلك ستحذو حذو صناعة التلفزيون في المملكة المتحدة، حيث تبيع “سكاي نيوز” و”القناة الرابعة” و”آي تي في” بالنيابة عن 130 قناة تجارية.

ويتعامل مشترو الصحافة المطبوعة مع ما لا يقل عن سبع عمليات بيع. والتنفيذيون في الصحف مقتنعون بأن عمليات أكثر بساطة ستساعدهم في تأمين أعمال جديدة مع المعلنين الذين تخلوا عن أشكال الصحافة التقليدية المطبوعة.

يقول سايمون فوكس، الرئيس التنفيذي لشركة ترينيتي ميرور: “صناعة العلامة التجارية للأخبار بحاجة إلى العمل بطريقة أكثر تعاونية. في الوقت الذي يصبح فيه “فيسبوك” و”جوجل” أكثر هيمنة، علينا أن نرى أن هناك قاسما مشتركا في مصلحتنا”.