IMLebanon

سياسة حاضنة الإرهاب (بقلم بسام أبو زيد)

qaa1

 

كتب بسام أبو زيد

 

في القاع أو في غيرها حيث يرتكب الإرهابيون جرائمهم، تتوحد دماء اللبنانيين وارداتهم في التخلص من الإرهاب، ولا بد من التأكيد على أمر أساسي أن لا كل القتال في سوريا لمنع وصول الإرهابيين إلى لبنان ولا كل التدابير عند الحدود حالت دون ارتكاب هؤلاء لجرائمهم، لأن الوقائع الحقيقة تقول إن هؤلاء الإرهابيين أصبحوا في الداخل اللبناني يشكلون خلاياهم الناشطة في تجمعات النازحين السوريين وغيرها وينتظرون اللحظة المناسبة لتنفيذ مخططاتهم.

ليس ما نقوله هو اتهام لكل النازحين السوريين بأنهم من الإرهابيين بل أن الكثير من هؤلاء دفعوا ثمن إرهاب ما بشكل أو بآخر، ارهاب رسمي وإرهاب تكفيري، ولكن الواقع يقول إن بين هؤلاء النازحين نسبة تتأثر بما ينادي به تنظيم “الدولة الإسلامية” وجبهة “النصرة” وأنه لدى البعض منهم اتصال وعلاقات بطريقة ما مع هذه الجهات تغذّي فيه ماله إلى التطرف والتكفير وإلى ارتكاب أعمال إرهابية تحت عناوين متعددة وهي متوفرة في لبنان وأولها الرد على ما يقوم به “حزب الله” من أعمال عسكرية في سوريا، وطبعا يأتي كل ذلك بعد أن يكون هؤلاء قد درّبها إما في سوريا وإما في لبنان بوسائط متعددة على صنع المتفجرات والأحزمة الناسفة.

قد يقول البعض أن هذا الكلام يأتي في إطار النظريات والتحليل ولكن الرد على ذلك بسيط جدا، وهو أنه من استطاع أن يجند ويدرّب أشخاصا في فرنسا وبلجيكا لشن هجمات إرهابية، لن تصعب عليه عملية التجنيد والتدريب والتنفيذ هذه في لبنان حيث أن ظروف عمل هذه المجموعات وإيجاد طرائدها اسهل بكثير مما هو عليه في أوروبا.

وأمام هذا الواقع قد يتساءل البعض عما يمكن فعله لمنع تفاقم ظاهرة الإرهاب في لبنان؟ أن الرد على هذا التساؤل صعب لأن الحل الجذري يكون بالتخفيف من إعداد النازحين السوريين في لبنان وضبط تجمعاتهم وحصر أعدادهم ولكنها مسألة ليست كلها في يد اللبنانيين رغم أن الأجهزة الأمنية اللبنانية تبذل جهودا جبارة في هذا الاطار، ويجب أن ترفق بوعي المواطنين اللبنانيين لأنهم جميعا أهدافا محتملة في قراهم وكنائسهم ومساجدهم.

كل ذلك يجري والجدل بين الفرقاء السياسيين متواصل حول من يتحمل مسؤولية وصول الإرهاب إلى لبنان وهو جدل أصبح عقيما بعدما تخطى الإرهابيون هذا السجال، ولكن المعيب هو أنه بعد كل جريمة إرهابية يكرر القادة السياسيون سجال المسؤولية عبر وسائل الإعلام مرفقينه بدعوات للتضامن والتكاتف وحل الأزمات السياسية ولكنها كلها تبقى حبرا على ورق ولا تعيش ابعد من زمن تشييع الشهداء لتعود فتتلاشى من دون أي نتيجة على الأرض.

هذا الواقع السياسي هو بالفعل البيئة الحاضنة للإرهاب، وهو مشجع الإرهابيين لارتكاب مجزرة قاع جديدة أو غيرها، مجزرة ضحايا سيرقدون تحت التراب وستجف دماءهم ولكنها ستبقى وقودا لصراع سياسي لبناني أضاع البوصلة ليتقاتل بين بعضهما البعض.