IMLebanon

الرئيس أولاً… شرط للسير في العناوين الإصلاحية

baabda-1

كتب غالب أشمر في صحيفة “الحياة”:

بخلاف المناخ السلبي الذي تركته جلسة أول من أمس، اتسمت “ثلاثية” الحوار في جولتها الثانية أمس، بنقاش جدي هو الأعمق الذي خاض فيه المتحاورون على امتداد الجلسات الـ21 التي عقدتها هيئة الحوار الوطني منذ انطلاقها. وتركز البحث، في ثلاثة مواضيع تناولت إنشاء مجلس للشيوخ وقانون الانتخاب واللامركزية الإدارية المحال إلى المجلس النيابي، إذ سجل خرق في هذا الملف، لجهة التوافق على بحثه، والوصول إلى صيغة لإقراره، وهو ما يتيح للمواطنين في المناطق الاهتمام بشؤونهم التي لا تستطيع الدولة المركزية الاهتمام بها.

طاولة الحوار التي التأمت أمس بغياب رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النيابي ميشال عون، الذي حل مكانه لليوم الثاني الوزير جبران باسيل، ورئيس “اللقاء الديموقراطي” النيابي وليد جنبلاط، الذي مثله النائب غازي العريضي. أضفى عليها راعي الحوار، رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في بدايتها جواً من المزاح، فحين دخل المصورون إلى القاعة لالتقاط الصور المعتادة، بادر المتحاورين بالقول: “لما رح يشوفوا (يشاهدون) صورتنا، رح تبين بتقطع الرزق”. ثم توجه إلى الوزير بطرس حرب الذي صادف عيد ميلاده أمس، ممازحا إياه بالقول: ينعاد عليك وين (أين) الكاتو؟، رد حرب: “الكاتو عليي أو عليك؟، بري: “شو انشالله دخلت الأربعين (سنة)، حرب ضاحكاً: “لا، 33 (سنة)، فعقب بري: “يبدو أن الوزير (جبران) باسيل أكبر منك، على كل حال هو بحبك لأنك تمثل العدل، وأنت تمثل العدالة”. وقبل أن يبدأ البحث في قانون الانتخاب، بعدما وزعت المشاريع واقتراحات القوانين والأفكار المطروحة على المتحاورين، لنقاشها، إضافة إلى ملفات واقتراحات حول اللامركزية الإدارية وكيفية تطبيقها، حملها معه رئيس حزب الكتائب النائب سامي الحميل ووزعت أيضاً في بداية الجلسة، توجه بري إلى المشاركين في الحوار بالقول: “البارحة وبخلاف حقيقة ما قيل، فإن الجلسة حملت إيجابيات في نقاط عدة. وعلينا أن نبذل الجهد لنتوصل إلى اتفاق في شأن قانون الانتخاب، على أن تكون النسبية العمود الفقري لأي مشروع انتخابي، وهذه مسؤوليتنا جميعاً”، ودعا إلى “التوافق على قضايا خلافية تمهد للتوافق على انتخاب رئيس الجمهورية، من هذه القضايا اللامركزية الإدارية، واستحداث مجلس الشيوخ إذ أن اللامركزية الإدارية هي من صلب قانون الانتخاب”. ولفت إلى أن “التركيز على الإصلاحات العامة لا يلغي أولوية انتخاب رئيس الجمهورية، وأن الأولوية عند التطبيق ستعطى للرئاسة. وأن أي مقاربة لمجلس الشيوخ ستكون ضامنة لحقوق الطوائف والمذاهب”.

ودارت مناقشات عميقة، في تشكيل مجلس للشيوخ، فتم التشديد على أن “الإصلاحات الدستورية ضرورية لتطوير النظام السياسي وفق اتفاق الطائف، لأن من شأن ذلك إعطاء النقاش طابعاً إصلاحياً يتصل بتطبيق كامل لاتفاق الطائف، وفق ما قال النائب محمد رعد. وفيما بقي كل طرف على موقفه، اتفق على أن يتم اليوم البحث في صلاحيات ودور مجلس الشيوخ، على أن يجري البحث في قانون الانتخاب في ضوء الإجماع الذي ظهر على إنشاء مجلس شيوخ. وتم التأكيد أن أي اتفاق يطاول هذه الموضوعات الإصلاحية وخطواتها العملية، يرتبط بانتخاب الرئيس أولاً. لكن الوزير ميشال فرعون، قال في مداخلة له: “يجب ألا نربط قانون الانتخاب بالإصلاحات المطلوبة (مجلس الشيوخ واللامركزية)، إذ إن إقرارها قد يتطلب وقتاً طويلاً”. وأيده في ذلك عدد من المشاركين” لأن الوقت أصبح ضاغطاً حيث باتت الانتخابات النيابية على الأبواب”.

باسيل والاستفتاء

وعلمت “الحياة” أنه بعد الأجواء الإيجابية التي سادت نتيجة التوافق على طرح موضوع اللامركزية على البرلمان، طرح الوزير باسيل في آخر الجلسة مسألة الرئاسة قائلاً: “يجب أن نناقش مسألة الرئاسة، لأن هناك مرشحاً معروفاً لديكم جميعاً هو الأكثر تمثيلاً على الصعيد المسيحي ويحظى بدعم واسع، وإذا كان البعض لا يريد رئيساً قوياً ويتجاهل هذا الواقع فنحن نقترح خيارات للوصول إلى نتيجة في هذا الشأن، وهي إما أن ننظم استفتاء حول مَن هو مِن المرشحين الأكثر قبولاً شعبياً، وإلا إذا لم تكن هناك موافقة على ذلك، فلنذهب إلى قانون انتخاب عادل ثم نجري انتخابات نيابية على أساسه، تنتج برلماناً أكثر تمثيلاً، لينتخب الرئيس الجديد بعد ذلك”.

وقالت مصادر المتحاورين أن حرب رد على باسيل قائلاً أن فكرة الاستفتاء مخالفة للدستور الذي يقول بنزول النواب إلى البرلمان لانتخاب الرئيس.

كما أن النائب سامي الجميل قال: “لا أحد يمكنه أن يفرض رأيه على الناس، هل تريدون فرض مرشحكم فرضاً؟ المجلس النيابي هو الذي ينتخب والنواب أحرار في من يختارون”. لكن النائب محمد رعد ساند وجهة نظر باسيل، مؤيداً طرحه وجوب انتخاب الأكثر تمثيلاً على الصعيد المسيحي…

وبعد رفع الجلسة أكد الوزير فرعون أن “النقاش في مسألة تطوير النظام أمر مهم، إلا أن هناك استحقاقين داهمين هما التوصل إلى قانون انتخابي وملء الفراغ الرئاسي اللذين تجب معالجتهما خلال الأشهر القريبة”. ورفض “ربط الاستحقاقين بنقاط خلافية تتطلب أشهراً كإنشاء مجلس الشيوخ خصوصاً أن الوقت يداهمنا”، محذراً من أن “ربط القانون الانتخابي بمجلس شيوخ لن يسمح بحل الأزمة في الوقت المناسب”.

وتحدث الجميل عن “إنجاز مهم بالنسبة إلى التعاطي مع مشروع “اللامركزية الإدارية” حيث تمت إحالته إلى المجلس لبحثه، وهذا الموضوع يوقف الاستنساب في التعاطي مع حياة المواطنين”. أما في الشأن الرئاسي فأسف الجميل “لأننا نهرب من الديموقراطية التي ميزت لبنان. فالحلول موجودة، والرئيس لا يتم تعيينه ولا يتم الاتفاق عليه على طاولة، بل يتم انتخابه بالاقتراع السري في المجلس”. وقال: “في موضوع قانون الانتخاب، هناك اقتراحات قوانين موجودة في المجلس والمطلوب التصويت عليها”، مضيفاً: “علينا أن نقرر. إما أن نطبق الدستور، أو نستمر في ربط مصيرنا بالتوافق والإرضاء، يجب ممارسة الديموقراطية واعتماد التصويت في رئاسة الجمهورية وفي القانون الانتخابي. أما من يريد الهروب من التصويت فهو غير ديموقراطي”.

أما عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب علي فياض فأشار إلى أن “الجلسة كانت هادئة وهي الأعمق بين كل الجلسات التي خضناها من قبل”، مشيراً إلى أن “البحث تجاوز منطق “دوحة جديدة” ووصل إلى الحديث عن تطبيق كل البنود الإصلاحية في اتفاق الطائف”. وأوضح أن هذه “الجلسة فتحت الباب على مصراعيه أمام تطوير النظام اللبناني في إطار اتفاق الطائف”، مؤكداً أن النقاش الذي تركز على موضوع مجلس الشيوخ واللامركزية الإدارية، “لا يلغي أن يبقى كل جانب عند موقفه في انتخابات الرئاسة”. وأكد “أننا إذا نجحنا في التوصل إلى مجلس شيوخ فنكون قد سرنا في اتجاه قانون نسبي واعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة”، مضيفاً “المنهجية الجديدة هذه برزت اليوم للمرة الأولى حيث اتفق الجميع على مناقشة هذه الموضوعات”.

حفظ المناصفة

ولفت وزير المال علي حسن خليل إلى “أن هذه الجلسة، أرست أسلوباً إصلاحياً جديداً في الحوارات، ومنه تطبيق ما تبقى من بنود الطائف”، وقال: “الحديث اليوم كان حول مجلس الشيوخ وإقرار قانون على أساس جديد يعتمد على وجود مجلس شيوخ ما يضع البلد على سكة إصلاحات مهمة، وغداً سنبدأ بنقاش الخطوط العريضة لقانون الانتخاب، واليوم هناك صيغة جديدة بعد الحديث عن مجلس شيوخ. ومن الممكن الذهاب إلى نسبية كاملة إذا تم إقرار موضوع مجلس الشيوخ وضمان حقوق الطوائف”. وقال: “الرئيس بري شدد أولاً على أن نستفيد من هذه اللحظة وأن نضع قواعد خاصة وآليات لتطبيق ما يمكن الاتفاق عليه وعلى إعطاء الأولوية عند التطبيق لانتخاب رئيس. وأنه أكد في خلاصة كلامه على أننا سنبدأ غداً بمناقشة قانون الانتخابات الجديد ووضع الخطوط العريضة له”، مشيراً إلى أنه “حصلت اليوم مقاربة جديدة فعندما نتحدث عن مجلس شيوخ متلازم مع قانون الانتخابات نكون نتحدث عن قانون بمقاربة جديدة أوسع بكثير مما كان متداولاً به وهذا ما أجمعت عليه كل القوى”. وقال: “الرئيس بري أعطى اليوم تفسيره انتخاب مجلس نواب وطني لا طائفي بما يحفظ المناصفة بين المسيحيين والمسلمين وأكد أن مقاربة مجلس الشيوخ الضامنة والحافظة لحقوق ومصالح مكونات وطوائف البلد يكون على أساس ما اصطلح على تسميته في مرحلة من مراحل القانون الأرثوذكسي”.