IMLebanon

 ريفي: لن نكافئ “حزب الله” بجوائز ترضية لخروجه من سوريا

 

Ashraf rifi

 

أبدى وزير العدل اللواء أشرف ريفي كثيراً من الحزم والعزم في مواجهة تمادي “حزب الله” في ضرب مفهوم الشراكة الوطنية والتحكّم بالحياة السياسية والاستحقاقات الدستورية، معربا عن ثقته بأن “الحزب” لن يخرج من سوريا منتصراً بعدما ارتكب خطأ استراتيجياً تاريخياً عربياً إسلامياً وأخوياً، ولن تتم مكافأته على ذلك بجوائز ترضية في لبنان.

ريفي، وفي حديث الى صحيفة “القدس العربي”، قال:”على القوى السيادية في لبنان أن تثق بنفسها وتكفّ عن تقديم التنازلات وتصمد سياسياً”، واصفاً “طاولة الحوار” بالفخ والخديعة التي يهدف منها “الحزب” للوصول إلى مؤتمر تأسيسي لتغيير النظام، وليس طرح “السلة المتكاملة” سوى تعليق للدستور.

وفي ما يلي نص الحوار:

 

هل توافق على مقولة أن سوريا هي مفتاح حل الأزمة في لبنان؟

 

لا شك أن الجغرافيا تلعب دوراً مهماً، فلبنان “مطوّق” جغرافياً من قبل سوريا، من الشمال فالبقاع شرقاً وصولاً إلى حدود فلسطين المحتلة، والبحر أمامنا من جهة الغرب، لذلك ينعكس الواقع السوري علينا، ونشكر الله أن الواقع الأمني لا ينعكس بالقدر نفسه، ويقتصر الأمر على”تفلتات أمنية”. وما يساعد في الاستقرار الأمني وجود قرار دولي وإقليمي بضبط الوضع، ناهيك عن أن القوى اللبنانية لا ترى لها مصلحة في التفجير الأمني. نحن نتأثر سياسياً واقتصادياً، لذلك دورتنا الاقتصادية شبه مشلولة، وهناك تداعيات للواقع السوري على ملف انتخابات الرئاسة وعلى الملف الحكومي وسائر المؤسسات.

 

هذه التداعيات هي نتيجة رهان الأطراف اللبنانية على موازين القوى في سوريا وعلى التطورات الإقليمية؟

 

لا أستطيع الإدعاء بأن هذا ينطبق على كل الأطراف، لأن قوى “14 آذار” أو الفريق السيادي في لبنان، والذي أضاعت بعض قياداته البوصلة أحياناً، لا يتأثر بالواقع السوري، بل بالعكس همّه أن تسير الأمور في البلد، وحتى لو كانت تطورات المنطقة تصبّ في مصلحته، فهو لا يُدخلها في اللعبة السياسية، إنما الفريق الآخر الذي هو “حزب الله” وفريق إيران، يعطل الانتخابات الرئاسية ليستخدمها الإيراني لدعم وضعه الإقليمي وكورقة تفاوض بوجه الإدارة الأمريكية الجديدة التي ستنتجها الانتخابات بدل أن يفاوض بها الإدارة القديمة. و”حزب الله” ذهب إلى سوريا أملاً بأن يحمي النظام الحليف. هذا الفريق يسير على وقع التطورات الإقليمية ويعطّل الاستحقاقات الدستورية.

 

فريق “8 آذار” راهن على معركة حلب، واعتبرها فاصلة، مَن يربحها سيفرض أجندته، وكان لديهم شعور بأنها شبه محسومة لصالحهم، وبالتالي يمكن فرض شروطهم على الداخل اللبناني؟

 

عندما يُقدم الإنسان على أي مقامرة أو مغامرة، ينظر فقط إلى الإيجابيات، فالمقامِر عندما يجلس إلى طاولة القمار يعيش وَهمْ الربح المؤكد، وإلا لما جلس إلى الطاولة، علماً أن الرابح في الأغلب هو صاحب “الكازينو” والخاسر هو المقامر. هذا ينطبق على لعبة الدخول العسكري إلى سوريا، الذي هو – حسب رأيي – مقامرة وخطأ استراتيجي، إنما دخوله يكون مبنياً على وهم الانتصار. من يقرأ التاريخ يُدرك أن المنتصر دائماً هو الشعب ابن الأرض حتى ولو كانت قدرته العسكرية محدودة.

لو كنت مكان “حزب الله” لما أقدمت على هذا التدخل، إنما عندما يكون هناك تنظيم ركّبته ودرّبته وسلّحته إيران، وهي التي تعبئه سياسياً ومذهبياً فهو سيكون حتماً أداة للتنفيذ فقط، وسيكون وقوداً للسياسة الإيرانية وللمشروع الإيراني، وآسف للقول أن هذه “الوقود” ستحترق في الوحل السوري وسيندم الحزب على تدخله هناك، وقتلاه ليسوا بشهداء، لأنه لا يقاتل عدواً بل شقيقاً. لقد ارتكب خطأ تاريخياً إسلامياً عربياً أخوياً، وسيدفع ثمنه.

 

هناك مَن يعتبر أن ثمن خروج “حزب الله” من سوريا سيكون تحقيق مكاسب على الساحة اللبنانية، ومن هنا يأتي الكلام عن المؤتمر التأسيسي، هذه النظرية تقول بأنه لن يخرج خالي الوفاض؟

 

نحن دفعنا ثمن دخوله إلى سوريا ويريدنا أن ندفع ثمن خروجه، فليسمح لنا. أنا أعرف أن هذه العقلية موجودة عندهم. بعد صموده في وجه إسرائيل واعتبار نفسه منتصراً، ونحن اعتبرناه منتصراً، حاول ترجمة انتصاره هذا على الساحة الداخلية، ففقد كل وقاره وهيبته عند اللبنانيين وبدأ بالسقوط. أحد السفراء اللبنانيين في دولة عربية قال أنه أثناء تجواله في سيارته التي تحمل العلم اللبناني كان مواطنو هذه الدولة يتباركون بالعلم اللبناني، لكن بعد ثلاثة أشهر من دخول الحزب إلى الساحة الداخلية واستثارته الغرائز المذهبية السنية – الشيعية، فُتحت مكاتب في هذه الدولة للتطوّع لقتاله.

 

بعض القوى السياسية اللبنانية يرى أن “حزب الله” يُمسك بالرئاسة، وبالتالي لا بد مِن تقديم التنازلات له إنقاذاً للجمهورية لأن لا خيارات أخرى؟

 

هذا ليس إنقاذاً… الضعيف لا يُنقذ. “حزب الله” لن يخرج منتصراً من سوريا. فليثقوا بأنفسهم، وكفاهم تنازلات طمَعاً بالمواقع والمراكز. لن نُكافئه بجوائز ترضية. “طاولة الحوار” هي خديعة. “حزب الله” يحلم بـ “مؤتمر تأسيسي” لتغيير النظام اللبناني لصالح قوته العسكرية، ولن ندفع في لبنان ثمن قوته غير الشرعية ولا ثمن خروجه من سوريا مهما كلّف الأمر. هو لا يستطيع أن يفرض علينا مؤتمراً تأسيسياً. وإذا كان ثمة ضعفاء فليتحمّلوا المسؤولية. أي إنسان يتساهل بحقوق طائفته هو خائن للطائفة وشعبه سيحاسبه. ليسمح لنا “حزب الله” نحن في هذا البلد متساوون في الحقوق والواجبات، ولدينا دستور يوضح آلية انتخاب رئيس الجمهورية، وكيف يُكلّف رئيس الحكومة وكيف تُشكّل الحكومة وكيف تنال الثقة، وكيف يُعيّن موظفو الفئة الأولى. لا أحد يمكنه أن يضغط علينا من خلال “طاولة الحوار” التي هي خديعة وفخ، أو “السلة المتكاملة” التي هي عبارة عن دعوة لتعليق الدستور.

 

هي حصلت من قبل… الدوحة كانت “سلة متكاملة”؟

 

يجب أن لا يُلدغ المرء من جُحر مرّتين، إذا أخطأنا في الدوحة لا يجب أن نخطئ مرة ثانية. ثم أن القدرة التي كانت موجودة لدى “حزب الله” يومها لم تعد موجودة اليوم، كان خارجاً للتوّ من “انتصار” حرب تموز، وكان يحتل وَسَط البلد، أما اليوم فهو غارق في الوحل السوري، وإيران مُربكة والنظام السوري يعاني الأمرّين، فإذاً نحن الأقوى في المرحلة المقبلة.

 

ولكن ثمّة مَن يتكلم بمنطق “الواقعية السياسية” التي تفرض عليك الذهاب نحو خيارات صعبة؟

 

هذه ليست “واقعية سياسية”. هي تدفعنا إلى المقارنة بين الجنرال بيتان والجنرال ديغول، الأول انتهى خائناً لوطنه، مع أنه كان يملك إنجازات تاريخية خلال الحرب العالمية الأولى، والتي احتراماً لها لم يُنفذ به حكم الإعدام. تحت عنوان الواقعية “سار” مع الألمان وأنهى حياته، شئنا أم أبينا، بخيانة. نحن مع خط الجنرال ديغول ولسنا مع خط بيتان.

 

في خطابك الأخير في طرابلس كنّا لأول مرة نسمع خطاباً وكأنه يتضمن خريطة طريق للمستقبل، حتى أنك دعوت للتحضّر تمهيداً للنزول إلى الساحات من جديد. فهل فعلاً مَن ملأ الساحات من الجمهور السيادي – كما تحب تسميته – في الـ 2005 ما زال جاهزاً اليوم للنزول إلى الساحات بعد كل هذه الإحباطات التي رآها من قياداته السياسية؟

 

الجمهور السيادي، أو جمهور 14 آذار، وطنيّ أكثر من بعض القيادات. هذا الجمهور لم يتخلَ عن مبادئه، إنما فقد ثقته ببعض القيادات التي أسميها “انبطاحية” والتي أضاعت البوصلة، وذهبَت إلى خيارات خاطئة ومعاكسة لتوجهاته، ومجريات انتخابات بلدية طرابلس كانت أكبر دليل. رغم أننا لم نملك القدرات المالية والماكينة الانتخابية التي لدى خصومنا، لكن ثقة الناس بطرحِنا جعلتهم يمنحوننا أصواتهم. مَن يُعطي صوته في الانتخابات ينزل إلى الساحات من جديد شرط أن يثق بالدعوة وبالقيادة الداعية.

 

قد تنجح بالحركة الاعتراضية، إنما هذه الحركة قد لا توصلك إلى الهدف المنشود، وهذا الذي عاشته 14 آذار؟

 

الجمهور قام بمحاولة وربحها في 14 آذار 2005 وهو الآن على أهبّة الاستعداد. سنلجأ إلى كل الوسائل الحضارية، السياسية والسلمية وربما إلى العصيان المدني، لنبرهن على صمودنا بوجه “حزب الله”. لقد اغتال 20 شخصية، دعيه يغتال 20 آخرين، أو حتى 40 فيكونوا كبش فداء للأربعة ملايين لبناني. هكذا تُبنى الأمم. وبالمناسبة، أسمع أحياناً أن من ضمن بنود “السلة” التنازل عن المحكمة الدولية، خائن من يتنازل عنها، لن نتساهل بدم شهدائنا. إذا كان هو اليوم أقوى عسكرياً، فهذا لن يدوم ويمكن للأمور أن تنقلب. نقول للحزب: “ندعوك للعيش معاً على أساس التكافؤ والمساواة حتى نتيح لأولادنا فرصة العيش الكريم، ولكن لن نرضخ لك”.

 

الكثير يسأل: مَن هي القوى التي يتّكئ عليها أشرف ريفي لتنفيذ هذا المشروع الكبير، والذي يتخطى إمكانياته؟

 

أتّكئ على الجمهور السيادي في لبنان، الذي ما زال محافظاً على ثوابته رغم انحراف البعض من قياداته. هذا الجمهور سيفرز نخباً للمجتمع المدني الذي أسميته “الرحم” الذي سيخلق طبقة سياسية جديدة بدل التي أخطأت ودفعت ثمن انحرافها عن الثوابت.

 

هل هناك من دعم عربي يتلقاه أشرف ريفي؟

 

عندما ربحنا الانتخابات البلدية اتهمنا الفريق الآخر بتلقي مساعدات إما من تركيا أو إحدى الدول العربية الخليجية أو بهاء الحريري أو “القوات اللبنانية”. هذا كله هراء وليس له أساس. أنا كلامي شفّاف، لقد أعلنت عن تكلفة المعركة وحجم تبرعات المؤيدين، وعن الديون المترتبة. لدي علاقات احترام مع أغلب الدول العربية، لكنها ليست مبنية على الدعم المالي إطلاقا.

 

في آذار 2005 التقت غالبية المكوّنات اللبنانية، ويومها اعتبرنا أنها لم تصل إلى النتيجة المرجوة لأن هناك مكوّناً أساسياً لم يكن موجوداً، وهو المكوّن الشيعي، ألا نحتاج اليوم إلى شركاء؟

 

الجمهور ما زال موجوداً. حتى داخل الطائفة الشيعية كثرت الأصوات السيادية رغم التحاق البعض إلى المشروع الإيراني وإمساكه بالطائفة خدماتياً ودينياً. نحن نسمع ما يجري داخل المجالس الخاصة، فـ “بعلبك مدينتي” نالت 48.2 في المئة من الأصوات، وفي الضاحية الجنوبية ترشحت لوائح كاملة في مواجهة لوائح “الحزب”، بعض الأصوات السيادية الخافتة في الجنوب بدأت بالارتفاع. مصيرنا وقدرنا أن نعيش سوياً. نحن نحارب المشروع الإيراني فقط، وضد هيمنة الدويلة على الدولة.

 

هناك شعار “رئيس جمهورية قوي” يستغله “حزب الله”. ويتم تظهير المشهد الداخلي أنّ مَن يَمنع وصول “الماروني القوي” ميشال عون إلى موقع الرئاسة الأول، هو سعد الحريري ممثل الطائفة السنية، ألا يُشكّل ذلك وسيلة ضغط وسط المخاوف من إثارة النعرات الطائفية؟

 

الغريب في الأمر، أن المرشحَين الأبرز هما من 8 آذار ولا يكلفا نفسيهما عناء النزول إلى المجلس النيابي لحضور جلسة الانتخاب، ثم يُعتَبر أن الآخر الذي يحضر الجلسات هو مَن يعرقل عملية الانتخاب! أنا لست مع سليمان فرنجية ولا مع ميشال عون للوصول إلى الرئاسة، لكن أحترم الآلية الدستورية، فمَن يحصل على الأصوات المطلوبة “صحتين على قلبه”. “حزب الله” يتلطى وراء “السلة المتكاملة” ليقول في النهاية: “علقوا الدستور وتعالوا نتفق على كل النقاط حتى تسير الأمور”. أقول للسياديين “شدّوا حالكم” كفاكم ضعفاً. “الحزب” يغرق في الوحول السورية، هو الذي يريد الحماية والإنقاذ. المأزوم هو “حزب الله” ولسنا نحن.

 

في العلاقة مع سعد الحريري، هل وصل الخلاف إلى درجة أنْ يُطيح سوء تصرف مستشار أو قريب بتاريخ العلاقة بينكما؟

 

أنا أريد التكلّم في السياسة فقط، وله الحرية في كيفية تنظيم فريق عمله. اختلفت معه في الأساس عندما ذهب إلى خيارات أعتبرها متناقضة مع مسيرتنا النضالية. نحن لسنا في تبعية عمياء حتى نتنكر لشهدائنا ولثوابتنا ولقضيتنا. أسير حسب قناعاتي، وأنا رجل أمني أعي المخاطر إنما لا أهابها.

 

ألا تعتقد أن فخاً نُصب لكما ووقعتما به؟

 

لا… لا، هو مارس قناعاته وأنا مارست قناعاتي، لا أريد أن أدخل في تفاصيل البطانة التي تحيط به.

 

لكن اليوم نرى أن البيئة السنّية التي يشكل سعد الحريري عمادها يتم تجاذبها ضمن الفريق الواحد، وقد يشتدّ الصراع؟

 

وحدة الصورة أو الشكل ليست الهدف ولا تفيد حين تكون هناك خلافات سياسية أو اختلاف بالتوجهات. ليس بالضرورة أن يشتدّ الصراع، فالناس هي التي تختار. على المستوى الشخصي ليست عندي أي مشكلة، ما يجمعنا هو القضية والثوابت، نحن ليس عندنا “الزعيم الإله” عندما يذهب إلى ثوابت لا نقتنع بها يذهب لوحده، وعندما يُقنعنا يجدنا إلى جانبه.

 

هل يمكن أن تعود المياه إلى مجاريها؟

 

في رأيي تأخّرنا.

 

هل انقطعت شعرة معاوية، وأين الأصدقاء المشتركون؟

 

لو اختلفنا على التفاصيل لكان من السهل عودة العلاقة، ولكن اختلافنا هو على الثوابت. أنا لا يمكن أن أقبل بترشيح سليمان فرنجية، لا يمكن أن أتساهل مع “حزب الله” لأنه أقوى مني. أنا أمنيّ وعاركت كثيراً، لقد فككنا الشبكات الإسرائيلية وعددها 33 ولأول مرة جهاز أمني عربي يحقق هذا الإنجاز، وفي الوقت نفسه أوقفنا ميشال سماحة الذي هو مستشار بشار الأسد من دون أن يرفّ لنا جفن، وواجهنا دويلة “حزب الله”. خلال كلمة رثاء للشهيد وسام الحسن قلت: “أنني كنت أراك تلاعب الموت” ونحن خلقنا لنداعب الموت.

 

في المشهد الإقليمي نرى ساحات صراع مفتوحة بين المشروع الإيراني والقوى المناهضة له، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، مِن اليمن إلى العراق فسوريا، كما نرى محاولات إيرانية لزعزعة الاستقرار في البحرين والكويت ولبنان… في رأيك هل ما زالت إمكانات مواجهة المشروع الإيراني متوفرة؟

 

أستطيع القول أن الإيراني واهمٌ عندما يعتقد بأنه وضع يده على أربع عواصم عربية، وبأنه يستطيع حُكمها، أهل هذه العواصم هم سيحكمونها. أنا لا يهمني تركيبة النظام الداخلي الإيراني، ولكن عندما قرّر، تحت عنوان “تصدير الثورة”، أن يُطبّق نظرياته في دول الجوار التي تختلف معه مذهبياً أو تتلاقى، أثار احتقانات مذهبية كنا تجاوزناها، وحرّكها من جديد، وكأن دوره كان حجب الأنظار عن القضية العربية المركزية والتي هي قضية فلسطين، فهو من خلال تصرفاته يُنسينا العدو الإسرائيلي ومخططاته، وسيتحمّل المسؤولية التاريخية.

 

المشروع الإيراني تسلّل إلى العالم العربي من خلال راية فلسطين؟

 

لدينا قضيتان مقدستان، هما فلسطين والأماكن المقدسة. من المؤكد أنه لم يستطع استغلال راية الأماكن المقدسة لأن هناك القبضة السعودية ترعاها، فدخل من خلال راية فلسطين. تأملنا أن يحرّرها كما وعَدَنا، لكن كلنا نعرف “إيران غيت” والعلاقات الإيرانية – الإسرائيلية. هذا ما يُعزّز مكامن الشك لدينا بأنه دخل ليخدم العدو الإسرائيلي في الدرجة الأولى. كان الصبر العربي حليماً ولكن عندما طفح الكيل تحوّل الحلم والصبر السعودي إلى “عاصفة الحزم” وإلى “إعادة الأمل”. حتى في لبنان تعاملنا بروية مع “حزب الله” كشريك في الوطن، إنما عندما تمادت الأمور ودخل في أمننا في 7 أيار وفي أمن الشعب السوري، انتقلنا من موقع الحلم إلى موقع الحزم.

 

لمواجهة هذا الواقع اضطرت السعودية لإطلاق “عاصفة الحزم” بناء على قرار عسكري حازم بالمواجهة المباشرة، بماذا تستطيع أن تواجه اليوم “حزب الله”… بالقلم؟

 

أستطيع من خلال الموقف السياسي. كلنا نعرف كيف انتصر غاندي على الاستعمار البريطاني. أكيد لن أذهب إلى خيار تركيب ميليشيا بوجه ميليشيا “الحزب” لأنني سأدمّر البلد ولا توجد عندي القدرة حتى لو كان عندي القرار، لكن من خلال الثبات أستطيع أن أقيم توازناً، لأن “الحزب” في النهاية يريد توقيعي على أي تعديل دستوري. لن أمنحه توقيعي ولن أقوم بأي موقف يخجل منه أبنائي. مشروعنا هو مشروع صمود مدني، سياسي وإعلامي. لو أتى “الحزب” ومعه قوة إيران لن يستطيعوا إخضاع إرادتي.

 

في خطاب السيد حسن نصرالله الأخير كان هناك شيء لافت، لقد توجّه إلى التنظيمات، التي يسميها تكفيرية وإرهابية، بسياسية مدّ اليد من خلال قوله أننا في زمن التسويات والمصالحات… كيف تقرأ هذا؟

 

لقد بنى أوهاماً حول إمكانية إسقاط حلب، لكن الشعب السوري فاجأهم. من الطبيعي أن يتراجع المنكسر من خطاب الأوهام والعنجهية إلى موقف أكثر عقلانية. عندما قالوا أنه ذاهب للدفاع عن الأماكن الشيعية المقدسة قلنا لهم أن هذه المقامات موجودة من قبل أن يقوم النظام الإيراني بمئات السنين ولم يتعرّض أحد لها بسوء، ومن ثم اعترف بمساهمته في حماية نظام يشبهه. التدخل الروسي أطال بعمرهم قليلاً، ولكن الشعب السوري سينتصر في النهاية. وهو الذي سيحكم بلاده. حقائق التاريخ تقول أن لا أحد خرج عسكرياً من حدوده إلا وكانت نهايته.