IMLebanon

فديريكو مريض بسرطان الدماغ… ويسوع الجراح الأعظم!

federicko

 

تقرير الحركة المريمية في الأراضي المقدسة:

الطفل فديريكو يبلغ من العمر 4 سنوات، وهو يذوي على مرأى أمّه سابينا. ففديريكو الصغير مصاب بسرطان الدماغ الذي يقضي عليه بسرعة. فالجلسات المنهكة من الأشّعة والعلاجات الكيماوية المتتالية لم تأتِ بنتيجة. هناك ثلاثة من الأورام الستّة لا يمكن إجراء عمليّة جراحية لها: فالمشرط لا يمكنه بلوغها دون إحداث أضرار لا تعوّض. في معهد معالجة السرطان في ميلانو وهو الأفضل في كل أنحاء إيطاليا، يتابع المختصّون المسألة عن كثب.

من وجهة بشرية، لا أمل يُرجى. وفديريكو الصغير رغم أوجاعه الكثيرة، كان يقول لأمّه بين نوبة وأخرى من الألم: “سوف ترين، ماما، سوف ننجو”!

كان على سابينا أن تلجأ عند ذاك الى غرفة الحمّام، وهي المكان الوحيد حيث تستطيع إعطاء الحرّية لدموعها ولتنهّداتها البائسة.

لم تكن سابينا مؤمنة، أو بالأحرى لم تعد مؤمنة وابتعدت عن الكنيسة. غير أنّ صديقتها واسمها سابينا أيضاً، التي تشارك في جماعة صلاة حارّة، أخذت على نفسها الإهتمام بفديريكو الصغير وأطلقت حملة صلاة.

طيلة تسعة أيام متتالية، سيقوم كل عضو في الجماعة بساعة سجود أمام القربان المقدّس على نيّة الولد، متوسّلاً يسوع أن ويهدّئ روع والدته التي عانى قلبها مؤخراً انفصالها عن زوجها.

في نهاية التساعية، كان المرض يتابع سيره بلا رحمة. هل للرب مشروع آخر لفديريكو غير الشفاء؟ لم تستسلم سابينا لأنّ لديها خطّتها: في الواقع، كان الأب أنطونيللو، وهو كاهن إيطالي مرسل الى البرازيل، يقطن ميلانو في تلك الأيام ويحتفل “بقدّاس شفاء” في كنيسة القديس أنطونيوس. دعت سابينا صديقتها سابينا الى المشاركة في القدّاس مع صغيرها. نفرت سابينا الأمّ من فكرة الذهاب الى الكنيسة. لكنها وافقت على مضض. هي لا تخدع نفسها: لا الإيمان ولا الرجاء ينفعانها، بل اليأس! ثمّ هي لن تخسر شيئاً! وإذا كان ذلك لن يجدي نفعاً فهو لن يضرّ.

الواقع أنّها فور بدء القدّاس، شعرت بالتعاطف نحو الكاهنين المحتفلَين اللذين ظهرا فرحين بشكل خاص وأنيسين ورقيقي القلب.

جلس فديريكو على ركبتيها، كان من جهة نائماً ومن جهة أخرى يراقب الكاهنين، لأنّه لاحظ أنّهما خلال العظة كانا ظريفين. وعندما كان الجمهور يضحك، كان هو بدوره يضحك بصوت أعلى من الآخرين، حتى لو لم يفهم شيئاً ممّا يضحكهم.

بعد القدّاس وفقاً لما يجري أيضًا في مديوغوريه، عرض الأب أنطونيللو القربان المقدّس على المذبح وأحيا صلاة سجود. ثمّ أمسك بالقربان وحمله عالياً في زياح داخل الكنيسة المكتظّة في ذلك المساء. كان الأب أنطونيللو يبارك كل مجموعة من الحضور بالقربان الأقدس، ملتمسًا من يسوع أن يلمس قلب وجسد كلّ واحد منهم. لاحق الصبي الكاهن بعينيه وسأله أمّه: “لماذا يحمل الكاهن الشمس وما هذا الأبيض في وسطها”؟

 

11

 

“لماذا يحمل الكاهن الشمس وما هذا الأبيض في وسطها”؟

لدى وصوله الى محاذاة سابينا، لاحظ وجود الصبي الصغير بدون شعر، هزيلاً ومتلصقاً بأمّه. اقترب الأب أنطونيللو وبارك الطفل ووضع فعلاً القربان على جبينه. انهار فريدريكو وطلب أن يتمدّد على الأرض. لم تفهم سابينا شيئاً مما يجري غير أنّ فديريكو رقد نائماً . فتركته أمّه ينام فيما كانت الصلاة تستمرّ في الكنيسة.

بعد مضيّ ساعة، وفيما كان الكاهن ينهي الزياح وينشد لحن الختام، استيقظ الصغير وهتف لأمّه: “أمّاه، كم هو ظريف هذا الكاهن! إنه يحرق حين يلمس!… أشعر يا أمي بنار في رأسي”!

غير أنّ سابينا لم تعر اهتمامًا لكلمات ابنها. ولكنّها دُهشت لرؤيتها فديريكو يكرّر الشيء نفسه خلال الليل وفي اليوم التالي: “أمّي، إنّ النار تتأجّج في رأسي. ثمّة نار في رأسي”!

عند ذاك خافت سابينا، حتى مع تأكيد فديريكو لها أنّ ذلك لا يسبّب له ألماً. قرّرت العودة الى معهد السرطان حيث خضع الصبي للتصوير الشعاعي من جديد. عندما عاين عامل الأشعّة الفحوصات، اضطرب جداً وسأل الأمّ: “سيّدتي، ماذا فعلتِ؟ من أجرى جراحة لهذا الولد؟ أجابت: “لكن يا دكتور، لم تُجرَ له أي جراحة. العامل: “لقد أُجرِيت جراحة لهذا الصبي، هذا واضح!”

في الواقع دلّت الفحوصات الشعاعية أن الأورام الستّة قد زالت تماماً! لكنّها لم تتلاشَ بسحر ساحر: ففي موضع كل ورم من الأورام الستّة، ثمّة ندبة مع نقاط تقطيب تُثبت أن يد جرّاح ماهرة قد عملت على استئصال تلك الأورام. والحال أنّ ثلاثة من تلك الأورام كانت غير قابلة للإستئصال وفي موضع من الدماغ شديد الليونة بحيث يتعذّر تقطيبه!

أدركت سابينا، أخيراً ما جرى… وليفكر الطبيب ما يحلو له. فيما يخصّها لقد فهمت! استعادت في ذاكرتها كلمات فديريكو خلال الساعات الثماني والأربعين الأخيرة، منذ بركة الكاهن: “أمّي، ثمّة حريق في رأسي. ثمّة نار داخله.” لم تكن تعلم أن يسوع، خالقها، هو الأبرع بين الجرّاحين…

اليوم فديريكو عمره 6 سنوات، هو يلعب، يركض، يقفز، ويرتكب حماقات… ويتمتّع بصحّة جيّدة! لامسه يسوع من خلال القربانة الصغيرة البيضاء وسط “الشمس”!

أما سابينا فقد أخلت دموع اليأس مكانها لدموع الفرح وقالت: “شعرت بأنّ يسوع حيّ وأنّه معناوأنّه شفى ابني. أشكر الله كل يوم من أجل فديريكو الذي استعاد صحّته وقواه. حالياً هو في السادسة من عمره، يطفح سعادة. يرفع كل يوم عينيه نحو السماء، ويرسل من يده الصغيرة القُبلات الى يسوع، كأنه يعرفه منذ الأزل! يسوع صديقه المفضّل. أشكر يسوع أيضاً والروح القدس لطول صبرهم نحوي. أتاحوا لي هذا الإختبار العسير كي أتحقّق أنّهم الى جانبنا وأن الكنيسة هي نحن!

 

12