IMLebanon

لهذه الأسباب تناقض الفدرالية وجود “حزب الله”

hezbollah

 

 

 

كتب عمّار نعمة في صحيفة “السفير”:

عندما أعلن رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون تأييده للفدرالية في لبنان، كان بذلك يؤسس للقضية الخلافية الجدية الأولى مع «حزب الله».

وإذا كانت نقاط الاختلاف بين عون و «حزب الله» عديدة في «السياسة»، فإن طرح الفيدرالية يعد عاملا خلافيا عميقا بين «التيار الوطني الحر» والحزب.

الطرح الذي قدمه عون، في العام الماضي، ولم يكرره منذ ذلك الحين، يبدو انه يتجدد مع كل أزمة سياسية تطال الوضع المسيحي الذي يرفع «الجنرال» لواء حفظ حقوقه، فيلجأ الزعيم المسيحي الأول الى التلويح بهذا السلاح مع كل أزمة داخلية، في رسالة واضحة ربما الى الحليف قبل الخصم.

ولعل الخطير في الأمر ان رغبة عون هذه تتقاطع مع رغبة «قواتية» دفينة بدأت في الحرب اللبنانية ولا تزال راسخة في بعض العقول.. كما تتقاطع مع قبول «كتائب» سامي الجميل بالموضوع، في ما يفسره البعض على انه رغبة مسيحية عامة بالانزواء عن الطوائف اللبنانية الأخرى، لأسباب سياسية واجتماعية وثقافية وديموغرافية.

ويعيد بعض المراقبين لمواقف «حزب الله»، التسريبات العونية المستجدة حول الفدرالية، الى «تذمر» عوني مما آلت اليه أمور المسيحيين، في الرئاسة والسلطة السياسية والقانون الانتخابي. يأتي ذلك في ظل اتهامات توجه الى «حزب الله» برغبته الدفينة بالانخراط في مشروع فدرالي في المنطقة، ربطا بما يخطط للجغرافيا السورية من الباب الكردي الذي يفتح المنطقة على مخاطر اعادة رسمها من جديد.

ويقول أصحاب هذه النظرية إن الحزب سيكون مستفيدا من «فدرلة» المنطقة وحتى من تقسيمها، فيحتفظ بذلك بسلاحه ويتحصن في «كانتونه» المذهبي الذي سيتماهى بطبيعة الحال مع «سوريا المفيدة»!

واذا كان اتفاق الطائف قد لحظ اللامركزية الإدارية، فإن عون قد ربط بينها وبين الفدرالية، معتبرا اياهما أمرا واحدا، ما يعتبر المراقبون انه أمر خاطئ. ويقول هؤلاء ان ثمة اختلافا كبيرا بين اللامركزية الإدارية (والمالية كما ورد في تفاهم معراب) والفدرالية. فالاولى، إنمائية، والثانية سياسية، تلحظ مؤسسات ذاتية في اطار السلطة الدنيا التي تلتزم بالمؤسسات العليا للدولة، ولكنها، في الواقع اللبناني، قد تمهد الطريق نحو نظام كونفدرالي يفتح الأبواب نحو التقسيم والانفصال، وهي أمور لا تتم بشكل سلمي، بل عبر عملية انتقالية لن تكون الصراعات العسكرية غائبة عنها.

ولعل ما يُطرح اليوم عبر تسريبات «التيار» يناقض «وثيقة التفاهم» بين «التيار» و «حزب الله» التي اكدت على استقلال لبنان وسيادته وهي الوثيقة التي لا يمل «حزب الله» من الدفاع عنها والتي اتخذت من اتفاق الطائف، الذي يلتزم به الحزب، مرجعية لها. إذ، بالنسبة الى «حزب الله»، فإن لبنان هو وطن نهائي لجميع أبنائه، والحزب ملتزم الى النهاية بحدود الوطن اللبناني كما بمؤسساته.

من ناحية ثانية، ثمة استحالة لنظام فدرالي في لبنان، اذ ليس ثمة فرز ديموغرافي طائفي ومذهبي واضح فيه، بل ثمة تداخل في مناطق الطوائف، وان كانت هناك غلبة لطائفة ما في منطقة معينة.

والحزب، إذ يرفض منطق «الفدرلة»، يعتبر أن أي تقسيم جغرافي في المنطقة ستصب نتائجه حتما لمصلحة إسرائيل. هذا من ناحية، أما الناحية الأخرى، فان شعبية «حزب الله» تنطلق من بيئة شعبية شيعية بالدرجة الأولى منتشرة على كامل مساحة لبنان، ولا يمكنه بالتالي أن ينحصر في منطقة معينة وان يتقوقع فيها.

وما يسري على الحزب، يسري على ميشال عون. فالدعوة الى الفدرالية من شأنها ان تسحب البساط الشعبي من تحت قدمي «الجنرال»، ذلك ان «التيار الوطني الحر»، الذي رفع على الدوام الشعار الوطني العلماني العابر للطوائف والمناطق، سيفتح الباب واسعا امام التيارات المتطرفة على الساحة المسيحية لتتصدر المشهد بعد سنوات طويلة من مناداتها بتقسيم البلاد ومعاداتها للشركاء في الوطن.

على ان المراقبين يستبعدون أن يمضي «الجنرال» في دعوته الى «الفدرالية»، ويشيرون الى ان عون لم يلجأ اليوم الى إعلان رغبته هذه منذ أن تراجع عنها العام الماضي، وهو، اذا كرر استعماله هذا السلاح، فإنه سيجد «حزب الله» مضطرا الى التنصل من أية دعوة إلى الفدرالية. ذلك ان الحزب، مع مراعاته لوضع الحليف ورغبته في الظهور بمظهر الحاضن وليس الذي يملي شروطه على الآخرين، سيجد نفسه مضطرا الى الإعلان عن رفض اية دعوة من هذا النوع طالما انها تتناقض مع أبسط مبادئ الوطنية اللبنانية.