IMLebanon

جنبلاط سينضم إلى “العرابين”: نعم للجنرال

walid-jumblatt

 

 

كتبت كلير شكر في صحيفة “السفير”:

باكراً، رفع وليد جنبلاط يديه استسلاماً لمشيئة المسيحيين في اختيارهم لمن سيُولَّى كرسي الموارنة في بعبدا. صحيح أنّه وضع ورقة هنري حلو على الطاولة، ليبقي ترشيحه صامداً، ولو رمزياً، لكنه فعلها هرباً من تجيير صوته في لحظة اصطفاف صعب، لمصلحة فريق ضدّ آخر.

وحين التقى خصما التاريخ والجغرافيا، ميشال عون وسمير جعجع على تزكية الأول، اختار سيد المختارة أن يلين أمام عاصفة التفاهم المسيحي، لا الوقوف بوجهها.

لم يكن جنبلاط يناور أو يبيّض صفحته مع مَن تخاصم وإياه عقوداً من الزمن، عندما قال قبل سنة إنه لا يمانع انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية.

بدا الزعيم الدرزي مستعداً للتعاون في حياكة شبكة أمان تحمل «الجنرال» من الرابية الى بعبدا. المهم إبعاد الشغور عن القصر الجمهوري مع ما صار يحمله من تحديات ومخاطر.

غير أن ملاقاة الرياح الرئاسية التي هبت من معراب، قبل أن تصل الى بيت الوسط، لا تعني بالضرورة إفلات الأيدي مع نبيه بري «حليف السراء والضراء». لا يزال الأخير معترضاً على التفاهم الثنائي الذي طرزه جبران باسيل ونادر الحريري، ويفترض أنّ «حزب الله» يشتغل على خطّ ترطيب الأجواء بين الحليف و «حليف الحليف»، ليكون رئيس المجلس، بالتكافل والتضامن مع سليمان فرنجية، جزءا من تفاهم واسع يحمي «العهد البرتقالي».

هكذا، يُبقي جنبلاط «أجراسه» صامتة. يتحصّن بالتريث و «طول البال». يترك أوراقه مغلقة تحت عنوان التشاور مع فريقه النيابي والحزبي.

وفي انتظار جلسة الاثنين، شغل وليد جنبلاط اللبنانيين بـ «شبكة التسالي الافتراضية» اليومية عبر فضاء «تويتر»، المكان الأحب الى قلبه للتعبير عن «خربشات سوريالية» تُغرِق متتبعيها في متاهات معقدة. ظاهرها واضح وباطنها مغلّف بـ«الغموض البناء».

يقول مثلاً إن الفرج قريب بينما الصورة المرفقة بالتغريدة تظهر عروسين متعانقين ويكادان يقعان في الهاوية. أو يعلن قبلها إن كلمة السر قد وصلت مع دعوته لله حتى «يسترها». منذ يومين، نشر صورة تظهر طريقاً وعرة قال عنها إنّها «الطريق الأخضر الى بعبدا». وأمس وقعت أصابعه على صورة للطبيعة أرفقها بتعليق «الطبيعة جميلة لكن لا بد من المطر والثلوج. والأمور هادئة».

على الحلبة لا يزال سليمان فرنجية مرشحاً، وبمقدوره أن يجذب كل صوت معترض على وصول «الجنرال» الى بعبدا، وأولهم بري. وهناك هنري حلو «المرشح الأفلاطوني» في «الجمهورية الساقطة».

هكذا، استحضِر مشهد انقسام «اللقاء الديموقراطي» في كانون الثاني 2011، يوم استعاد صيغة «جبهة النضال الوطني» بعدما توزعت أصوات «اللقاء» بين نجيب ميقاتي وسعد الحريري، فسمى كل من مروان حمادة وفؤاد السعد وانطوان سعد وهنري حلو رئيس»تيار المستقبل» لرئاسة الحكومة. وتردد أنّ المشهد ذاته قد يتكرر يوم الاثنين.

بمهذا المعنى، قد يتمسك كل من حمادة والسعد بموقفهما الرافض لعون، ويلتزم النواب الحزبيون بما سيقرره رئيسهم، وهم أكرم شهيب، علاء الدين ترو، غازي العريضي ووائل ابو فاعور. كما يبقى هنري حلو ونعمة طعمة وايلي عون تحت عباءة رئيس الكلتة أيضاً، فيما أعلن انطوان سعد في بيان أنه يسير بقرار جنبلاط، في ضوء إصراره على الترشح للانتخابات النيابية وحاجته الى الرافعة الدرزية ـ السنية في البقاع الغربي.

وفق «الزوم أوت»، تتلخص اعتبارات الزعيم الاشتراكي بين حرصه على إبقاء جبهة التحالف مع نبيه بري قوية، وتحسين العلاقة مع سعد الحريري لاستيعاب الحالة السنية في اقليم الخروب تحديداً، وعدم الدخول في مواجهة مع المسيحيين، شركاء الجبل أيضاً، ورفضه إلزام النواب ممن يعارضون خيار ميشال عون مخالفة قناعاتهم… وأخيراً احترام ترشيح صديقه هنري حلو… ولكن الأهم من ذلك كله اتمام الاستحقاق الرئاسي.

بذلك، بدا أنّ الخيارات لم تقفل أمام «البيك»، خصوصاً أنّه يعرف تماماً أنّ معركة «البوانتاجات» شغّالة بقوة بحثاً عن أي صوت، سواء من جانب العونيين أو معارضيهم، وذلك في ضوء التفكك الذي يصيب «كتلة المستقبل» النيابية.

ومع اصراره على الإمساك بيديّ حليفه «أبو مصطفى» الا أنّهما سبق وتفاهما على تفهّم بعضهما بعضاً. وبهذا قد ينضم الرجل الى قافلة عرّابي العهد اذا ما جرى التفاهم معه… والا فإنّ الورقة البيضاء قد تفعل فعلها في الجلسة.

قبل أيام كان موعد «اللقاء الديموقراطي». أمس، كان دور «الحزب التقدمي الاشتراكي». لقاء تشاوري ثانٍ يسبق «قمة» منتظرة بين «البيك و «الجنرال». لم يقل جنبلاط كلمته النهائية، ولا بد من اجتماع جديد وقريب لكتلة جنبلاط، يذهب بعدها «اللقاء» صوتاً واحداً الى جلسة الاثنين، وفق النائب غازي العريضي.

همس الساعات الأخيرة يوحي أن «البيك» يمهد الطريق أمام وصول «الجنرال» الى القصر بأصوات «الجنبلاطيين» أيضاً.