IMLebanon

مناهضة العنف الصامت

violence-woman-1

 

 

كتب فيليب لازاريني المنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان ومنسق الشؤون الإنسانية: 25 تشرين الثاني هو اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، واليوم الأول من حملة الـ16 يوماً من النشاط لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، والتي تنتهي في 10 كانون الأوّل يوم حقوق الإنسان.

إن العنف القائم على النوع الاجتماعي يطالُنا جميعاً من نساء وفتيات، رجال وفتيان، بغض النظر عن العمر، والعرق، والخلفيّة الدينية، والجنسيّة. ولبنان ليس استثناءً عن هذه الظاهرة.

كَوني أباً لثلاث فتيات صغيرات، أشعر بالقلق في كلّ مرّة أسمع فيها عن حالات عنف داخل الأُسرة. لهذا النوع من العنف القائم على النوع الاجتماعي تأثيرٌ هائل على الأطفال، الذين هم نوعين، إما ناجين من هذا العنف، أو شهودٍ صامتين عليه. ففي مسحٍ أجري في لبنان في عام 2016، أجاب 44 بالمائة من المستطلعين أنهم يعرفون ناجين من عنف أسري، إلا أن 32 بالمائة منهم قالوا إنهم لا يتدخلون في حالات مماثلة لأنهم يعتبرونها مسائل خاصة.  لا يجب أن يكون المنزل العائلي مكاناً صامتاً عن العنف. المنزل العائلي هو مكان للحب، والحماية، والتنشئة.  نحن لا نساعد عائلاتنا ومجتمعاتنا المحليّة إذا ما بقينا على صمتنا وحجبنا نظرنا عن الواقعة. مُهمّتنا أن نساعد أفراد عائلاتنا والجيران متى رأيناهم يُعانون بصمتٍ.

في الأعوام الأخيرة، اتخذ لبنان خطوات هامّة لمعالجة هذه المشكلة. ففي عام 2014، أقرّ القانون 293 أي قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، وهو الذي يُلزم الشرطة والقضاء بواجب حماية الناجين من العنف ومساعدتهم على الإبلاغ عنه. الخبر السارّ هو أنه منذ صدور هذا القانون، ازداد عدد الناجين الذين شعروا بثقة وأبلغوا عن حالات عنف أسري.  هذا القانون يتيح للقضاة حق إصدار أمر بتأمين الحماية للناجين من العنف الأسري داخل منازلهم وبالتالي عدم السماح للجاني بالدخول إلى المنزل مرّة أخرى. إذا صدرت أوامر تأمين الحماية بشكلٍ منتظم وتمّ تطبيقها كما يجب، فهي ستترك أثراً حقيقياً على الناجين من العنف.

لكن المطلوبَ تنفيذه كثيرٌ. إن الأمم المتحدة وشركاءَها على أهبّة الاستعداد لدعم الناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي، ودعم الحكومة لبذل المزيد من الجهد لحمايتهم.

نحن جميعاً عناصر للتغيير، ويمكننا أن نقوم بالمزيد من أجل حماية هؤلاء من حولنا. وأعتقد أنه على المرأة أن تلعب دوراً خاصاً في هذا الإطار. في عام 1953، وضع لبنان قانوناً يجيز للنساء بالتصويت والترشح على الانتخابات. أنا أحَيي لبنان على ذلك. في بلدي، سويسرا، لم تكتسب النساء حق التصويت قبل عام 1971. ولكن على الرغم من إنجاز لبنان هذا في وقت مبكر، فإن 10 نساء فقط تمّ انتخابهن للبرلمان منذ ذلك الحين. لا يمكن إحداث التغيير بين ليلة وضحاها، إلا أنه ينبغي علينا اتخاذ خطوات لندخل المرحلة الانتقالية. يجب أن يتضمن القانون الانتخابي النيابي في لبنان كوتا نسائية بنسبة 30 بالمائة. اليوم، تشكّل النساء 3 بالمائة من البرلمان.

منذ العام 1996 والجامعات في لبنان تضمّ نساءً أكثر من الرجال. واليوم، تشكّل النساء نصف عدد الخرّيجين من العلوم الاجتماعية وإدارة الأعمال والحقوق. واليوم أيضاً، تشكّل النساء اللبنانيات أكثر من 60 بالمائة من عدد خرّيجي العلوم. مع ذلك، لا تزال النساء أكثر عرضة لأن تبقى من دون وظيفة، مع تسجيل معدل بطالة هو ضعفي عدد الرجال العاطلين عن العمل. أقل من 2 بالمائة من أرباب العمل في لبنان هن نساء، و8 بالمائة منهن فقط يشغلن مناصب كبار المسؤولين أو مدراء. أثبتت النساء اللبنانيات مهاراتهن ومعرفتهن في القطاع العام، فعلى سبيل المثال، أكثر من 40 بالمائة من قضاة لبنان هنّ نساء. هذه الأرقام تشير إلى القوّة التي تمتلكها النساء في هذا البلد.

علينا جميعاً أن نلعب دوراً ما لخلق مجتمع يضمن تمتّع النساء والفتيات بحريّة اختيار مستقبلهن، وقوّة ليتابعن هذه الخيارات، والوسائل اللازمة لحماية أنفسهن ومن حولهم. موضوع حملة الـ16 يوماً لهذا العام هو “حماية وتمكين النساء والفتيات: مسؤولية جَماعية”. ادعموني في نشر هذا النداء من اليوم فصاعداً، انطلاقاً من المنازل، إلى المدارس، فالجيران، وصولاً إلى الدولة.