IMLebanon

تقرير IMLebanon: هل تعود أسعار البنزين لتكوي جيوب اللبنانيين؟!

gasoline

 

إرتفعت أسعار النفط العالمية 13% بعدما أعلنت منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” أول قرار لتخفيض إنتاجها منذ عام 2008، وذلك بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا، كما وافقت روسيا على خفض إنتاجها بنحو ثلاثمئة ألف برميل يوميا.

وارتفع سعر العقود الآجلة لمزيج برنت من نحو 46.5 دولارا للبرميل إلى 52.5 دولارا للبرميل، غير أنه تراجع قليلا في وقت لاحق، وهو ما قد يرجع إلى عمليات بيع للعقود لجني الأرباح من هذا الارتفاع الكبير.

واتفقت “أوبك” في اجتماعها بفيينا على أن تخفض إنتاجها إلى نحو 32.5 مليون برميل يوميا بدءا من أول كانون الثاني 2017 لمدة ستة أشهر. ومن المقرر عقد الاجتماع المقبل للمنظمة في 25 أيار 2017 لتمديد الاتفاق ستة أشهر أخرى.

ولأنّ لبنان دولة مستوردة للنفط بنسبة 100% فسيكون لهذا القرار تداعيات كثيرة إذ بدأ يلوح في الأفق حديث عن امكانية رفع أسعار المحروقات، ما سيؤدّي الى أزمة في السوق اللبناني خصوصًا وأننا على أبواب فصل الشتاء.

فما هي تأثيرات وانعكاسات قرار “أوبك” على لبنان؟ وهل صحيح أنّ أسعار المحروقات سترتفع؟ وما الذي ينتظرنا في العام 2017؟

أسعار النفط ترتفع والبرميل لن يتخطى عتبة الـ70 دولارا

يشدد الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة في حديث لـIMlebanon على أن “هناك مشكلة اساسية مرتبطة بموضوع النفط الصخري فعندما ترتفع اسعار النفط العادي يعود النفط الصخري ليأخذ مجده وعندها ستعود الاسعار مجددا الى الانخفاض”.

ويضيف: “اذا سعر النفط ارتفع الى الـ60 دولارا فسيكون هناك انشاء منصات لاستخراج النفط الصخري في الولايات المتحدة الاميركية وسيبدا الانتاج بالارتفاع في الاسواق ما يعني ان العرض سيفوق الطلب وهذا الامر سيؤدي الى تخفيض السعر بشكل تلقائي”.

دول “أوبك” تستحصل على 40% من السوق العالمي اي نحو 30 مليون برميل في اليوم الواحد من اصل 83 مليون برميل، وهذه الدول لا تنتج بكل قدرتها الانتاجية وهكذا يتلاعبون بالكمية المنتجة ليؤثروا على الاسعار لتزداد ارباحهم، يشرح عجاقة.

ويلفت عجاقة  الى أنّ “اجتماع دول “أوبك” كان بالاساس من اجل الاتفاق على عدم الصراع على النفط، والهدف الاساسي هو تقليص الانتاج لبعض الدول، فاتفقوا بين بعضهم على رفع الاسعار لتخفيض الانتاج وهكذا لا يخسروا الاموال بسبب قلة الانتاج”.

“دول أوبك اتفقت تخفيض الكمية والتقدير الاجمالي وصل الى مليون ونصف برميل، مما سيؤدي الى رفع الاسعار، ولكن الاسعار في حال ارتفعت فسيرتفع انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة الاميركية، وإذا ارتفع انتاج النفط الصخري في السوق فهذا يعني ان الاسعار ستنخفض مجددا”، يقول عجاقة.

ويؤكد أن “عتبة سعر برميل النفط لن تتخطى الـ65 او الـ70 دولارا لان هناك آلية اقتصادية بحتة ستؤدي الى تخفيض السعر مجددا، وبما ان الشتاء على الابواب في اميركا وسيكون هناك طلب على المشتقات النفطية فمن المتوقع ان يصل سعر البرميل الى 70 دولارا، ولكن بمجرد أن نصل الى الربيع فالأسعار ستنخفض مجددا، والمنظومة النفطية الاقتصادية ستركب ولن نقدر على مواجهتها إذا لم يكن هناك تغييرا هيكليا”.

ارتفاع في أسعار البنزين!

من جهته، يؤكد المحلل النفطي ربيع ياغي في حديث لـIMLebanon: “نحن بلد مستورد بالمطلق لكلّ أنواع النفط ولا ننتج أيًا من المشتقاط النفطية، لذلك سنتأثر بشكل مباشر بالأسعار العالمية، فالأسعار مرتبطة بطريقة مباشرة بالسوق العالمي وبمجرد ارتفاع سعر مادة الخام فتلقائيا سترتفع اسعار المشتقات النفطية”.

وعن إمكانية ارتفاع سعر صفيحة البنزين يشرح ياغي: “صحيح أن الأسعار سترتفع ولكن أن يرتفع سعر صفيحة البنزين والمشتقات النفطية بشكل كبير فهذا الامر لن يحصل لأن الزيادة التي طرأت على الاسعار لا تتجاوز في المدى المنظور اكثر من 10%.

ويتابع: “السعر التقديري للبرميل كان 46 دولارًا وبعد اتفاق “أوبك” أصبح 52 دولارا وبالتالي سيترفع السعر ضمن تلك الحدود، وفي حال ارتفعت الأسعار باقصى حد 15% عندها سيرتفع سعر صفيحة البنزين ولكن بشكل طفيف اي بقيمة 1000 أو 1200 ليرة، وتلك الزيادة لن تحصل بدفعة واحدة لأنّ طريقة التسعير التي يعتمدها لبنان تقسم في الشهر أربع مرات أي كل اسبوع تصدر نشرة من وزارة الطاقة بالاسعار، والزيادة التي سنلحظها في المدى القريب ستكون مجزأة وعلى دفعات وليس دفعة واحدة”.

الدولة والمواطن في خندق واحد

من جهته، يرى عجاقة أن “لبنان سيشهد ارتفاعًا في عجز الدولة اللبنانية، وارتفاع البنزين ممكن ان يحصل ولكن ليس بطريقة مباشرة بل بطريقة مجزأة وعلى دفعات، فسيرتفع السعر تدريجيا”.

وفي ما يخص خزينة الدولة، فالخزينة ستتعرض لضغوطات كبيرة لاننا في اعوام 2014 و2015 و2016 وفّرنا من الدفع لمؤسسة كهرباء لبنان، لذلك رفع اسعار النفط سيرفع مساهمة الدولة بمؤسسة كهرباء لبنان ما يعني ان العجز سيزداد وبهذا المنظار اذا وصل سعر برميل النفط الى 70 دولارًا يمكن ان يصل العجز الى 1.5 مليار دولارا بالاضافة الى اننا على ابواب الشتاء”.

ولهذا الامر تداعيات على المواطن أيضا، فالمواطن مصروفه للطاقة يتمحور على عدة امور اساسية منها النقل التي يتكفل بمصاريفها بشكل كامل على حسابه، وهنا يمكن ان نرى تداعيات عدة منها رفع سائق الاجرة التعرفة والمدارس قد ترفع الاقساط بسبب الباصات والتدفئة.

الأسعار لن تكون كارثية

أما بالنسبة لأسعار النفط لعام 2017، فيلفت ياغي الى أنها “لن ترتفع اكثر من 60 دولارا بأحسن الحالات، فسعر البرميل سيبقى ضمن الـ50 و60 دولارا وليس اكثر، وبالتالي لن يصل سعر صفيحة البنزين الى 30 و40 ألف ليرة، فهذا الامر حصل فقط عندما وصل سعر برميل النفط الى أكثر 100 دولار”.

“بأسوء الحالات سيصل سعر البرميل الى 60 دولارا وعندها من المفترض ان يصل سعر صفيحة البنزين بأعلى نسبة الى 27 ألف ليرة، فالاسعار لن تكون كارثية بل عبارة عن اسعار سوق عرض وطلب ولن ترتفع بشكل خيالي”، يشدد ياغي.

البوادر العالمية سيئة

من جهته، يقول عجاقة: “بوادر أن يكون هناك تحسنا اقتصاديا عالمي ليست موجودة، والمضاربة في الاسعار ستبدأ لان هناك مخزونا يجب ان يصرف في السوق لذلك ستحصل المضاربات وهذا ما سيؤدي الى رفع الاسعار، فارتفاع اسعار النفط سيء للاقتصاد لان الاقتصادات عصبها النفط وعندما ترتفع الكلفة يقل الربح، والفاتورة الحرارية ترتفع عند كل الاقتصادات التي تستخدم النفط في المكنة الانتاجية”، يكشف عجاقة.

وتوقع عجاقة  أنه في العام 2017 اذا ارتفعت اسعار النفط سنشهد تداعيات سلبية من ناحية ارتفاع العجز ماليا واقتصاديا، ما يؤشر الى دخولنا في مشكلة كبيرة جدا.

وتمنى على العهد الجديد الاسراع بالخطوات الاصلاحية لكي يتخطى المواطن الازمات لاننا على شفير الهاوية وهناك مشكلة كبيرة سنواجها في العام 2017 بسبب ارتفاع الاسعار.

للاستفادة من الطاقة التكريرية

من جهته، أمل ياغي أن “نستفيد في يوم من الأيام من الطاقة التكريرية للنفط خصوصا اننا نملك مصفاتي نفط في طرابلس والزهراني كي لا تكون اسعارنا مرتبطة بالاسعار العالمية فقط وان يكون عندنا انتاجا محليا، وهكذا نحصل على بديل للاستيراد ويمكننا السيطرة على الاسعار وضبطها”.

“يجب الاستفادة من الخزانات التي نملكها عبر تحويل الطاقة الى استراتيجية تخزينية وهكذا اذا ارتفعت الاسعار لا يدفع المواطن الثمن بطريقة مباشرة إذ يمكننا بيع النفط باسعار منخفضة ونستفيد منها لحين انخفاض الاسعار العالمية مجددا”، حسب ياغي.