IMLebanon

“سكوت” مجلس الأمن يسرّع “سقوط” حلب

aleppo

كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:

في الأساس لم يكن متوقعاً التوصل إلى تفاهم جدّي بين وزيرَي الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف حول مسار الأمور في سوريا، وحول تصويب أميركي ما للرغبة الروسية القائمة، خصوصاً في شأن وضع حلب.

وتؤكد مصادر ديبلوماسية، أن هناك إصراراً لتقديم الحل العسكري على أي حل آخر. ميدانياً، هناك تقدم للنظام من جراء الجهد الروسي العسكري. من هنا يمكن فهم “الفيتو المزدوج” الروسي – الصيني الذي أسقط مشروع قرار في مجلس الأمن وأفشل صدوره، أي أن “الفيتوين” الروسي والصيني أفشلا حصول هدنة في حلب تمتد لسبعة أيام.

وإذا انطلقنا من ذلك، وحتى حصول حسم عسكري نهائي على الأرض، يبدو أن لا رجوع عنه، فإنه بات مؤكداً، وفقاً للمصادر، أن لا تقدم في الحل السياسي، وأن “الفيتوين”، جمّدا عملية التفاوض، وجمّدا كذلك عملية إخراج الناس المحاصرين إلى خارج حلب، إلى حين انتهاء العمليات العسكرية.

لا يوجد، بحسب المصادر، تفاهم جدّي أميركي – روسي. أساساً ما قامت به الإدارة الأميركية هو أنها تبنّت بشكل أو بآخر النظرة الروسية للحل في سوريا. فماذا يمكن بعد للإدارة الأميركية أن تقدّم، لا سيما وأنها في أيامها الأخيرة، قبل تسلّم الرئيس الجديد دونالد ترامب ولايته بعد نحو شهر و10 أيام. فضلاً عن ذلك، إنه بشكل عام تتفاعل الإدارة مع الرأي العام الداخلي، والرأي العام في الدول الحليفة الأوروبية لا سيما ما يحصل في الانتخابات الفرنسية وما يحصل في إيطاليا. كل ذلك يشير إلى أن لا قرارات كبرى متوازنة، وأن الحل العسكري يبقى هو الحل الواقعي.

ولا تستبعد المصادر، أن ينسحب الحلّ العسكري على مناطق سورية أخرى، وهنا تكمن خطورة الوضع. وما القصف على إدلب سوى دليل على ذلك. إنه تصعيد عسكري ضخم، وتعتبر حلب بحكم الساقطة عسكرياً، واستراتيجياً.

وفي مقارنة مع طريقة التعامل مع مشروع القرار السابق حول سوريا في تشرين الأول الماضي، فإن الصين لم تلجأ آنذاك إلى استخدام حق النقض. وحدهم الروس استخدموه. وهذا الأمر له أبعاده. ولا يمكن عزل “الفيتو” الصيني عن اتصال رئيسة تايوان بترامب.

السؤال هل ستخضع سوريا كلها للقصف من أجل دعم النظام؟ وماذا يريد الروس فعلاً؟

كما تستبعد المصادر، حصول ضغوط أميركية على الروس في عهد ترامب. حتى إذا فاز فيون في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، فإنه لا يتوقع حصول ضغوط فرنسية، لأن مقاربة فيون للوضع السوري مختلفة كلياً عن مقاربة الرئيس الحالي فرانسوا هولاند.

ترامب يقول إنه يريد مكافحة الإرهاب في سوريا. وإذا فهم أن الوضع في سوريا جزء منه مكافحة الإرهاب، فإن الأمر لن يختلف في الشكل والأداء عن موقف روسيا. ترامب خلال حملته الانتخابية أبدى إعجابه بالروس، لكن بعد الانتخاب توجد مؤسسات والتزامات وتوازن السلطات ما يحتّم استمرارية في الحوار بين مختلف الأجهزة في السلطة الأميركية.

لكن كل المؤشرات تقول إن توجهات ترامب ستكون مخالفة لمسألة التدخّل في سوريا، كما تقول إنه لن يصرف اعتمادات مالية للمعارضة السورية، ولن يعمل لبناء قدراتها. كما أنه لا يعترف بمعارضة معتدلة. بل يعتبر أنه يوجد إرهاب يجب مكافحته. وهذا الرأي إذا لم يتغير يكون متطابقاً ورأي الروس ورأي النظام أيضاً.

استفادت روسيا ومعها كل من النظام وإيران من الوقت المستقطع بين انتهاء ولاية الإدارة في واشنطن وتسلّم إدارة جديدة الولاية، في شأن أن لا تتجاوب مع أي طروح أخرى تخفف المعاناة السورية، وحتى الطروح الإنسانية منها، والتي حاولت واشنطن الضغط في اتجاهها. مثلما احتلت روسيا جورجيا بين انتهاء ولاية الرئيس جورج بوش الابن، وتسلّم باراك أوباما الحكم في 2008، موسكو في هذه المرحلة لا تريد التعاون مع الغرب حول سوريا. لكن أن تتعامل مع بقية المدن السورية التي تسيطر عليها المعارضة بالطريقة ذاتها التي تتعامل فيها مع حلب لن يكون متاحاً زمنياً في الوقت المستقطع، لأن ذلك يلزمه الجهد والوقت والاعتمادات المالية، إذ إن تكلفة القصف بالطيران باهظة، ولو أنها أدت إلى الربح على طريقة غروزني والأرض المحروقة. وفي السنة الماضية دخلت روسيا إلى أوكرانيا وقضمت منطقة القرم.