IMLebanon

أخبار رائعة من حلب! (بقلم يورغو البيطار)

 

(كتب يورغو البيطار)

 

لن تنزعجوا بعد الآن… ستتوقف أبدناكم عن الإقشعرار ولن تشعروا بالصدمة كثيراً. لن يستمر “قصف” الصور والفيديوهات المروّعة نحوكم، لن يستفزّكم التركيز على ما يجري هناك و”انتم لم يلتفت اليكم احد”، فحلب ستدخل غياهب السواد والنسيان.

قريباً جداً لن تسمعوا سوى رواية واحدة متقنة، ولن تختلط عليكم الأمور عما بحدث في تلك المدينة وسوريا بشكل عامّ ربّما. فالرواية جاهزة وبسيطة وتلبّي “عصرية” الاحداث العالمية والسياق الدولي، رئيس “لاطائفي” كان يحارب إرهابيين وانتصر عليهم بعد أن أخذوا السكان رهائن وفخخوا كل شيء حتى المدارس والأفران وحجزوا المساعدات الانسانية والغذائية كسلاح تجويع ومنعوا المدنيين من الرحيل متخذين منهم دروع بشرية.

ستتواصل فصول الرواية الملائكية بأن قوات هذا الرئيس البطل “الشريفة” لم تقضِ إلا على هؤلاء الأشرار وحمت “قدر ما استطاعت” المدنيين الذي تخلصوا أخيراً من نير الظلاميين و”التكفيريين”. اما البقية من هؤلاء القابعين في مناطق حوصِرت لسنوات فيعشقون ذلك الرئيس ونظامه وحلفاءه وميليشياته الآتية من بقاع الأرض شرقاً وغرباً بدءاً بالجيران الأقربين. وربما يكتمل المشهد بمسيرات ينظمونها تظللها الأعلام الرسمية وصور القائد المفدى والمرشد المشرف والقيصر المستشرس. لقد قالوا لنا منذ البداية ان المسألة تجمع للإرهابيين يجب القضاء عليها!

غابت الفيديوهات والصور من حلب. هنا الأخطر. فصول الإبادة تدخل التنفيذ النهائي. توصلوا لاتفاق لنقل من تبقى هناك بعد قتل وحرق من تيسّر لهم قتله وحرقه وسحله في الشوارع. صودف انهم اطفال ونساء. أضرار جانبية ولا بدّ او ربما كانت في استوديوهات قطر وتركيا أيضاً. من يدري ما يرتكبه الارهابيون في مخيلتهم؟!

لسنا بعيدين جداً في لبنان عن ذلك المشهد. نحن نعلم جيداً معنى العيش في الصمت والنسيان فيما الحقيقة مدفونة بجانبنا وتحت أسرّتنا. نحن أقرب الى حلب أكثر مما نظنّ. ها هم “زعماؤنا” يستعدون “بفخر” لمجالسة مشاركين بحصار وتدمير وحرق وقتل أهل الأرض، أهل حلب. سيجالسونهم ويناقشونهم في الاقتصاد والسياحة والأمن والحريات والدفاع والانتخابات ويتناسون خارج الغرف والطاولات الأهم. سيتناسون الكرامة. سيخترع المقاتلون معارك جديدة حتى الرمق الأخير وسيصمت “زعماؤنا” تحت حجج كثيرة أسخفها “حماية امن البلد”.

وحده سيل الدم المسفوك بالآلاف، بعشرات الآلاف، بمئات الآلاف قد يصل إلينا.