IMLebanon

بين صحة التمثيل والانتقام (بقلم بسام أبو زيد)

 

كتب بسام أبو زيد:

عاد الحديث بقوة عن قانون جديد للإنتخابات، وبرز كلام عن أن جدية سترافق بحث هذا الموضوع من أجل التوصل إلى الصيغة الجديدة قبل الانتخابات المقبلة التي يؤكد الجميع رفضهم أن تتم وفق قانون ال 60 المعدل.

هذا الكلام الذي تردد منذ العام 2009 أكثر من مرة يبقى بحاجة إلى ترجمة فعلية، وهو أمر لم يتحقق في كل المحاولات السابقة نظرا للخلافات الكبيرة بين الفرقاء السياسيين، ومحاولة كل فريق تجيير أي صيغة لمصلحته كي تضمن له العدد الأكبر من النواب في البرلمان. فهل تغير هذا الواقع اليوم مع انتخاب الرئيس والثنائية المسيحية وتشكيل الحكومة الجديدة؟

في الوقائع أن الثنائية المسيحية لا يمكن لأحد أن يتجاهلها هذه المرة في مطالبتها بقانون جديد للإنتخابات، إذ إن هذا التجاهل سيضعها في مواجهة سياسية وشعبية مع المجموعات الأخرى في البلاد وهو ما لا يستسيغه أحد. ولكن الإشكالية المطروحة في هذا المجال هو هل ستذهب هذه الثنائية إلى مفاوضات قانون الانتخاب باتفاق مسبق على صيغة للنظام الانتخابي والدوائر؟

حتى اليوم ما من شيء يؤشر إلى أن هذا الاتفاق حاصل، وبالتالي يجب على الثنائية المسيحية أن تسعى إلى تحقيقه، كي تواجه الأطراف الأخرى بالمنطق والتفاصيل الانتخابية القوية، وليس فقط بعنوان انتخابي يتضمن عبارة واحدة وهي: قانون انتخابي يؤمن صحة التمثيل.

إن عدم التوافق المسيحي على صيغة لقانون الانتخاب الجديد ستفرض تراخيا لدى الأطراف الأخرى في محاولة إيجاد هذا القانون، كما ستحاول هذه الأطراف وفي أي صيغة مستقبلية أن تحافظ على مكاسبها على حساب التمثيل المسيحي، بينما في الواقع يجب أن يستغل المسيحيون، وهذا أمر مشروع في السياسة، تصفية الحسابات بين الفرقاء الآخرين ولا سيما بين “حزب الله” وتيار المستقبل، كي يستفيدوا من صيغة تبعد الطرفين عن التدخل في اختيار النواب المسيحيين.

وانطلاقا من هذا الواقع المسيحي، لا بد من الأخذ بعين الاعتبار هواجس الفرقاء آخرين في لبنان، إذ إن المسيحيين لا يمكن أن يمروا مرور الكرام على الهواجس الدرزية، لاسيما وأن الاختلاط المسيحي الدرزي هو السائد في الكثير من مناطق الجبل. وبالتالي فإن تجربة الصدام بين الجانبين لم تكن أبدا لمصلحة المسيحيين ولن تكون. لاسيما إذا ما استمر التحالف الانتخابي بين تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وخصوصا في الشوف. وهنا يبرز دور لـ”لقوات اللبنانية” يمكن أن تلعبه في إطار الثنائية المسيحية، وهو إقناع “التيار الوطني الحر” بصوابية القانون المختلط المتفق عليه بين “القوات” والاشتراكي والمستقبل.

هذا الحلف الرباعي في حال حصوله، سيؤدي إلى إسقاط مبدأ النسبية الكاملة التي يسعى “حزب الله” لإقرارها، وهي تثير هواجس لدى جنبلاط والرئيس الحريري وعند بعض المسيحيين أيضا. وستضطر عندها الثنائية الشيعية إلى التجاوب مع الطرح المختلط، وهو ما كان الرئيس نبيه بري قد تبناه تحت شعار قانون جديد للانتخابات وصحة التمثيل.

عند الامتحان يكرم المرء أو يهان، هذا ما سينطبق على المناقشات الجديدة والأخيرة للتوصل إلى قانون جديد للإنتخابات، فإما أن تكون هناك إرادة فعلية لتأمين النسبة الأكبر من صحة التمثيل، وإما أن تكون هناك إرادة للإلغاء والتهميش من خلال الإبقاء على قانون ال 60، أو محاولة فرض قانون يعاقب أول من يعاقب تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي.