IMLebanon

بعد الرئاسة والحكومة.. “الإيجابية” تنسحب على “الموازنة”

 

كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:

فضلاً عن إنجاز قانون للانتخابات النيابية، فإن المهمة الأساسية المطلوبة من الحكومة بعد تشكيلها هي إقرار الموازنة العامة للدولة اللبنانية في أقرب وقت ممكن.

وتفيد مصادر ديبلوماسية ونيابية بارزة أن إقرار الموازنة يشكّل الركن الرئيسي لإطلاق عجلة الدولة، لتنفيذ كافة المشاريع المطروحة والمطلوبة، وتسيير الإدارة بصورة سليمة.

آخر موازنة للدولة أُقرّت كانت للعام 2005، وتم التصويت عليها العام 2006. ومنذ ذلك التاريخ ترسل الحكومات إلى المجلس النيابي مشاريع الموازنة وتبقى من دون إقرار. فإذا استمر الصرف على ما هو عليه في حال لم تقرّ موازنة فإن خطر إفلاس الدولة يتهدّد الجميع، وهو السقف الذي سيسقط على رؤوس الجميع من دون استثناء. وليس في اعتقاد المصادر أن هناك أي جهة تقف عائقاً أمام إقرار الموازنة، لأن الحؤول دون إقرارها يعني انهيار الدولة وإقامة دولة أخرى على قياس مَن لا يريد هذه الدولة.

وتؤكد المصادر أن الموازنة أكثر من أساسية، وعندما تُقرّ، يعني أن البلد يُطلق كل المشاريع، ويعيد ثقة الخارج به، وهذه الحكومة مؤهلة للقيام بذلك، بعد الشلل الاقتصادي والإداري الذي عانى منه لبنان وقيام هذه الحكومة يعني أنها أمام مسؤولية كبرى في هذا الإطار.

وتفيد المصادر أن أي مؤتمرات دولية مطروحة لدعمه سياسياً واقتصادياً لن تُعقد إلا إذا أقرت الموازنة، إذ عندها يصبح الخارج والدول والبنوك الممولة عبر القروض الميسرة أو غيرها على بيّنة من وضع لبنان المالي، بسبب الرقابة التي تضعها الموازنة تلقائياً على النفقات.

ومن ضمن إقرار الموازنة يُفترض إقرار سلسلة الرتب والرواتب. الآن لا أحد يعرف شيئاً عن عجز الموازنة فكيف يمكن أن يطلب لبنان من مؤتمر “باريس4″، الذي يتم البحث بانعقاده، تمويلاً لقطاعاته واقتصاده، من دون وجود موازنة. حتى أن مجموعة الدعم الدولية للبنان والتي لا تدعم بمخصصات مالية محددة، يُرتقب أن تنعقد في باريس في شباط المقبل ولبنان سيسمع من ممثلي الدول فيها ضرورة وجود موازنة في إطار عمل المؤسسات الضروري للدولة. وبالتالي كيف سيساعد المجتمع الدولي لبنان إذا لم يكن هناك وضوح مالي ووضوح في الرؤيا الاقتصادية لديه؟

المسؤولون الدوليون كانوا دائماً يقولون لرئيس مجلس الوزراء السابق تمام سلام وللوزراء أثناء زياراتهم الخارجية، إن الحكومة تعمل بلا موازنة، ويجب أن يشكروا الله أن الدول تساعد لبنان في ظل هذا الواقع.

لذلك، تعتبر المصادر، أن إقرار الموازنة يمثل أمل اللبنانيين لانطلاقة المشاريع الاقتصادية، وبقية المسائل تصبح تلقائية وثانوية. وتقول إنه يكفي تسييساً لعملية إقرار الموازنة، وكل الكلام في السياسة يبدأ بالموازنة، أي ما يتصل بالإصلاح ووقف الهدر والفساد، عبر مراقبة المداخيل والمصاريف. حالياً هناك تراكم يقتضي ضرورة إجراء ترتيب للضرائب بما يتناسب والوضع الحالي، وكان هناك دائماً لجوء إلى المجلس النيابي لتأمين نفقات استثنائية لقطاعات الدولة.

وتشير المصادر الى أن إقرار الموازنة هو بأهمية انتخاب رئيس للجمهورية، وبأهمية تشكيل الحكومة، وبأهمية الرغبة التي يبديها كل الأفرقاء بوقف الشلل في الإدارة والحفاظ على البلد. وإقرار قانون للانتخابات يجب أن يحله مجلس النواب، حيث أن في إدراجه مشاريع عديدة حول ذلك. وتأمل المصادر أن تنسحب الأجواء التوافقية على تمرير إشكالية الموازنة. وفي السياسة يمكن توقع حصول كل شيء، وبالتالي حصول تفاهم، بغية قلب الصفحة ووقف استعمال الإشكالية التي صنعتها بعض الأطراف في سياق الضغط السياسي.

حالياً من غير الواضح ما هي مخصصات الصرف لدى كل وزارة. لذلك، من المفترض أن تنتظم الأمور لا سيما وأن المواطنين يعلقون آمالاً كبيرة على العهد الحالي وعلى الحكومة، في تسيير شؤون البلد وإطلاق عجلة الاقتصاد، ومحاربة الفساد، فضلاً عن إجراء التعيينات والتشكيلات الديبلوماسية الشاملة، خصوصاً تشكيلات السفراء والترقيات لرتبة سفير، فضلاً عن تعيين المدراء العامين في إدارات الدولة.