IMLebanon

حماوة سياسية في لبنان خلف… الرداء الأبيض!

 

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية تقول: لم يحجب الرداء الابيض المترامي على قمم لبنان وسفوحه، مع تَساقُط الثلوج على ارتفاع 600 متر وما فوق، الحماوة السياسية الآخذة بالتصاعد في بيروت المنخرطة من رأسها حتى أخمص قدميْها في تركيب “بازل” انتخابيّ عبر مفاوضاتٍ ماراثونية بين القوى السياسية الأساسية بشأن قانون انتخابٍ من شأن نتائجه التحكم بالتوازنات في البرلمان العتيد، المقرَّر انتخابه في أيار المقبل.

ومع تسريب صيغةٍ للقانون المحتمل، الذي ينطوي على “شهياتٍ مفتوحة” و”قطبٍ مخفية”، ويعتمد النظام المختلط بين الاقتراع الأكثري والنسبي، بدتْ القوى السياسية الممسكة بزمام الأمور وكأنها تتّجه نحو “صفقةٍ” تتيح تَقاسُم البرلمان العتيد في ضوء موازين القوى الجديدة وما تضمره من مساوماتٍ تتصل بلعبة الأحجام في السلطة.

ويعكس اشتداد وطأة الوقت الفاصل عن الساعة صفر لتحديد وجهة قانون الانتخاب (أقل من ثلاثة أسابيع) الحماوة السياسية وما ينجم عنها من توتراتٍ، أصابتْ وللمرة الأولى التسوية السياسة الكبرى التي أنهت فراغاً رئاسياً استمرّ 30 شهراً عبر انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتشكيل الرئيس سعد الحريري حكومةَ وحدةٍ وطنية والتي يفترض استكمالها بالتفاهم على قانون الانتخاب.

ومن مظاهر هذا التوتر، المكتوم في جانبٍ منه والعلني في جانب آخر، يمكن التوقف عند أربعة معطيات ارتبطتْ بمجريات المنازلة المحمومة حول ترتيبات التوازن داخل السلطة عبر مناقشة ترسيمات قانون الانتخاب الجديد، وهي:

“القنبلة” السياسية التي كان فجّرها رئيس الجمهورية ميشال عون على طاولة مجلس الوزراء، وهي في مرمى رئيس البرلمان نبيه بري، والتي أصابتْ “شظاياها” الرئيس الحريري، وتمثّلت في اعلان عون استعداده للإحجام عن اتخاذ الخطوات الدستورية لانتخاب برلمان جديد في حال لم يتمّ التوصل الى إقرار قانون جديد، وتالياً اعتباره البرلمان القائم و”كأنه لم يكن” عبر تفضيله الفراغ في السلطة التشريعية على التمديد او إجراء الانتخابات وفق القانون النافذ.

واذا كانت الدوائر السياسية رأت ان ما ذهب اليه عون يشكل استفزازاً للحريري كشريكٍ على طاولة مجلس الوزراء وفي التسوية السياسية التي كان اعتبرها “مخاطرة كبرى” في حينه، فإن تلويح عون بنزع الشرعية عن البرلمان يشكل مشروع مواجهة مع الرئيس بري الذي لا يعكس “الردّ الناعم” على هذا التهديد حقيقة موقفه، وهو الذي يعتبر ان ما من شيء يمكن ان يؤدي الى فراغ في المؤسسة الدستورية الأمّ من حيث المقاربة الدستورية، اما في السياسة فان بري ومدعوماً من “حزب الله” فلن يسمحا بأي تشكيك بشرعية البرلمان ورئيسه “الشيعي”.

الانطباع المتزايد بأن الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط يتعرض لحملة “تصفية حساب” من أطراف عدة انتقاماً من دوره السابق كـ”بيضة قبان” في التوازنات السياسية التي جعلتْ الكفة تميل كما “يميل”، وتالياً وقوفه حاجزاً في مراحل عدة دون طغيان هذا الطرف او ذاك، على غرار ما كان عليه الوضع يوم شكّل رأس حربة “14 آذار” او حين مرّر الانقلاب على حكومة الحريري في 2011، اضافة الى إمساكه بالعصا من الوسط في الحكومات والبرلمان، وهي أدوار كانت تُغضِب حيناً المسيحيين واحياناً “حزب الله”، وتارة الحريري وطوراً خصوماً او حلفاء على حد سواء.

واذا كان جنبلاط يسلّم بتراجُع دوره في ضوء متغيرات كان أبرزها التحالف بين “الثنائية المسيحية”، اي “التيار الوطني الحر” (حزب عون) و”القوات اللبنانية” وانتخاب العماد عون بتسويةٍ شاركت فيها “القوات” و”حزب الله” والحريري وبضوء أخضر اقليمي، فانه بدا في هجومه الاستباقي على ما يُعدّ في شأن قانون الانتخاب وكأنه استشعر محاولةً للانتقام منه عبر تحجيم تمثيله النيابي، رغم ما يشاع عن تطمينات تلقاها من اكثر من طرف.

“نقزة” بعض الدوائر السياسية من محاولة “الثنائية المسيحية”، اي “التيار الحر” و”القوات اللبنانية”، السعي وبذريعة “التمثيل الصحيح” الى العمل على صيغ لقانون انتخابٍ، القطبة المخفية فيه هو إمساكها بـ”الثلث المعطل” في البرلمان (45 نائباً) بغية التحكم بالوقائع السياسية والاستحقاقات. وقد تَعزز هذا الاعتقاد، بحسب الدوائر عينها، من خلال الصيغ التي يتم تسريبها وتفضي في حصيلتها الى تمكين تلك الثنائية بالاقتراع او التحالفات من حصد “حصة الأسد” من المقاعد المسيحية، وسط أسئلة عن موقف القوى الأخرى المؤثّرة في اللعبة السياسية كـ”حزب الله” و”تيار المستقبل” بزعامة الحريري، إضافة الى مكوّنات مسيحية اخرى.

وإذ شبّه البعض “قانون جبران” بـ”قانون كنعان” نسبةَ الى رئيس جهاز الامني والاستطلاع السوري غازي كنعان ابان الوصاية على لبنان، فان شخصيات مثل النائب السابق فارس سعيْد سارعتْ الى “فتح النار” على الصيغة المقترحة كونها تعزز التخندق الطائفي وتفضي الى “حرب باردة” دائمة بين الطوائف وسط غلبة للطائفة التي تتمتع بـ”فائضِ قوةٍ” يمثّلها “حزب الله”.