IMLebanon

حركة أميركية لافتة في اتجاه لبنان

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: ينخرط لبنان في عمليةٍ سياسيةٍ مضنية لتفكيك “ألغامِ” ملفاتٍ داخلية مفصلية في سياق الجهود لمعاودة “تعويم” مقوّمات الدولة ومؤسساتها، كالمساعي للاتفاق على قانون انتخاب جديد تجنباً لخيارات كارثية كالفراغ في السلطة التشريعية او التمديد للمرة الثالثة للبرلمان الحالي الذي تنتهي ولايته في حزيران المقبل، والاجتماعات الماراثونية للحكومة لإقرار الموازنة “المعلقة” منذ نحو عقد من الزمن لضمان معاودة انتظام مالية الدولة.

ويَغْلب في بيروت “التساؤل” حيال ما ستؤول اليه المناقشات الكثيفة للاستحقاقيْن المؤجّليْن منذ زمن (قانون الانتخاب والموازنة) نتيجة ما يشبه “صراع الفيلة” الدائر حول طبيعة قانون الانتخاب، الذي من شأنه تحديد أحجام القوى السياسية – الطائفية في السلطة المنبثقة من البرلمان الجديد، والمجازفات المالية التي تنطوي عليها الموازنة في الحاجة الى مواءمتها بين شحّ الواردات وطوفان الأعباء.

وسط هذه الانشغالات التي تملي على العهد الجديد إحداث صدمة ايجابية لاسترداد تَماسُك الدولة وحيويتها، عادت بيروت الى دائرة الاهتمام الاقليمي والدولي، خصوصاً بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة ائتلافية برئاسة سعد الحريري في أعقاب نحو 30 شهراً من التخبط في الفراغ والشلل وتَراجُع مكانة لبنان في الخارج الذي اقتصر اهتمامه بالواقع اللبناني على ضمان بيئة مستقرة لاستيعاب نحو مليون ونصف مليون لاجئ سوري.

واذا كان لبنان باشر تطبيع علاقاته مع العواصم العربية من خلال تحرك من المتوقع ان يستكمله الرئيس عون، وكان شمل السعودية وقطر مصر والاردن، فان التحركات الخارجية في اتجاه بيروت سجلت انعقاد قمة لبنانية – فلسطينية اول من امس في مستهل زيارة تُستكمل اليوم يقوم بها الرئيس محمود عباس للبنان، اضافة الى حركة موفدين، ديبلوماسيين وعسكريين، الى لبنان.

وتترافق الحركة من بيروت وإليها مع تطور مفاجئ أرخى بثقله على مجمل الوقائع المتصلة بالوضع اللبناني، وتجلى بأجواء توحي وكأن الحرب بين “حزب الله” واسرائيل تقرع الباب من جديد رغم “الاسترخاء” الذي ميّز الحدود اللبنانية – الاسرائيلية منذ صمت المدافع في اغسطس من العام 2006 حين أخمد القرار 1701 حرباً استمرت 33 يوماً وعرفت بـ “حرب تموز”.

وشكلت “الايجابية” عنواناً للمحادثات اللبنانية – الفلسطينية التي توصلت الى خلاصات مشتركة في مقاربة أزمات المنطقة، والى تأكيد لبناني على الالتزام بإيلاء الجانب الانساني والاجتماعي في حياة اللاجئين الفلسطينيين الاهتمام الكافي، وتجديد الجانب الفلسطيني تأكيد احترام السيادة اللبنانية والتنسيق مع الدولة لمواجهة اي إخلال بالأمن قد يكون مصدره المخيمات الفلسطينية.

غير ان التفاهم بين السلطتين اللبنانية والفلسطينية لا يقلل من التحديات الأمنية الناجمة عن حال الفوضى في أكبر مخيمات اللجوء الفلسطيني في لبنان، اي مخيم عين الحلوة الذي يستوطن “عين العاصفة” منذ أعوام نتيجة تمدُّد التيارات المتشددة على حساب الفصائل الفلسطينية الأخرى، لا سيما حركة “فتح” التي تعاني إرباكات تنظيمية تنعكس على فاعليتها كعمود فقري للقوى الأخرى.

ولم تحرف “الحفاوة” التي حظي بها الرئيس محمود عباس في بيروت، الأنظار عن الحركة الاميركية اللافتة في اتجاه لبنان، والتي تجلت في الزيارة الاستطلاعية، الديبلوماسية والامنية لرئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس روبرت كوركر، الذي أثارت زيارته اول من امس لـ “خط التماس” اللبناني – السوري من بوابة مدينة عرسال انتباه الدوائر المراقبة في بيروت.

وبعدما غادر كوركر بيروت في أعقاب محادثاتٍ مع كبار المسؤولين عكست اهتمام الإدارة الاميركية بالاستقرار السياسي والأمني في لبنان وحرصها على تعزيز الجيش، يصل بعد غد الاثنين الى العاصمة اللبنانية قائد القيادة المركزية الاميركية الجنرال جوزف فوتيل على رأس وفد يضم عدداً من الجنرالات في مهمّةٍ لم تتضح طبيعتها بعد، رغم الطابع غير العادي لمجيء “فريق من الجنرالات” في لحظةٍ تشتدّ المواجهة الاميركية – الايرانية في المنطقة على خطين: المناطق الآمنة في سورية وعلى حدودها، والكلام الكثير عن حرب محتملة بين اسرائيل و”حزب الله”.